الصفحة الأساسية > اصدارات > إصدار جديد: الإسلام والغرب والعنف

إصدار جديد: الإسلام والغرب والعنف

الجمعة 2 كانون الأول (ديسمبر) 2011  16:36

ربما توحي نبرة هذا الكتاب وحدة أسلوبه بقدر من عدم التسامح أو بالعداء للغرب ولا وجود لشيء من ذلك طبعا ، فالكاتب أبعد ما يكون عن التطرف وليس معاديا للسامية ولا للغرب، كل ما في الأمر أنه يقدم شهادة على وقائع بعينها ماضية وحاضرة قد صدمت وما زالت تصدم المسلمين وقد عضّد كلامه بإحالات أكاديمية دقيقة غربية في الغالب استقاها من مصادر موثوقة .

فالإسلام متّهم على غير وجه حقّ بأنه عنيف منذ الأصل ، ويسعى هذا الكتاب إلى أن يثبت بالأدلة الدّامغة أن الغرب هو الذي أدخل العنف إلى الديار الإسلامية . يتعلّق الأمر بسرد وقائع تاريخية قطعية الثبوت لا يشوبها أي موقف عدائي اتجاه أي كان’ حتى وان كان الأسلوب صريحا يسمى الأشياء بأسمائها بلا مواربة ولا مجاملــة ، أليس من الممتع دائما أن نتلقى المعلومات ونحن نحس نبض قلب بشرى ؟.

وبنفس القوة ونفس الحماس نشجب ونعارض ما يمارسه الإسلاميون المتطرفون من أساليب غير إنسانية لا طائل من ورائها كمـــا نرفض تهاون وارتشاء أغلب قادة المسلمين من العرب خاصة الذين صيرهم الغرب حراسا طيّعين لمصالحه على حساب مصالح شعوبهم .

الاستعمار والعولمة وجهان لعملة واحدة .

مع موجة التحولات الجارفة الزاحفة على العالم العربي لا بدّ أن ندرك أن عهد الحكام مدي الحياة قد ولّى تماما كما ولّى عهد الوجود الغربي الحاضر دون جدوى في البلدان الإسلامية

إن من المتعيّن أن تنصهر علاقات التعاون مع الدول المستعمرة السابقة ضمن الإطار الثنائي ، فلم يعد العالم الإسلامي يستطيع الاستمرار في وضعية المصاد الخاص بالغرب الآخذ في الانحطاط . إن أضرار الاستعمار مازالت ماثلة في الذاكرة الجمعية كما أن النهب المنظم للمصادر الطبيعية عبر العلاقات الاقتصادية غير المنصفة لفترة ما بعد الاستعمار مشفوعة بتداعيات العولمــــة كانت لها نتائج مدمّرة : الديون ، الجوع ، والفاقة وكل مظاهر التخلف وانسداد الأفاق المستقبلية ،بالأمس القريب مارس الاستعمار على السكان الأصليين أبشع ضروب العنف مع النهب المنظم لمصادرهم الطبيعية ، وبما أن الغاية عندهم تبرر الوسيلة فقد تم تسخير كل شيء ليحقق المشروع الاستعماري ثلاثة أهداف محددة : الاستيلاء على المواد الأولية في المستعمرات والحصول على منافذ تجارية لمنتجات الدول المستعمرة و التبشير أي نشر الديانة المسيحية بين الشعوب المستعمرة .

واليوم ، بعد عهود الاستقلال يتواصل إخضاع هذه الشعوب واستغلالها في شكل أكثر تطورا تحت غطاء العولمة مخترع الغرب الجديد للمحافظة على استعمار متجدد.

هل قدر المسلمين هو أن يعاملوا إلى الأبد كأنصاف بشر محكوم عليهم بحياة المذلة تحت عنف عالم غربي منحطّ يسعى، رغم كل شيء، إلى فرض قيمه وأسلوب حياته على بقية العالم ؟ هذا الغرب المتغطرس الذي يصنّف الناس إلى أخيار وأشرار في بلاد الإسلام ويلحق العقاب كما فعل في العراق وأفغانستان مع ما ترتب على ذلك من نتائج رهيبة ؟

هل يمكن لهذه المعاملة بالدونية المهينة على أقل تقدير أن تستمرّ إلى مالا نهاية. طبعا ، أصبحت الشعوب المسلمة الممزقة جسما وروحا متعطشة بتلهف إلى الكرامة والأصالة والحداثة , تشعر بالحاجة الملحّة إلى استعادة أمجادها الغابرة .

