الصفحة الأساسية > آراء حرة > محمد ومسعود والأمل الأخير...

محمد ومسعود والأمل الأخير...

الأحد 22 تموز (يوليو) 2012  00:43

المصطفى ولد أمون

إن المتتبع للمشهد السياسي في البلد يدرك دون عناء مستوى الانسداد والاستقطاب السياسيين اللذين وصلت إليهما البلاد هذه الأيام,! لقد أصبح الخلاف والتنافر والتدابر والتنا بز بالألقاب, سمة المشهد السياسي في البلد, وأصبح كل الساسة في البلد سواء كانوا أغلبية أو معارضة, كل واحد منهم يغني على ليلاه دونما كلل أو ملل, وأصبح شغلهم الشاغل كيل الشتائم والاتهامات لخصومهم دون هوادة ولا مواربة,! لا يرقبون فيهم إلا ولا ذمة, ولا دينا ولا مروءة,!! فتحول البرلمان بغرفتيه الشيوخ والنواب, إلى حلبتي صراع مشتعلتين بسبب الهجوم والهجوم المضادْ! وكأن الشعب الموريتاني المسكينْ انتخب هؤلاء الشيوخ والنواب الأشاوسْ, ليصمُّوا آذانه بما لا طائل من وراءه من الجدال والسباب والعنتريات المصطنعة,!

فبدلا من أن يهتموا بمشاريع القوانين المقدمة إليهم من الحكومة وتمحيصها وتنقيحها, وتهذيبها وتشذيبها, وتمرير ما منها به مصلحة للشعب والبلد جميعا, ورفض ما يضر بهما معا, أقول: بدلا من أن يهتموا بما انتخبوا من أجله من مراقبة الحكومة وتسديد خطاها, بكل مسؤولية وتجردْ, بدلا من ذالك انشغلوا وشغلوا الرأي العام الوطني, بسجالات ومهاترات حامية الوطيس,! وكأنهم يريدون بذالك تحطيم أرقام قياسية, في موسعة (قينس) للأرقام القياسية!!! إن المواطن الموريتاني المسكين, وفي خضم ما تشهده الساحة الوطنية من مشادات ومهاترات سياسية وصلت في بعض الأحايين, إلى السب والشتم والتجريح والصفاقة المغرضة!! وما لا يليق بالمواطن البسيط تعاطيه من الأقوال والأفعال, أحرى بالساسة والمثقفين, أو ما يفترض بهم ذالك!!!

أقول: أصبح المواطن العادي يعاني مما تقدم من انشغال ساسته ونخبه بما لا فائدة ترجى من ورائه! إضافة إلى ما يطحنه من جفاف ماحق في هذه السنة الجدباء, وارتفاع الأسعار بطريقة صاروخية, وتدن مستمر في خدمات المياه والكهرباء والمرافق الحيوية كالصحة والتعليم, أصبح المواطن البسيط, بناء على ما تقدم بين مطرقة الجفاف والمخاطر المصاحبة له, وسندان انشغال ساسته بالسجالات والمهاترات العبثية والبائسة! مما ولد لديه حالة من اليأس والإحباط, يرثى لها, ولم لا؟ وهو يرى بأم عينيه قواده بدلا من البحث عن حلول عاجلة وناجعة, للمشاكل الحادة, والتي تطحنه وتسحقه دونما رحمة, أصبحوا بدلا من ذالك يكرسون جهودهم ورآهم, في تجاذبات عقيمة, وسجالات سخيفة, من قبيل (ارحلْ) لا (ترحلْ)!!! وكأنهم لم يبق أمامهم من هم دنوي أو أخروي, يستحق العمل والتفاني من أجل إنجازه سوى هذه المهاترات التي لا تقدم ولا تؤخر, (ولا تسمن ولا تغني من جوع) كل واحد منهم يتربص بخصمه الدوائر عساه يجد منه غرة أو فرصة سانحة, لينتهزها ضده بكل صرامة وبسالة,! وكأنهم في حرب بسوس مستعرة الأوارْ, لا تبقي ولا تذرْ,!!

