الصفحة الأساسية > الأخبار > الفيضانات تشلّ الحركة داخل نواكشوط

الفيضانات تشلّ الحركة داخل نواكشوط

الأحد 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2015  16:17

  • منذ الزخات الأولى التي شهدتها نواكشوط في أوائل شهر أوت 2015 و المنطقة منكوبة إذ يعيش سكان ضواحي السبخة و المينا في حالة شلل تام جراء المياه التي أغرقت العاصمة. و بينما يتهاطل المطر بقوة على المدينة اتخذت سيارة التاكسي التي ركبتها مسلكا يؤدي إلى فندق "كومبي صالح" في حي البصرة.
  • ما إن نزلت من السيارة لأخذ بعض الصور حتى خاطبني صوت قادم من داخل البناية: "أنت إذا صحفي! ارجو أن تنقل بكل وفاء رداءة الأوضاع التي تراها. نحن نعيش في جحيم هنا. انظر إلى تلك المياه الراكدة، و أكوام القمامة التي تسبح فيها... لا أحد يأتي لمساعدتنا في هذه الأوضاع". و تشتكي آوا فال من غياب قنوات الصرف الصحي التي من شأنها أن تصرف هذه المياه الراكدة والتي قد تتسبب في نظرها في شتى أنواع الأمراض ثم تخاطبني مضيفة: "أنظر يا سيدي ! للوصول إلى منازلنا، نحن مضطرون لاجتياز هذه المياه الراكدة على أقدامنا. ليس هنالك تاكسي يقبل بالمرور من هنا". و عندما يتعلق الأمر بالذهاب إلى السوق يصبح الأمر أكثر تعقيدا بحسب هذه المرأة ذات الخمسة و الأربعين عاما التي تقول ايضا: "أطفالنا ينامون بصعوبة ليلا بسبب الحشرات التي تعيث فينا فسادا. و لا أتحدث عن الروائح الكريهة المنتشرة في الحي من جراء تلك المياه الراكدة ".
  • نتوغل قليلا داخل حي ناتاغ بالمينا حيث نلتقي مواطنا آخر أمام بيته اسمه ابراهيم وهو شرطي سابق. كان قد انتهى للتو من إفراغ الخزان الصحي الخاص بمنزله و صرف كل تلك المياه المستعملة نحو الشارع. و يبرر ابراهيم تصرفه هذا بقوله: "أعرف أن ذلك غير صحي و لكن ليس عندي خيار آخر، ذلك هو الحل الوحيد المتاح لمن يسكن مثلنا في هذا الحي إذ حتى لو توفرت لدينا النقود الكافية لكراء خدمات صهريج متنقل لخزن مياه الصرف المنزلية فإن استقدامه إلى هنا هو بمثابة سلسلة طويلة من العقبات". كما يؤكد ابراهيم أن الوضع في الحي على ما هو عليه منذ سنوات: "نحن مكبلون بالمياه الراكدة".
  • اقتربت منا زوجته تاكو لتحدثنا عن معاناتهم: " إن خنادق صرف المياه المستعملة هذه تمثل العديد من المخاطر بالنسبة لنا. فحفيدي الذي ترونه هناك غرق فيها ذات يوم و لحسن الحظ ركضت شقيقته الصغيرة إلى الداخل لتخبرني بالأمر فهرعنا إلى الخارج و انتشلناه و تقيأ كل شيئ. خلناه مات لكنه نجا لحسن الحظ. إنها معجزة لا أكاد أصدقها إلى اليوم".
  • غير بعيد عن مقر بلدية المينا، يكاد يبتلعنا منزل غمرته المياه. يرد علينا التحية شاب يدعى عصمان صاو لكنه يرفض أن نلتقط له صورة. قفزنا من فوق المياه حتى نتمكن من دخول غرفته و الاستماع إليه: "هل ترون هذه الفوضى؟ كان البيت ممتلئا بالماء و تلك الغرف الفارغة، لقد هجرها أصحابها الذين لم يعودوا يحتملون هذا الوضع".