فالحرية والمساواة والتسامح هي بالنسبة لهذه الشعوب مفاهيم ذات دلالة حضارية إنسانية عامة ولا يمكن أن تكون حكرا على الغربيين وحدهم . إن عهد المعاملة بمكيالين التي ميزت ، إلى وقت قريب العلاقات الدولية قد ولى إلى غير رجعة ، فشعوب العالم الثالث بصفة عامة والمسلمون بصفة خاصة قد دفعت الثمن غاليا ومن حقها اليوم أن تقول : كفى ، فأضرار جرائم الغرب في ديار الإسلام من الحروب الصليبية إلى حرب الإبادة في الأندلس إلى تجارة الرقيق والاستعمار مازالت ماثلة في الذاكرة الجمعية .

ضف إلى ذلك الآثار السلبية للعولمة حيلة الغرب الجديدة الرامية ، تحت ذريعة حرية التجارة ولبرالية التبادلات ، إلى وضع ما يشبه نظام الأواني المتجاورة ليستمر فيها استنزاف الدول الاستعمارية للمصادر الطبيعية لبلدان العالم الثالث ذلك أن العولمة تشبه الملاكمة إلى حدّ ما ، فالدول فيها ، كالملاكمين ، مصنفة إلى فئات حسب أوزانهم وقواهم. ونتيجة منازلة بين ملاكم من الوزن الثقيل وآخر من وزن الذّبابة معروفة سلفا ، فالمباراة غير متكافئة إذ يسمح لوزن الذّبابة بالدخول إلى الحلبة ولكنه يغادر ها في الغالب على آلة حدباء محمول . إنها إلى حدّ ما حجامة طبيب موليير "ستموت ولكنك ستشفى".

مفهوم العنف ملازم للفكر وللحضارة الغربية.

من الحروب الصليبية إلى مطلع الألفية الثالثة دأب الغرب على نشر الموت والخراب في بلاد الإسلام ، فحصيلة الحضور الغربي أثناء حقبة الاستعمار وبعدها عقيمة إلى أقصى حدّ.

لقد خلفت عدة قرون من الاستعمار وزهاء خمسين سنة من " التعاون " مع المستعمر السابق دولا إسلامية منهوكة ، والأدهى أن هذا الغرب المتخم والمصمم على أن لا يقبل سوى ما يرتبط من قريب أو من بعيد بالقيم اليهودية المسيحية، يصل بالوقاحة إلى حدّ جعل الإسلام مرادفا في اللاشعور الجمعي لمواطنيه للتعصب والإرهاب . " رمتني بدائها وانسلّت " فالغرب رغم ماضيه وحاضره السابحين في أنهار الدماء يريد التملص وإلقاء التبعات على الآخرين مقدما نفسه كنموذج للفضيلة والتسامح . إن ميل الغرب المعلن يوما بعد يوم لمعاداة الإسلام ليس سوى تعبير حاقد عن صراع ديني وثقافي لدود .

الغرب ملاذ آمن يسوده التسامح والانفتاح ؟ إن لم نكن ممن تهزهم العبارات الجوفاء ، فالغرب هو من أدخل العنف إلى ديار المسلمين .

والواقع أن العنف الصادر عن الإسلام قديما وحديثا يأتي دائما ردّا على اعتداءات الغرب المسيحي . وهذه حقيقة ثابتة على مرّ السنين سواء تعلق الأمر بالحروب الصليبية أو بالاستعمار مرورا بغزو اسبانيا للأندلس ، فالمسلمون كانوا دائما في موقف الدفاع عن النفس ، وفي كل مرة يتعرضون للعدوان في عقر ديارهم ، كم مرة حاول الغرب تزييف التاريخ ، ولكن الوقائع التاريخية الثابتة لا تقبل التحريف ، فمفهوم العنف ملازم للفكر وللحضارة الغربية ، كما أن ماركس وانجلز في كتابهما " دور العنف في التاريخ " قد دونا ذلك بالتفصيل .

وكذلك فعل جورج سورل في كتابه " تأملات حول العنف " .

و ردكارل فون الكوزويتو أو " مورغانتوهاتر " .

