الصفحة الأساسية > الأخبار > مخطئٌ من ظنّ يوماً ... أَنّ للثعلبِ دِينا (تدوينة )

مخطئٌ من ظنّ يوماً ... أَنّ للثعلبِ دِينا (تدوينة )

الأحد 23 تشرين الأول (أكتوبر) 2016  10:56

سومة محمد الولي

كانَ ذلك في صباحٍ "هادئ" من أغسطس عام 2008، في نشرةِ الثامنةِ على ما أذكر، أذيعَ خبر عزلِ الرئيس سيدمحمد ولد الشيخ عبدالله للجَنرالات، وكبيرِهم الذي يعلمُهم المُروق... ثم في نشرةِ العاشرة، أذيعَ خبر آخر: الجنرالاتُ عزلوا الرئيس المنتخب!

حصلَ كل شيء بسرعة، كانت إسبانيا قد فازت باليورو قبل ستةِ أسابيع تقريبا في أوكرانيا/بولندا، لكن في موريتانيا، ساعتانِ فقط تكفيانِ ليغلقَ قوس "الانتخاب الديموقراطي" ويعود القوس الأكبر للسيطرة، وفي جعبَته كل السهام التي ستوجهُ لاحقا للمواطنِ المغلوبِ على أمره..

وككل عسكري إنقلابي منقلب، يجب أن "تقبّلَه لالّه"، ويجبُ أن يلعبَ مع سعادُ بدميتِها، يحبُ أن ينزعَ جلده الثقيل ويُبدلَه بملاءة من التقوى وشعاراتِ الخلاص المُلوكَةِ منذ عشراتِ السنين.. الإنقاذ، أكثر الكلمات استهلاكا في معجمِ الحمقى والمغفلين. خرجَ كبيرُهم عن بزّته ولبسَ" دراعةً" أرادها دِرعا له أمام نظراتِ العالم الكارِه لكل إنقلاب، المحب لكل المنقلبين.

أجريت انتخاباتٌ عام 2009، لا داعي للقولِ بأنها سخيفة ومحسومةُ النتائج مسبقا، أعني، كان "لدينا" رئيس منتخب، لماذا تنقلبُ عليه بعد ثمانيةَ عشر شهرا فقط من تنصيبه، لتجري انتخابات جديدة؟ أليس هذا تطبيقا حرفيا للمثلِ الشعبي الدائري: صمبَ باع لبصل وَشْرا لبصل!!؟

مرت خمس سنواتٍ عجاف، هرول المهروِلون، وصفق المصفقون، وقُمع المخلصون، ثم تعبَ الجميع إلا قليلا. فجأة أجريت انتخابات أخرى في 21 يونيو، قاطعتها أحزابُ توصف بالمعارِضة، مع أني لا أفهم كيف تكون معارضة الإنقلابيين، ولا كيف يكونُ الدخولُ مع البطرياركية في نقاش مدني، وهي العسكرية بطبعها، الأحادية بطبيعتها، الرافضة لكل منطق وعقل..!

ولأن كرة الجليد غيرُ ممكِنة التدحرجِ في الصحراء الجافة، فقد ذابَ كل شيء تقريبا، توقف المهرولون عن رياضتِهم، انقسموا واجتمعوا، ثم انقسموا، ثم اجتمعوا، ثم انقسموا، رغمَ أنهم لا يتقنون حِرفة "الميتوز" إلا أنهم في انقساماتهم تلك ربما نسوا بعض ما عُلّموا، حتى أن منهم من اعترفَ بعدمِ منطقية الشعار الذي هرولوا تحتَه قبل أعوام... تغير كل شيء تقريبا، ونسي الجميع أو تناسَوا أن المنقلبَ هو المنقلب، وأن الكبائر السياسية لا تسقط بالتقادم.

وقفَ "الكبير قوي" عليهِم من علٍ، بعد أن رذ الرماد والرمال في أعينِ من لا يرونه لكثرةِ ما رأوا غيره، ولا يسمعونه، لكثرةِ ما يصفقونه له، وقال ما معناه: إنني لم أكن أنتوي الترشح! تحول التصفيق إلى وَجد وجذل، يا لهُ من قائد ويا له من منقذ ويا له من حكيم، بدا أنه ومن معه غارقونَ جدا في فقاعةِ وهمهم، سادرون في حقيقةِ خيالهم، وبدا أن كل البسطاء في دورِهم الرثة يصدقونَ المسرحية رغمَ أنهم من كثرةِ ما شاهدوها، صاروا يحفظون ما يجري خلف "الكواليس"..

وصلنا لمرحلةٍ من الملل والخواء والسُخف، صارت فيها العادة المقدسةُ بيننا: اكذب علي اليوم وسأصدقك، لكي أكذب عليك غدا وتصدقني. ولم يذكر أحد منا قول الأمير: مخطئٌ من ظنّ يوماً ... أَنّ للثعلبِ دِينا.

من صفحة الكاتبة على فيس بوك

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016