أيتها الجوهرة المتطايرة التي يرصع بها كل من أراد تلميع عقده ، أيتها الولاية الغزيرة بعلومها والمخلدة بعلمائها وأبطالها وشعرائها ومطربيها وصناعها وكل أشكال التنوع الثقافي والحضاري والاجتماعي والسياسي داخلها .

أيتها الغيمة الحافلة بالسخاء إلا على أبنائها والنخلة التي تظل البعيد ولا تظل نفسها والقنديل الذي يحرق نفسه ليضيء غيره .

أما آن لكم أن تستحضروا ماضيكم إذ لا حاضر لكم وتطمحوا إلى بناء مستقبلكم المجهول أما آن لكم أن تجتمعوا من الشتات حول واقع مدينتكم الأليم –كيفة-الحبيبة التي تستحق علينا كل تمثيل يليق بعظمتها وكبريائها التي خلفها ذلك الجيل العظيم .

اسمحوا لي فإني لا أريد أن اقسوا عليكم ولكنها الحقيقة ، إنها صرخة من أجل انتشال ما تبقى وحقا هي الأرض تسعد بأهلها وتشقى .

أيها الأعيان والوجهاء والسياسيون والكتاب والأدباء ، يا من تنتمون إلى هذه الولاية أناشدكم بنخوتكم اليوم أن تساهموا في نفض الغبار عن قيمكم وأخلاقكم وعن ثقافتكم وتراثكم وعن تنوعكم ضمن الكنز الذي خلفه لكم الأجداد ،والذي عجزتم عن مواصلة تسييره بعد أن أراحوكم من عبء تدبيره وإن العيب في ذلك كله راجع علينا نحن أبناء هذه الولاية ولكن الذي تولى كبره منهم هم أصحاب النفوذ الذين تبددت جهودهم في مهب الريح ليصبحوا نجوما متطايرة في سماء الآخرين .

لماذا لا تتركوا خلافاتكم ولو للعمر في مصلحة ولايتكم والتي لا تنسوا أنها أمانة في أعناقكم ووصمة عار في جبينكم ؟

لماذا لا تطالبوا بإقامة مهرجان ثقافي كباقي الولايات الأخرى ، أو ألستم من هم أجدر بذلك ؟

أيها الأعيان والوجهاء والكتاب والأدباء يا من تربطهم صلة بولاية لعصابة عتابي عليكم في تخليكم عن مسؤولياتكم تجاه ولايتكم حين تبذلون أموالكم وتنتقلون بأجسادكم للرفع من الآخرين ولا تدركوا أنكم بذلك ترقصون على حطام هويتكم المسلوبة .

أيها الكتاب والأدباء والمؤرخون ومن تربطهم صلة بالأقلام والأوراق ، لماذا لا تجردوا أقلاما سخرتموها زمانا للفضول فتكتبوا عن أهلنا وفي أهلنا ما يفرغ مداد أقلامكم ، اكتبوا عما تزخر به ولايتنا من أعلام ، اكتبوا عن الأمير المختار بن أحمد بن عثمان قيادته وعدالته وحكمته ، اكتبوا عن محمد الراظي بن محمد محمود تواضعه وحسن قيادته وحلمه ، اكتبوا عن الشيخ بن الغوث ثراءه وزهده وصلاحه وتصدقه ، وعن زين بن العبقاري عن صيته وقوته سخائه وعن (حتزاد) المخلدة في كل ربوع شنقيط ، اكتبوا عن اسلم بن تاج الدين ثرائه وتصدقه إيمانه المتجسد في صمته وحسن إسلامه المتجسد في تركه ما لا يعنيه ،أو ليس في هؤلاء ما يستحق الكتابة والتدوين ؟ اكتبوا عن علمائنا ومحاظرنا وعن رجال تولوا القضاء من أمثال :

عبد الرحمن بن سيدي عثمان الذي لقب (بيان الأحكام ) وذلك أنه حل نازلة استعصت على شيخه وهو تلميذ آنذاك فلقبه بهذا الاسم .اكتبوا عن محظرة أهل الفاظل ومحظرة أهل ديدي ومحظرة أهل الطالب اعلي ومحظرة أهل عبد الله الشهيرة الطالب ولد عبد الله ، ثم بعد ذلك المصطف ولد عبد الله ، محظرة أهل سيدي يحي محظرة محمد ولد محمد الهادي ،محظرة سيداتي ولد إن ، محظرة أهل المختار ولد أحمد محظرة عبد الرحمن ولد سيدي عالي ، ومحظرة أهل الداهي ومحظرة أهل عبد القادر ومحظرة أهل أبي بن أعلي والقائمة تطول .اكتبوا عن شعرائنا من أمثال :

محمدي بن أحمد فال الملقب شاعر لبحير ، الداه بن سيدالأمين بن أحمد ، المصطفى بن الداه المسومي ، بناهي بن سيدي ، حدمين بن اهل باب ، البطريق حمادي بن الدمين ، محمود مسوم ، أربان بن محم ، وغيرهم كثير . اكتبوا عن ولايتنا خصائصها مظاهر السياحة فيها واحاتها ومكونات شعبها تقاليده .اكتبوا حتى عن نمط العيش .اكتبوا عن خرير المياه المنسكبة من قمم الجبال والسفوح عبر الأخاديد والجداول وعن خشخشة الحيات داخل الخمائل وعن كل شيء .

اكتبوا عن زقزقة العصافير فوق الأشجار وحول الزروع .اكتبوا عن الناقة والجمل وعن البقرة والثور عن المعز والضأن .اكتبوا عن كل شيء .

أيها الأعيان والوجهاء والسياسيون والكتاب والأدباء وكل أطياف هذه المدينة الغالية اليوم أستنهض فيكم الضمير واستشعر فيكم روح المسؤولية فهلا راجعنا أنفسنا وهلا كلمنا الضمير فعلينا اليوم أن نركب ذلك الطود العظيم ونرفض الخنوع لكل الإكراهات المادية والمعنوية من أجل انتزاع أو على الأقل استرجاع هذه الهوية .

بقلم/ الكاتب والشاعر :المصطفى الداه

عضو المكتب الجهوي لاتحاد الكتاب والأدباء الموريتانيين بولاية لعصابة