ميشالان من بين كثيرين آخرين قد طورا استراتيجيات قوامها الحرب والعنف . فعلى هذه الكتابات تغذت نظرية العلاقات الدولية ، ذلك أن مفهوم القوة لدى " مورغانتو " يلخص وحده ما يصدر عنهم من تمجيد للعنف . وبطبيعة الحال تبقى الكتب المقدسة من يهودية ومسيحية بعد تحريفها خدمة لأعراض دنيوية تافهة – هي على الصعيد التاريخي أول منابع العنف في الحضارة الغربية .

وبالقياس على ذلك سعى اليهود والنصارى أن يلصقوا بالمسلمين ما زعموا أنه مكتوب في كتبهم المقدسة أي ما يعرف بالتأويلات الدينية المضفية لصبغة العنف على المؤسسات اليهودية والمسيحية ، فالمسلمون ، في نظر اليهود والنصارى ، يؤمنون بالله الذي ينعته هؤلاء ، سبحانه وتعالي علوا كبيرا عما يقولون ، بالقسوة وحب الانتقام وتلك مزاعم باطلة بطلانا ما بعده بطلان لأن الديانات التوحيدية من يهودية ومسيحية وإسلام لا تؤمن إلا باله واحد هو إله إبراهيم عليه السلام . يزعم المسيحيون ، وكذا اليهود ، أن الإسلام لم ينتشر إلا بحد السيف ، أما المسيحية فعلى النقيض من ذلك قد غزت القلوب بعفوية بعيدا عن كل إكراه جسمي أو معنوي ، وكأن المسيحيين بهذا التقديم قد أصابهم فقدان الذاكرة فحذفوا ألفي سنة من تاريخهم لا أقسى منهما ولا أكثر دموية في مسيرة البشرية وفي قفزة غريبة على التاريخ يستشهدون دائما بكلام المسيح عليه السلام : " إذا صفعك أحدهم على الخدّ فأدر له خدّك الآخر(1) " ، وكأن عجلة التاريخ قد توقفت منذ ذلك اليوم .

وإذا كان المسيح عليه السلام ، شأنه في ذلك شأن كافة الأنبياء ، لا يقابل الشر بالشر ويدعو حوارييه إلى محبة من يعادونهم ودفعهم بالتي هي أحسن ، فإن تاريخ المسيحية بعيد كل البعد من هذا المقام.

المسيحية والعنف:

إن أول ما يصدم المتصفح لكتاب المسيحية الأسود هو رسوخ وتأصل العنف لدى المسيحيين لدرجة تصل حدّ البربرية ، كيف نفسر إذن كون هؤلاء يقدمون الدروس اليوم ويشجبون العنف باعتباره حسب زعمهم ، سجية أصلية في الإسلام متناسين أن تاريخهم لم يكن سوى طوفان مرعب من الدماء ، كيف نصدق مزاعم مضللة تسعى لتقديم المسحية في ثوب ديانة السلام والمحبة ، كيف لمن يدرك ما وراء القناع المزيف أن ينكر أن الغرب المسيحي كان دائما مهدا لعنف منقطع النظير منذ الحروب الصليبية والمحرقة المعاصرة مرورا بحروب الاسترداد ومحاكم التفتيش والحروب الدينية وانتهاء بالغزو الاستعماري .إلخ ؟

فحروب الأشقاء بين الكاثوليك والبروتستانت خلفت ملايين القتلى ، وقريبا منا ، اقتتل المسيحيون في القرن العشرين أثناء الحربين العالميتين ، وهنا أيضا كان عدد القتلى بعشرات الملايين ، لدرجة أن باحثا مسيحيا أوروبيا كتب فيما بعد يقول : " كل تنبؤات عيسى لم تتحقق باستثناء هذه الجملة " أنا لم آت بالسلام بل جئت بالسيف (2) " "ألم تدر الحروب الصليبية تحديدا باسم المسيح ، والسحرة والمهرطقــــون واليهود ألم يشووا هم الآخرون في المحرقـــة باسم الثالوث المقدس ؟".

في مقاله حول " الأخلاق " (1756) يدلي فولتير بشهادة مراقب موضوعي حين يقول : " معلم المسيحية الإلهي الغارق في الخضوع والمسالمة يدعو إلى التجاوز عن الخطايا ودينه المقدّس الوديع أصبح بفعل ضراوتنا ، الأقل تسامحا والأشد قسوة من بين جميع الأديان " .