عجبا لمثل هؤلاء القادة, وهم يدركون جيدا ما يحدق بوطنهم من مخاطر وتحديات داخلية وخارجية, ومن احتقان سياسي وتأزم اقتصادي, ولدا عند المواطن العادي يأسا وإحباطا منقطعي النظير,! ومع هذا يشتغلون بهذا الهراء الفارغ شكلا ومضمونا!!! ألا واحد منهم يؤنبه ضميره ولو للحظة قصيرة؟؟ ألا يحاسبون أنفسهم قبل فوات الأوانْ؟ (أليس فيهم رجل رشيد)؟؟ ألا يبصرون ما يحيق بوطنهم, من مخاطر الجفاف والنكوص الاقتصادي والثقافي والسياسي, وأخطر من ذالك وأدهى وأمر خطر القاعدة والإرهاب وما أدراك ما القاعدة والإرهاب؟؟

مما لا شك فيه أن منسقية المعارضة وصلت في علاقاتها مع النظام القائم والشرعي والمنتخب بطريقة نزيهة وشفافة باعتراف الجميع, غداة التاسع عشر يوليو ألفين وتسعة, أقول وصلت قطيعتها معه, نقطة ألاَّ عودة,! تجلى ذالك في مسيراتها المتكررة والمطالبة بالرحيل,! وكان آخرها مسيرة الثامن عشر يوليو الجاري, ولست أدري هل هذا التاريخ تقرر عن سابق قصد وإصرارْ,! أم هو محض صدفة عابرة؟؟ وكانت خطاباتها في هذه المسيرة نارية بما في الكلمة من معنى, لقد قال اعل ولد محمد فال الرئيس السابق: ما اعتبر تهديدا مبطنا لخصمه الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز حيث قال في خطابه بالأمس: إن استعمال القوة ليس حكرا على أحد,! وذهب أحمد ولد داداه إلى أبعد من ذالك حيث قال: لقد غيرنا منكر عزيز بقلوبنا وغيرناه بألسنتنا, وإذا استدعى الأمر تغييره بأيدينا فسنفعل!!

إذا المنسقية قطعت تماما شعرة معاوية بينها وبين الرئيس محمد ولد عبد العزيز! وهي تبدوا مقتنعة بما تفعل وماضية فيه إلى أبعد الحدود,!! بغض النظر عما تملك من حجج ورهانات,! أما الرئيس محمد ولد عبد العزيز وأغلبيته بدورهم, فهم ماضون في سبيلهم غير آبهين بما تقوله المنسقية أو تفعله, وكأن الجميع أغلبية ومعارضة اختلفوا في كل شيء, إلاَّ في التدابر والتوتير كل يعمل على شاكلته وبما يملك ويستطيع!!!

فبدلا من أن ينزل كل منهم من برجه العاجي ويسير خطوة بالتجاه أخيه, ليسير الطرف الآخر بدوره خطوتين في ذالك الاتجاه, سبيلا للتلاقي والتحاور من أجل إنقاذ الوطن مما يحدق به من مخاطر جمة وخانقة,, بدلا من ذالك تراهم وبكل تفان واستماتة, يدقون آخر مسمار في نعش التفاهم بينهم!! غير مكترثين بما يترتب على ذالك من كوارث ومطبات لا أول لها ولا آخر, ألا يحق لنا نحن المواطنين البسطاء وقد ضاعت حقوقنا في غبار المشاكسات المستمرة,!

وتكاد دولتنا تضيع لا قدر الله, في خضم سيل جارف من التجاذبات السياسية المقيتة! بين ساستنا أغلبية ومعارضة, ألا يحق لنا إذاً أن نسأل هؤلاء الساسة جميعا, ألستم معنيين بمصلحة هذا الوطن الجريح, بقدر ما أنتم معنيين بالصراع المرير على القيادة والكراسي؟؟ وهل لديكم وطن بديل تلجئون إليه إذا ما سقط الوطن لا قدر الله؟ ألا تحاسبون أنفسكم قبل أن تحاسبوا؟؟

ألا تهبُّون جميعا من أجل إنقاذ بلدكم مما يحيق به من مخاطر وتحديات, قبل ألا تكون ساعة مندم؟!! هل يمكن أن تبيعوا وطنكم في يوم من الأيام؟ وكيف ولمن وبأي ثمن يا ترى؟؟؟ ألستم أكثر وطنية من الشاعر الماضي الذي يقول في وطنه: [ولي وطن آليت ألاَّ أبيعه***وألاَّ أرى غيري له الدهر مالكا]؟! ألا ترون أن بيعه أرحم به وبساكنته, مما تقومون به من تدابر وتناحر, وتأزيم وتوتير؟ ألا يستحق إنقاذ الوطن التضحية بالأنفس والأموال, أحرى بالمواقف والرغبات؟؟

ومع هذا يبقى الأمل في الله كبير في تفريج الكروب, وتبديد الخطوب, ثم إن مبادرة الرئيس الوطني الشهم الأبي, رئيس الجمعية الوطنية ورئيس التحالف الشعبي التقدمي,الرئيس مسعود ولد بلخير لتعدُّ بارقة أمل نادرة, في هذا الليل المدلهم من الخلاف والشقاق, والسجالات والمهاترات! وإعجاب كل ذي رأي برأيه, بيد أن الرئيس مسعود لم يكترث بكل هذا وحمل مبادرة طيبة جامعة مانعة, إذا ما تعاطا معها الجميع بكل حكمة وتبصر... لقد حمل الرئيس مسعود مبادرته بكل أريحية وصراحة, معتذرا لكل من يقبل الاعتذار, واضعا الكلَّ أمام مسئولياته, لسان حاله قول القائل: (على المرء أن يسعى ويبذل جهده***وليس عليه أن يساعده الدهر)....

