الصفحة الأساسية > آراء حرة > فَضِيلَةُ "الاِخْتِلاَفِ السِيًاسِيِ بِإِحْسَانٍ

فَضِيلَةُ "الاِخْتِلاَفِ السِيًاسِيِ بِإِحْسَانٍ

الخميس 14 نيسان (أبريل) 2016  08:47

المختار ولد داهي،سفير سابق

لا ضير في الخلاف السياسي فالأحادية و "التًطَابُقيًةُ" السياسية قَتًالَةٌ للمواهب مَزرَعَة للجمود و البَوَارِ والتقهقر بل إني من الذين يعتقدون أن سُمُوً السياسة و نبلها و فائدتها و متعتها و أناقتها وجاذبيتها إنما تتحقق في ظل "مُطَارَحَاتِ" التعدد و التنوع و "صدامات" الأفكار و الطموحات المجتمعية المقيدة بقاعدة "الاختلاف السياسي بإحسان".

و يُقصد بالاختلاف السياسي بإحسان " سعيُ كل الأطراف السياسية إلي الوصول إلي السلطة أو الاستمرار فيها عبر المنافسة و المُغَالَبَةِ الدائمة للأفكار و الآراء وفق ضوابط الشرع و القانون و النظم و الأعراف و الذوق السليم؛ و تؤدي تلك المغالبة دائما إلي زحام العقول و إنتاج أحسن المشاريع و الإصلاحات التي تضمن التطوير الدائم للمجتمع نحو الأفضل". كما أن من علامة صحة و عافية التشكيلات السياسة المتوسطة و الكبيرة وجود" التنوع السياسي الداخلي" الذي يعني "بروز اتجاهات رأي داخلية لَحظِيًةٍ و متحركة ( تتشكل غالبا حسب موضوع النقاش و التداول) و تُضفي مناكفاتُها علي النقاش الحزبي الداخلي حيوية و رؤية نقدية و مصداقية و ديمقراطية داخلية شريطة أن تظل تلك "المُعَاكَسَاتُ" تحت سقف القاعدة الحزبية الصارمة القائلة بأن الرأي الحر للمنتسب و القرار الملزم للحزب".!!

و المتأمل لواقع العلاقة بين أحزاب الموالاة و أحزاب المعارضة ببلادنا للأسف ملاحظ أنها خارجة علي قاعدة "الاختلاف بإحسان"قائمة علي عدم الثقة و التقاطع و التأزيم الدائم بسبب و بلا سبب فبعض أحزاب المعارضة لا تعتبر أحزاب الموالاة أكثر من "مقاولات مؤقتة للإشهار السياسي" و لا تحسبها ندا سياسيا آية ذلك اشتراطها أن يكون الحوار السياسي مع إحدي مؤسستي الرئاسة أو الحكومة و جهرها بأن أي محاولة لتكليف أحزاب الموالاة بملف الحوار دليل علي التمييع و عدم الجدية!!.

و بنفس الدرجة من الاستهزاء لا تعتبر أحزاب الموالاة بعض أحزاب المعارضة إلا مجرد نَوَادٍ للظلاميين و "أتباع الإيديولوجيا الآفلة" و المتقاعدين و الحاقدين و المستعجلين السلطةَ، القائلين بأنهم أحق بها و أهلها و المدمنين علي الكفر بمخرجات صناديق الاقتراع عبر التاريخ الديمقراطي التعددي للبلد، الضاربين عرض الحائط باستقرار البلد و أمنه و تماسكه ما لم تتحقق" أَخَالِيطُ أحلامهم"بالظفر بالسلطة علي البلاد والعباد!!.

أما المحلل للحياة الداخلية للأحزاب السياسية الموريتانية فلا شك مصاب بالدهشة و الاستغراب من كون معظم الأحزاب تطالب بالديمقراطية و تمارس الدكتاتورية داخل عمل هيئاتها الحزبية فكل محاولة للتنوع السياسي الداخلي مصنفة دائما نوعا من "الطابور الخامس" و "الموالاة أو المعارضة المقنعة" و لا تعدو مداولات الأحزاب الكبري موالاة و معارضة غالبا كونها نوعا من التصديق و المصادقة علي الأوراق المعروضة من دون تحسين و لا تطوير و لا تعديل"!!. إن واقع التجاذب السياسي الحالي العنيف بين الموالاة و المعارضة المتمثل في رواج استخدام "قاموس الخشونة اللفظية" المتبادل بين الطرفين بدأ يقترب حسب بعض المراقبين الحادبين المشفقين- و المشفقون مولعون مسكونون بسوء الظن- من مزالق العنف اللفظي الذي يمثل حسب التجارب السياسية الحديثة "طلائع" إمكانية التطور- لا قدر الله- إلي تهديد الاستقرار المجتمعي.

و سبيلا إلي تبديد تلك المخاوف أقترح أن تسارع إحدي الكتل السياسية إلي خَيرِ صياغة مشروع "ميثاق للاختلاف السياسي بإحسان"قد يكون من أهم بنوده تحريم استخدام مفردات الخشونة اللفظية بين الموالاة و المعارضة من مثيل (العصابة الحاكمة، زمرة المصفقين،الحاقدون المتقاعدون، رموز الفساد،...) و كذا سن تقليد إقامة "حفل عشاء سياسي" نصف سنوي بجمع رئيس أو رؤساء "تكتلات" أحزاب المعارضة و كبار معاونيهم برئيس أو رؤساء "اتحادات" أحزاب الأغلبية و أقرب مساعديهم...

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016