التعذيب في المحرقة والدولاب والمذابح المرتكبة على نطاق واسع ضد السكان الأصليين الأبرياء العزل في أمريكا واستراليا وإفريقيا وهي جريمة ضدّ الإنسانية وإبادة جماعية ، والممارسة البشعة للاسترقاق والاتجار بالبشر ومحاكم التفتيش في انتهاك مهين للكرامة البشرية والحروب الأوروبية الداخلية والحروب الخارجية كالحروب الصليبية والحربين العالميتين إلخ. تلك حصيلة غير شاملة للعنف المسيحي ، أمام مثل هذا العنف المادّي والمعنوي والنفسي والديني ، كيف يتسنى لكائن من كان أن يرى للمسيحية أدنى صلة بالسلام والمحبة والتسامح ؟ وحدهم ان اليهود يمكن أن ينافسوا المسيحيين على إحراز قصب السبق في مثل هذه الفظائع و لربما تفوقوا عليهم .

اليهودية والعنف :

يمارس العنف في التوراة باسم الإله . كتب رجيس دبري " ما أن نفتح كتاب يسوع حتى يتجلي لنا ما هو ، بالمعنى الدقيق للكلمة ، ممارسة للإبادة الجماعية "(3) نقرأ في التوراة ( وهي أحد الكتب المقدسة الثلاثة ) ما نصه " دمروا ما حكمكم الله فيه من مدن وقتلوا من فيها من الشعوب " لا تتركوا نفسا منهم على قيد الحياة ، خربوا المدن بحذافيرها مثل مدن الحثيين والعموريين والكنعانيين ، والفر زيين والحويين وليبوستيين وغيرهم كما أمركم الله " (4)

يكشف يوسف القرضاوي هذا العنف الممارس زعما باسم الله " لقد استقي الغربيون فكرة إبادة الآخرين من التوراة وارتكبوا مجازر بشعة يخجل منها التاريخ .

فكلنا شاهد على المجازر الوحشية التي اغترفها اليهود والصهاينة ضد الشعب الفلسطيني مقتلين النساء والأطفال والكهول المدنيين بلا هوادة ولا رحمة ودون أدنى اعتبار للكائن البشري كفعلتهم في دير ياسين وغيرها حتى أنهم قتلوا النساء الحوامل وأزهقوا أرواح الأجنة وقتلوا الآباء والأمهات أمام أطفالهم والأطفال أمام أعين ذويهم ناشرين الرعب في قلوب الفلسطينيين قبل طردهم واحتلال أراضيهم ..

لقد نفذ اليهود بهذه الأفعال الوحشية ما تلقوه من تعاليم التوراة فأبادوا الجميع ولم يتركوا أي كائن حي ، تلك هي تعاليم التوراة حسب زعمهم ، تدمير كل شيء وإبادة الجميع ، ذلك (يزعمون) هو الأمر الذي صدر عن الرب إلى موسي وقومه وأتباعه بأن يخربوا ويقتلوا ولا بديل أخر عن السيف " ، لقد ركز القرآن على ما يميز اليهود من وحشية منقطعة النظير . إذ يخاطبهم الله سبحانه وتعلى : "ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة"(5) وحتى الأنبياء لم يكونوا في مأمن من المذبحة ، فقد قتلهم اليهود السفاحون المتعطشون للدماء باستمرار ودون أي سبب .

وللتملص من فظائع اليهود ورغم ما يسبح فيه تاريخ المسيحية من أنهار الدم يؤكد المسيحيون أن"إلههم لم يعد ذلك الإله الرهيب المنتقم والحانق الذي يصفه سفر العهد القديم " أي إله اليهود(6)

لقد أحسن العلامة يوسف القرضاوي تلخيص الوضع : " كم أكدت أن الحضارة الغربية ليست حضارة عيسى بل هي حضارة الدجال العمياء بسبب المادية المطبقة."

العنف والاستعمار : مسؤولية لا يمكن تجاهلها .

