الصفحة الأساسية > آراء حرة > لَوْثَةُ الأَسْمَاءُ الخَادِشَةِ للذًوْقِ العَام!!

لَوْثَةُ الأَسْمَاءُ الخَادِشَةِ للذًوْقِ العَام!!

الاثنين 22 شباط (فبراير) 2016  09:34

المختار ولد داهي، سفير سابق

اعلنت وزارة الإسكان و العمران و الاستصلاح الترابي خلال الأشهر الماضية عن إجراء مناقصة استشارية من أجل اختيار خبير أو فريق خبراء سيكلف بإجراء دراسة "تُوبُونِيمِيًةٍ" بموريتانيا ( و التُوبُونِيمْيَا" Toponymie"هي دراسة تاريخ و أصول و دلالات أسماء الأماكن و القري و التجمعات السكنية).

و لقد أحسن القائمون علي هذه الوزارة الاختيار ذلك أن الأسماء القديمة للأماكن ببلادنا تختزل تاريخا عريقا و تراثا تليدا و كنزا رمزيا فريدا في حين أصيبت معظم الأسماء الحديثة للقري و التجمعات العشوائية و الأحياء السكنية عندنا بفيروس "التقليد الأعمي" و "الاسْتِنْسَاخِ الأَعْرَجِ"!!

و لقد تمنيت أن تَحْذُوً وزارة الداخلية حَذْوَ وزارة الإسكان فتتخذ الإجراءات المناسبة من أجل إعداد دراسة "آَنْترُوبونِيمِيًةٍ" (الآَنْترُوبونِيمْيَا" Anthroponymie"هي دراسة أصول و تاريخ و دلالات أسماء الأشخاص). ويجدر ان تَسْتَكْنِهَ تلك الدراسة أصول و تاريخ أسماء الأشخاص ببلادنا و تقترح تطهير الحالة المدنية للبلد من لوثة الأسماء المستوردة و المُنتجة محليا الخادشة كليا أو جزئيا للذوق العام و التي منها مثلا لا إحصاء عددا:-

أولا:الأسماء المُمَجِدَةُ للاسترقاق و العنصرية: و من المعلوم أن بعض أسماء و ألقاب الأشخاص ببلادنا- و إن كان قليلا- يحمل شحنة دلالية تُمَجِدُ المجرم المُسْتَرِقً أو تذل الضحية المُسْتَرَقً أو تطفح بالعنصرية و الكراهية البغيضة و عليه يجب تحريم و تجريم تداولِ ذلك النوع من الأسماء و الألقاب الذي يمثل إحدي رواسب العبودية كما يجسد أحد منتجات "القومية السلبية الضيقة".

و للتوضيح يجب التفريق بين "القومية السلبية الضيقة" و"القومية الإيجابية المفتوحة"التي ساهمت و تساهم -فكرا مستنيرا و نضالا وَهًاجًا و عملا جامعا- في إحداث نهضة عاجلة بالمجتمع الموريتاني إلي مراتب العدل و المساواة و الازدهار...

ثانيا:الأسماء المخلدة للاستعلاء الطبقي و الفئوي و الشرائحي: ليس خافيا أن من الأسماء و الألقاب المتداولة لدي جميع أعراق البلد الأربعة (العرب، البولار، السوننكي و الوولف) – و إن علي تفاوت- ما يجاهر أو يستبطن الاستعلاء الطبقي و الفئوي و الشرائحي و عليه فإن الدراسة المرغوبة ينبغي أن تحصي هذا النوع من الأسماء و الألقاب و تُرَتِبَهُ حسب مؤشر الاستعلائية و تقترح الإجراءات المناسبة للقضاء عليه.

ثالثا:أسماء "الغزل الفاحش الماجن": من المتواتر عليه لدي المجتمع الموريتاني وجود مجموعة من الأسماء أغلبها أسماء النساء تُحيل إلي الغزل الماجن و أقصد بالغزل الماجن "الغزلَ الذي يحرك الغرائز الجنسية".

