رئيس الجمعية الوطنية هو شخصية مهمة فى الدولة. وأكثر من ذلك فإن مسعود ولد بلخير هو أكثر من رئيس للغرفة السفلى فى البرلمان الموريتاني، بل إنه يشكل جزء من تاريخ موريتانيا السياسي المعاصر. لقد كان فى كل المعارك السياسية والاجتماعية منذ أكثر من أربعين سنة. يقود أحد أكثر الأحزاب تمثيلا فى المجتمع الموريتاني. وهو ما يحتم علينا الإنصات لمقترحاته. وقد تفتق ذهن الرجل فى الآونة عن فكرة تتمثل فى اقتراح حكومة وحدة وطنية. قطعا مثل هذه الفكرة ليست جديدة، لكن يجب أن ننظر من حولنا قبل أن نرفضها. لدينا تجربة مالي من حولنا التى هي فى طور الإنفجار، ونحن فى خطر من أن تجرنا وراءها. هناك القاعدة التى تجتاز حدودنا بحرية، وهناك الصحراء التى يمكن أن تنفجر فى أي وقت، كما أن هناك أيضا الثورات العربية التى طالت كل بلدان العالم العربي، والتى نعلم جميعا أنها يمكن أن تهوي بالدول إلى هوة سحيقة، وتوجد لدينا فى الداخل أزمات داخلية حادة لم تجد طريقها إلى التسوية: التعايش بين الشرائح المختلفة، وانعدام المساواة الفاضح، والجفاف، والحالة المدنية.. فكل هذه القضايا يجب أن تدفعنا إلى التفكير وإلى التوحد من أجل تجاوز هذه التحديات الظرفية.

للأسف فإن الحزب الحاكم ومعارضته فى المنسقية يرفضان أي نوع من التوافق الحقيقي. فالحزب الحاكم وحكومته يرفضون التنازل عن أنملة من السلطة. فهم يحتكرون السلطة لمناضليهم فقط.(ومن المعلوم أنهم يتظرون فقط انقلابا جديدا حتى يختاروا زعيما جديدا لهم). أما المعارضة الراديكالية فهي تراهن على إشعال ثورة تُرحّل الرئيس ولد عبد العزيز، وإن كانت أصبحت تدرك أنها لا تمتلك وسائل هذه الثورة.

مبادرة مسعود لم تجد تجاوبا لدى السلطة التى ترى أنها أنجزت ما عليها من خلال الحوار، ولا لدى المعارضة التى ترفض أي توافق مع السلطة التى لا ثقة لها بها، وهي تسعى لقلبها. ونتائج انعدام الرؤية هذا قد تجرنا إلى أن نظل أسرى لها فى الساحة السياسية، بل قد تجر البلد بكامله إلى متاهة.

فهل توجد شخصية وطنية قادرة على تحريك مواقف الأحزاب السياسية، وصنع توافق وطني. لقد كانت عملية اختيار أعضاء مقبولين من الجميع للجنة الوطنية للانتخابات بحد ذاتها عملية صعبة للغاية. لقد أصبحت الريبة والشك هي القاعدة فى البلد، وهو يفقد الثقة بالأشخاص بل قد يصل إلى أن يفقد الشخص الثقة بنفسه. فالثقة بالنفس هي أساس التنمية والسلام التى هي ضرورية لإنشاء حكومة وحدة وطنية.

Biladi N° 663

ترجمة الصحراء