يسعى اليهود والمسيحيون إلى الظهور بوجه جديد والتخلص من إرثهم غير المشرف معتمدين في ذلك على قوتهم الاقتصادية والثقافية والعسكرية إنهم يعملون من أجل نسيان كرة المحكومين التي جروها طيلة آلاف السنين ليلبسوا أثواب الفضيلة ممتطين ظهر الديمقراطية كجواز مرور يعفيهم من تبعات الماضي ويحليهم بالاحترام . ولكن لا أحد مغفل ، فالأمر لن يعدو كونه جحودا للتاريخ لا أكثر ولا أقل ، بعد هذا الاستدلال لا يستطيع أحد ، مهما بلغ من المكابرة ، أن ينكر الدور المركزي الذي لعبته الكنيسة في ما مارسه الغرب في بلاد الإسلام خاصة ، من عنف لم يسبق له مثيل ، وبالفعل ، كانت الكنيسة في الخط الأمامي سواء تعلق الأمر بالحروب الصليبية أو بالإبادة الجماعية للمسلمين في الأندلس أو إبادة الهنود الحمر في أمريكا والسكان الأصليين في أوستراليا وشعوب إفريقيا وتجارة الرقيق وصولا إلى الغزو الاستعماري .

لا غضاضة لدى الغربيين في الإصرار على جحود ما ثبت تاريخيا، فبحركة من ظاهر اليد ينكرون ما ارتكبوه من جرائم ، فالعنف بالنسبة لهم من خصائص الإسلام وحده ويجب أن يبقى الإسلام في المخيلة الجمعية الغربية مرتبطا بالعنف وعدم التسامح . بالأمس يزعمون بكل وقاحة أن الإسلام قد انتشر بحد السيف واليوم يقدمون نفس الوجبة بعد التسخين مموهة تحت اسم " الإرهاب الإسلامي" ، وبالطبع يحرص الغرب على التكتم التام على تورطه المباشر في المسار الطويل الذي قاد إلى الاعتداءات الدموية التى أقحمت بعض الدول الإسلامية في دوامة العنف .

لقد بينا في هذا الكتاب أن العنف الأعمى الذي تمارسه بعض الحركات الإسلامية المتطرفة غريب على الإسلام ، لذا ومهما كانت الأسباب المقدمة ، فلا يمكن أن يوصف مثل هذه الأفعال سوى بكلمة واحدة هي : الاغتيالات, وإذا تمكن مرتكبو هذه المذابح ومدبروها من الإفلات من عقاب الدنيا ، فلن يفلتوا في الآخرة من حساب الحكم العدل ، و لا مناص من الاعتراف أن هذه الحركات الإسلامية ، ما هي إلا الجانب البارز من جبل الجليد . فالواقع أن العالم الإسلامي برمته ، باستثناء قلة قليلة من المحظوظين ، يعيش حالة غليان ، فحتى وإن لم تكن لما ترتكبه الحركات الإسلامية من أفعال دموية ، أية صلة لا من قريب ولا من بعيد ، بالإسلام ، فإن هذه الحركات على أقل تقدير هي أحد تجليات ما تعانيه الأمة الإسلامية من جزع وإحباط وقلق ،فالمسلون يعاملون باحتقار وازدراء ، يعيرون ويقاسون العنصرية والكراهية ، يعاملون ، وليست هذه مبالغة ، كأنصاف بشر . يتعرض دينهم لحملة شعواء من التنديد والتشهير ، وفي الوقت الذي تلهث فيه أمم الأرض لمماشاة اقتصاد عالمي لا مكان فيه للضعفاء ، يقبع معظم الدول الإسلامية في التخلف والفقر المدقع ، مكتفين ، في الأغلب الأعم ، كما كانوا في الماضي ، بالدور الثانوي لحراس مستودعات مفتوحة يرتادها الغرب متى وكيف شاء ليستنزف مصادرهم الطبيعية ، وضع مذل يعود في بعضه إلى تهاون الأنظمة العربية وتآمرها مع الغرب ، وليس العنف الذي يمارسه الغرب في بلاد الإسلام عديم الصلة بتواطؤ بعض الأنظمة مع الدول المستعمرة السابقة ، هذا المولد الذاتي للعنف الداخلي الذي يشكل وصمة عار في جبين الأمة الإسلامية ، غذى على مر الزمن واحتضن وغطّى على شتّى ضروب القهر .

الثورات العربية : أهي القطيعة بين الغرب والعالم الإسلامي ؟

لقد طفح كيل الشعوب العربية إهانة وتنكيلا فحطمت القيود والأغلال وطفقت تزيح من السلطة حكاما كانوا يحسبون أنفسهم باقين فيها كالجبال الرواسي إنها ثورات عفوية تنتشر وتتوسع بطريقة غير مسبوقة في التاريخ .