ومن المستعجل أن تتخذ الإجراءات المناسبة لتحريم إطلاق هذا النوع من الأسماء و الألقاب أو منع تداوله علي الأقل في الفضاء العام كالمدارس و الجامعات و المكاتب و الإعلام المرئي و المسموع و المقروء!!. رابعا:الأسماء المستوردة من مشاهير منحرفي الفن و السينما و الرقص و عرض الأزياء: و في هذا الإطار حدثني أحد المتابعين لقطاع التعليم أنه أجري مسحا حول الأسماء الأكثر انتشارا بين تلميذات المستوي الإعدادي و الثانوي بإحدي مقاطعات نواكشوط.

فوجد أن منهن عددا كبيرا مسجلٌ مدنيا و رسميا و معروفٌ أهليا بأسماء بعض مشاهير الانحراف في دنيا الغناء و الرقص و السينما و عرض الأزياء علي المستوي العربي خصوصا و العالمي عموما!!.

و الأغرب من ذلك أن من بين هذه الفئة بنات شرفاء و علماء و أُمَراءَ و صُلَحَاءَ و نُبَهَاءَ. كما أن من هؤلاء الشرفاء و العلماء و الأمراء و الصلحاء و النبهاء من يلقبهم أبناؤهم ب" Papa "و لو أنهم علموا أن تلك التسمية أصل أو اشتقاق لتسمية البَابَا " le Pape "الرئيس الروحي الأعظم للكنيسة الكاثلوكية لأُسْقِطَ في أيديهم و لكان لهم رأي و موقف آخر...!!

خامسا: الأسماء الإيديولوجية و الطائفية: ينتشر في بلادنا بشكل لافت إطلاق أسماء أعلام ورموز المدارس الإيديولوجية العربية و العالمية و المذاهب الطائفية الإسلامية علي الأبناء و حتي البنات!!.

و هو أمر لا يخدش الذوق العام مطلقا لكن فيه من السلبيات أنه نوع من "توريث الإييولوجيا و الطائفية"و "نقلها الفطري" من السلف إلي الخلف مما قد يسبب حرجا للمُوًرًثِ إذا كبر و اقتنع بمذهب ايديولوجي أو طائفي آخر فصار أمام خياري الكفران "بإيديولوجيا و طائفة الفطرة" أو التًقِيًةِ و الصبر علي خط فكري أو طائفي ما هو بالوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه!!..

كما قد يُسبب توريث الإييولوجيا حرجا للمُوًرِثِ الذي قد تتطور و تتغير قناعاته الإييولوجية أو الطائفية خلال مسار حياته فتكون تسمية الأبناء شاهدا ناطقا علي ماض ولاه ظهريا و يود أن يكون نَسْيًا مَنْسِيًا!! سادسا: أسماء الولاء السياسي الموسمي: يتندر الموريتانيون بسلوك بعض رموز "المجتمع الجديد" الذين يطلقون علي أبنائهم و بناتهم أسماء بعض الرؤساء و القادة الوطنيين أو أفراد عائلاتهم حتي إذا أَفَلَ نجم أولئك أُصيب الآباء و الأبناء بحرج شديد وسارعوا إلي تغيير الأسماء و هذا النوع من النفاق السياسي يَخْرِمُ المروءة و يَخْدِشُ الذوق العام و تجدر أن تنتبه له الدراسة المقترحة و تستشرف له الحلول الوقائية و العلاجية المناسبة.

تلكم بِزَعْمِي مبررات كافية لأخذ الحكومة قرارا عاجلا بإجراء دراسة "آنترونومية" تغوصُ في أصول و تاريخ و دلالات الأسماء الموريتانية التليدة و تحيي منها ما احتفي و اندرس و تُطهرُ الحالة المدنية الموريتانية الحالية من كل الأسماء القديمة أو المستوردة الخادشة كليا أو جزئيا للحياء و المروءة و حقوق الإنسان و الذوق العام...

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016