الصفحة الأساسية > آراء حرة > ثورة "الفلول" و"فلول" الثورة/عبد الله ولد محمد

ثورة "الفلول" و"فلول" الثورة/عبد الله ولد محمد

الجمعة 8 حزيران (يونيو) 2012  01:42

بين "ارحل" و"ابق" و"كُلّنا،" و"أَكَلَنا ،" ضاعت مفاهيم عدة للثورة والتغيير والشرعية في بلاد المنكب البرزخي ذي المناخ السياسي غير متمايز الفصول، رمادي الربيع، قطبي الصيف والشتاء. لا "الفلول" بيّنون ولا الثوار بيّنون وإنما البيّن هو ما بين الفريقين من غمة مشتبهاتٍ هي السواد الأعظم من البيْن البيْن:"الثلول" و"الفُوّار".

في مصر، منشأ مصطلح "الفلول"، يسمى كل ذي منصب سام في النظام السابق "فلاّ" وبالتالي، ولأن الأشياء تعرف بأضدادها، فكل المعارضين السابقين للنظام والمتسابقين اللاحقين لتركته هم ثوار وإن كانوا خمّلا، فيبدو أن جموع الثورة لا يشقى بها جلساءها. أما في هذه البلاد، فلا تبدو الأمور بتلك الدرجة من الوضوح. فبعد انتشار الوهج الثوري في العالم العربي أُلتُقِط مشعله الرمزي من طرف المتشاكسين في النظام السياسي المحلي معارضة وموالاة على السواء، في زمن وحم سلطوي و يأس نضالي، فأصبح غصن الثورة محل شد و جذب بين الطرفين.

سقطت تفاحة الثورة جاهزة في حضن المعارضة القاعدة الغافية في استراحة مناورٍ فلم يتأمل زعماؤها مليّا في قوانين الجاذبية النضالية التي حركت مسبار الانتفاضة الشعبية الشبابية التونسية ليخترق جدر الممانعة الديكتاتورية فيهوي بنواتها في سقوط حر. تلقفت المعارضة التفاحة وأرادت قضمها بغبرتها وقشرها ورطوبتها المتوسطية ونكهتها الزيتونية ولونها المخضب بدم البوعزيزي. أرادت قضمها استشفاءً من قضمة سابقة لتفاحة انقلاب أغشت 2 المحرمة بقشرها العسكري وملوحتها الدستورية، تلك القضمة التي لم تتجاوز الحلق فبقيت حارقة محرقة مقرحة ثم ملفوظة الآن طلبا لرحيل المسكوت عن ترحيله رئيسَه من القصر قصْرا آنذاك.

قفز زعماء المعارضة في عربة الحراك العربي الجارية جارّين بها عربة "ثورتهم" أمام ثور نضالهم، خاطفين الشعلة من الشباب في خرق لناموس الأجيال، ومضوا في كرنفال "ثوري" معتبرين أنفسهم جزءً من الثورة ومبشرين بنسائم ربيع محلي تطفأ حر سَموم الصيف العسكري فتوشحوا بقماش الثورة المستعمل وطفقوا يثنون ليّاته لتضخيم كور عمامة ثورية مرتجلة اللباس لا تناسب رؤوس معارضة ملثمة طوارق لكل أبواب السلطة قد استنفدت، في رحلة بحثها عن "مليون السلطة"، كل الوسائل بدءً بجمهور الشعب مروراً بالخيار بين إجابتي المشاركة أو احترام خيار الشعب وانتهاء بالاستعانة بصديق أخذ سكوتها عن الحق ولم يقدم لها سوى الكلام عن الحق.

أما الموالاة فقدت حاولت قلب السحر على الساحر فمضت في سياسة هروب إلى الأمام مسوّقة انقلاب أغشت كثورة عسكرية(!!)، ومعتبرة أن البلاد غير معنية بالحراك الثوري فللناس أن يتكلموا ملء أفواههم الفارغة وللساسة أن يستمروا في صراعات ديَكةٍ لا تُبقى عليهم من ريش الوقار السياسي زغبة، وللشباب من حملة الشهادات أن يبيعوا "توكه" و"بصام" و"تجمخت" و"الكارور" ويجروا عرباتهم لا يضايَقون لا يخافون صفعا إلا من شمس البلاد الحارقة، لهم إن شاءوا أن يحرقوا أنفسهم على مذبح القصر الرمادي لا يخافون بردا ولا سلاما من مطافئنا، لهم أن يتسوروا حائط مبكى الوزارة الأولى ويرتلوا كل أسفار الخطيئة الحكومية، لهم أن يعتصموا وأن يمتعضوا، لهم أن يتسمرّوا أمام سور الرئاسة حتي تسمر منهم الجلود وأن يتسامروا في جنبات المتاريس، لهم أن يتظاهروا جماعات فيفرَّقوا في الساحات والأزقة، أو أشتاتا فيجمَّعوا في مخافر الشرطة، ,,, فلمَ الثورة؟؟!!!!

هي إذاً ثورة التبس كنهها وكَثُرَ أدعياءها : ثورة فلول نظام العقيد أنفسهم بأنفسهم علي أنفسهم! وفلول ثورة شبابية الروح خارجية المنشأ بلبوس معارضة كهول محلية. والمحصلة: إفلات النظام من مأزق إحراج سياسي وإتلاف المعارضة لروح انتفاضة غير مسيسة لشعب فقد التفاؤل والتآلف وأفل نجم فأله وملّ الالتفاف على مطالبه حتى لفّ وسطه جوعا ... هي ثورة توارث للسلطة وثورة استئثار بالمعارضة أبطالها فلول ثوار وثوار فلول .. هي ثورة "ثلول" السلطة و"فُوّار" المعارضة .. ثورة ذرٍّ لرماد التهدئة من الأولى ولفلفل الفتنة من الأخيرة تعددت مصادر الرذاذ وعين الشعب المسكين واحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدة.

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016