مجرد شرارة انطلقت من تونس كانت كافية لإضرام النار في الهشيم في عموم العالم العربي ، إنها موجة قاع تجرف كل شيء على طريقها ، طغاة ومستبدون باسم الدين يتساقطون الواحد تلو الآخر تساقط الثمار الناضجة .

لقد أزفت ساعة النهاية ، بعد طول انتظار ، لأنظمة موصدة نخرة . لأول مرة ينزل الشعب إلى الشارع لا تحدوه مطالب اجتماعية ، لا يطلب الخبز ، بل يطالب بأكثر وأهم من ذلك يريد الحرية والكرامة ، لا وجود لأية أيديولوجية إسلامية ولا غيرها وراء هذه الانتفاضات الشعبية ، فالشباب الذي قاد الثورات العربية يطالب بشيء واحد ، كشرط لا غنى عنه ، هو إسقاط الأنظمة الحاكمة .

إن مفهوم الثورة ، بدلالته التامة ، يعني انتفاضة شعبية تؤدي غالبا إلى تغيير مفاجئ وعميق للنظام القائم . يسعى الغرب بالنسبة إلى الثورات العربية إلى التقليل من شأن البعد التاريخي لهذا الحدث المؤسس ، فبدلا من أن يسميها ثورات ، يستخدم تعبير " الربيع العربي " ويحاول الإيهام بأنها مجرد نتاج لشبكات التواصل الاجتماعية عبر الانترنت ، في حين أن هذه الأخيرة قد اقتصرت على لعب دور الوسيط المساعد فقط لا غيره ومن المعلوم في الكيمياء أن المادة المساعدة تعين على التفاعل دون أن تدخل فيه .

في حين أن لعبارة " الربيع العربي " ، التي يلصقها الغرب على هذه الموجة العارمة التي تجتاح العالم العربي ، مدلولا آخر, فمعجم روبير قد عرفها كما يلي : " فترة تبدو فيها آمال التقدم ( الاقتصادي والاجتماعي ) وشيكة التحقق .ربيع أبراك "

إن أقل ما يقال عن اختزال الثورات العربية في مجرد مطالب اجتماعية بسيطة ومحدودة في الزمن هو أنه ينم عن سوء نية لا غبار عليه . الواقع أن الغرب لا يريد أن يكون للعرب فضل قيادة هذه الانتفاضة الشعبية التى بدأت تنتشر لتشمل أسبانيا واليونان وإسرائيل والولايات المتحدة وحتى الصين . لا بدّ ، بالنسبة لهم ، أن تمرّ هذه الثورة الحقيقية نحو الخلود كحركة تذمر اجتماعية بسيطة ، مجرّد "ربيع " عربي (7)

ومهما يكن ، فلا بدّ من طي صفحة وفتح أخرى ، فبفعل الثورات العربية التى ستمكن الشعوب من التحرّر من نير الدول المستعمرة السابقة وعملائها المحليّين ، وبفعل انهيار وشيك للاقتصاد الليبرالي تحت وطأة المضاربات والتعاملات الربوية ، أصبح الغرب مهتزّ الأركان يدبّ فيه الوهن وبدأ ازدهار الأمس في الانحسار أمام الانكماش الاقتصادي وعبء المديونية منذرا بمستقبل قاتم . ضف إلى ذلك التقلّص الديمغرافي والأزمات الاجتماعية واحتمال تفكّك الغرب بدءا بالاتحاد الأوروبي لنجد أنفسنا في خاتمة المطاف أمام غرب مفتقر هرم ومتشرذم |، متقهقر إلى أسفل الركب في مجالات البحث والاختراع والتكنولوجيا . فكل المؤشرات تنذر بتنحي الغرب خلال عقد من الزمن عن واجهة التقدّم والحداثة ، مخليا مكانة الصدارة ، في أقوى احتمال ، مجموعة جديدة بقيادة للصين والهند .

العالم الإسلامي : الصين بديلا وجيها عن الغرب,

إن بروز مناطق ازدهار جديدة في آسيا وفي أصقاع أخرى يؤشر على أن نظاما اقتصاديا عالميا جديدا بدأ يتراءى في الأفق . تشكل فيه الصين بقوتها الاقتصادية والتكنولوجية والديمغرافية القاطرة الجرارة ورأس الحربة . لن نملّ من تكرار هذه البديهية البسيطة ومفادها أن الغرب ينهار ومركز ثقل العالم بدأ يتحول إلى آسيا .