  • و علّق مستأجر الغرفة الأخيرة قائلا: "عصمان لم يرحل بعد لكنه يتغيب منذ البارحة في انتظار أن يجف البيت. هل رأيتم تلك القطع من الآجرّ الموضوعة في الماء؟ لقد وُضعت هناك حتى يتمكن من الوصول إلى غرفته دون أن يتبلل. أما أنا فلا خيار لي غير البقاء. فأنا مدرّس في عطلة و أسكن هنا مع أصدقاء لا يستطيعون الابتعاد عن هذا المكان".
  • نفس المشهد في كل شبر من هذين الحيّين: طرق غير سالكة أو مقطوعة، اكتظاظ و زحمة سير، نقل عمومي أشبه بالكابوس، شبكة صرف المياه منعدمة... سكان السبخة و المينا لا يملكون سوى البكاء فالماء اقتحم عديد البيوت و قطع الطرقات في منظر موحش و رهيب.
  • مع ركود المياه، تعمّ الروائح العطنة و يعلو طنين الذباب و البعوض. صحيح أن السلطات المحلية و العامة تقوم من خلال الديوان الوطني للتطهير (ONAS) بعدة مبادرات لمساعدة سكان هذه الأحياء المنكوبة حيث تعبر شاحنات التطهير عدة مرات شوارع السبخة و المينا لامتصاص المياه الراكدة لكن هذه الوسائل تبقى للأسف غير كافية لمجابهة الإشكال.
  • رافقنا فرق ديوان التطهير في عملهم بالمينا . داخل المدرسة الإعدادية بالحي، عمال أقوياء يحاولون جذب محرك امتصاص المياه إلى المكان المناسب لتشغيله مستعملين في ذلك سيارة. في الأثناء، تقترب شاحنة الصهريج التابعة لديوان التطهير لتخزين المياه التي يقع امتصاصها. إنه عمل شاق بالنسبة لعملة يشتغلون تحت حرارة الشمس الحارقة. وهم ليسوا وحدهم ففي نفس الوقت يشيد عمال آخرون بناية المدرسة الجديدة بالمينا.
  • وسط ضجيج المحرك يحدثنا رئيس فرقة التدخل السريع بالديوان الوطني للتطهير، شيخ ولد سويدات فيؤكد أن فرقه منتشرة في الميدان على قدم و ساق منذ 2 أوت 2015 لتصريف المياه الراكدة في الأماكن العمومية من طرقات و عيادات و شوارع و أزقة و كذلك في المنازل التي تضررت كثيرا بفعل فيضانات نواكشوط.
  • و يضيف محدثنا: "الآن مع العودة المدرسيّة، تؤمّن فرقنا حملة خاصة لصرف المياه العالقة حتى يسهل الوصول إلى المؤسسات التعليمية بالعاصمة. من أجل ذلك وُضعت على ذمّتنا 25 شاحنة صهريج نشتغل عليها كل يوم من الثامنة صباحا إلى السادسة بعد الزوال و في حال هطلت أمطار غزيرة يتوقف العمل بحسب الدوام لنشتغل 24 ساعة على 24."
  • من جهته، يقول رئيس قسم المراقبة بالمجموعة الحضرية بنواقشوط (CUN)، محمد ولد حبيبي،أنه لا تتوفر لدى المجموعة الإمكانيات اللازمة لمجابهة الفيضانات و لا توجد حتى خطة للتطهير.
  • و يوضح ولد حبيبي أن المجموعة الحضرية بنواكشوط تعود بالنظر في هذا المجال للسلطات الحكومية التي هي بصدد انجاز دراسة لإيجاد حل جذري لهذا الإشكال. لكن ذلك، كما يقول، لا يمنعها من التدخل بإمكانياتها الخاصة إلى جانب ديوان التطهير لتصريف المياه الراكدة في مختلف أحياء نواكشوط.

dune-voices.info

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016