ومع أن الأطراف كلها لم تعلن بشكل واضح رفضها البات والقاطع, لمبادرة الرئيس مسعود إلاَّ أن المؤشرات توحي بذالك حتما,! لقد بذل الرئيس مسعود كلما في وسعه من أجل إنقاذ البلد ولمِّ شمل كافة مكونات طيفه السياسي على طاولة واحدة, إذاً لقد بذل الرئيس مسعود جهده وخلاه ذم... وكما يقول المثل الشعبي: (أيْدْ وَحْدَ ما اتصفقْ) أقول: هذا مع العلم أني لست مناضلا في حزب مسعود ولا تربطني به قرابة نسب, أو سبب! لكن والحق يقال لقد أثبت الرئيس مسعود وطنيته ونبله وشهامته وتعاليه على سفاسف الأمور,, خدمة للوطن وأمنه واستقراره, ونموه وازدهاره..... [وعند الامتحانْ يكرم المرء أو يهانْ],

وأخيرا عاد الرئيس محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم, من رحلته العلاجية, بعد أن شفي, ولله الحمد وله المنة والثناء الحسن, وقرأ بعض الكتاب والمحللين في عودته للساحة السياسية, بعد غياب طويل, يعود وقد شهدت الساحة بعده توترات واستقطابات حادة!! وشد وجذب غير مسبوقين,! في تاريخ الوطن الحديث, أقول تفاءل بعض الكتاب بعودته خيرا عسى أن يكون ردءا وعضدا, للرئيس مسعود في مهمته النبيلة والشاقة في آن واحد,! ولم لا؟ وقد عرفت عنه حنكته السياسية, ورزانته ووطنيته الأصيلة, وتمرسه في النضال المستميتْ, خلال الخمسينية الأخيرة من تاريخ البلد,, لقد ترأس الرئيس محمد ولد مولود وفد الجبهة الوطنية, للدفاع عن الديمقراطية, إلى دكار واستطاع بخبرته وحنكته أن يبرم مع محاوريه أنا ذاك اتفاقا أنقذ الوطن حينها من حافة هاوية سحيقة, من المماحكات والخلافات الحادة, واليوم يعود, وما أشبه الليلة بالبارحة!!

إن الرأي العام الوطني والمخلصين منه بصفة خاصة, ينتظر من الرئيس محمد ولد مولود أن يكون سندا قويا للرئيس مسعود في مهمته العظيمة والجسيمة, من أجل الوصول بالبلاد والعباد إلى بر الأمان, فإن الوطن إذا ظل سالما ومعافى من الإختلالات والإنزلاقات الغير محسوبة المآلات والعواقب, سيجد كل واحد من أبنائه وجهه في مرآته الناضرة, وسيلعب كل دوره دونما مهانة أوغضاضة.... وإذا لا قدر الله هوى الوطن واندثر,... فسيندم الجميع, حين لا ينفع الندم, [ولات حين مناص]!!!

خلاصة القول: أن الجميع وأكثر من أيِّ وقت مضى, وقد أظلهم هذا الشهر الكريم, وهو ظرف ملائم لتزكية النفوس وتطهيرها من أردانها وغباها... عليهم أن يحكموا ضمائرهم وأن يحاسبوا أنفسهم, وأن يزنوا الأمور بالقسطاس المستقيم, وأن يصغوا إلى عقولهم بدلا من عواطفهم, وأن يبادروا إلى جسر الهوة المتسعة بينهم, وأن يعملوا جميعا من أجل مصلحة الوطن ومصلحته فحسب,, فبذالك يكونوا قد أحسنوا كلَّ الإحسانْ,, وتغلبوا على النفس والهوى والشيطانْ.....

وفي الختام أرجو وأدعو الله العلي القدير مخلصا..... أن لا ينقضي هذا الشهر العظيم, إلا وقد اتفق ساستنا وقوادنا أغلبية ومعارضة, على أمر رشد يحمي البلاد والعباد, ويصون المكتسبات والتضحيات, ووو... وما ذالك عليه بعزيز .

وأخيرا أهنأ الجميع بحلول شهر رمضان الكريم, راجيا لهم صوما مقبولا وقياما محمودا... وكل عام وموريتانيا ترفل في ثوب الشهامة والنماء,,...... وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ...

الكاتب: المصطفى بن امون بتاريخ: 2012/07/20 م

بريد أالكتروني : pap.elemana@gmail.com

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016