لقد أصبحت الليبرالية تائهة لا تدري بمن تلوذ أو بالأحرى بمن تسترشد لتهتدي إلى طريق النّمو. هل تتبع كينز ؟ أم أفريدمان ؟ تدخل الدولة في كل شيء ؟ أم عدم تدخلها ؟ التأميم ؟ الخصخصة؟ الترشيد ؟ توازن الميزانية ؟ العجز ؟ اختلال المدفوعات ؟ الاشتراك في تحمّل" المديونية ؟ الخ . لقد ضل الغرب طريقه في متاهات المضاربة والربا ، فالليبرالية تلتهم اليوم أبناء ها بكل شراسة ، لقد فرضت مؤسستا " ابريتن وودز " برامج لإعادة الهيكلة على الدول السائرة في طريق النمو ، كترياف ذي مفعول عابر يخلف تسمما مزمنا.

وشر البلية ما أضحك ، هاهو الغرب نفسه يحاول اليوم – تحت ضغط الأزمة – أن يتفادى الانهيار بتعاطي نفس الوصفات التي يقدمها صندوق النقد والبنك الدوليان . والمذهل أكثر هو أن الغرب المتخم المتغطرس يستنجد بدول من مستوى ثاني كبلدان مجموعة " ابر يكس " لتقدم له المساعدة المالية ، من كان يتصوّر منذ عهد قريب ، أن فقراء الأمس سيستغاث بهم اليوم لإنقاذ الأغنياء من الأزمة ؟

معنى ذلك أن لا حتمية لبقاء الدول على وضعية معينة ، فالمهمّ أن تعتمد على إمكاناتها الذاتية وتحيط نفسها, قدر الإمكان ، بيئة جيو سياسية مشجّعة . لقد نوّهنا في هذا الكتاب بالفرصة التاريخية السانحة لعالم إسلامي متّحد ومتضامن للالتحاق اقتصاديا بالقاطرة الصينية تاركا علاقاته بالغرب تذوب في خضم تعدّديـة الأطراف .

ولكن ، هل الصين في الواقع شريك اقتصادي يمكن الوثوق به ؟ بمعدّل نمو سنوي من رقمين تثير الصين حسد الدول الغربية وتثبت مع مرور الزمن جدارتها كقوة ديمغرافية واقتصادية وصناعية ومالية ونقدية ، كما أن النجاحات المذهلة التي حققتها إمبراطورية الوسط على كافة الأصعدة في مثل هذا الوقت القصير ، تدخل في سياق المعجزات ، فمنذ ثلاثين عاما بالضبط كانت الصين ، ككل نظيراتها الشيوعيات آنذاك ، بلدا ريفيا بالأساس متأخرا وناقص التصنيع جدّا

واليوم أصبحت الصين القوة الاقتصادية الثانية في العالم ويتوقع خبراء البنك العالمي ومنظمة التجارة والتنمية الاقتصادية ، مع وتيرة نموّها الحالية ،أن إمبراطورية الوسط ستنتزع المرتبة الاقتصادية العالمية الأولى من الولايات المتحدة خلال عشر سنوات .

فبالتحاقها بالقاطرة الصينية القوية في تعاون فعّال منصف وعفوي ، تكون الدول الإسلامية قد هيأت بالطبع سلفا الأرضية السياسية لقيام اتحاد بين البلدان الإسلامية.

هناك شرطان لا غنى عنهما لخروج الدول الإسلامية من الخمول والسبات الذي تستكين له منذ قرون ، إذ لا مكان للأغلاط . فالعالم الإسلامي يوجد ، اليوم على مفترق الطرق في مواجهة تحدّي مزدوج : إصلاح شأن الأمة بالرجوع إلى روح النهج التأسيسي لمجتمع المدينة المنوّرة – وسنرى أن الأمر لا يتعلّق بوهم – وإيجاد بديل مقبول عن الغرب أي شريك للتعاون المثمر والدائم .

إن الشرارة التي انطلقت من " سيدي بوزيد" قد فتحت آفاقا كانت لحدّ الآن مسـدودة ، كما جعلت كل الآمال مبررة من الآن فصاعدا .هل يتعيّن أن نخشى فراغا قد يترتّب على القطيعة بين العالم الإسلامي والغرب ؟

من المحتمل أن تمرّ الثورات العربية بثلاث مراحل مختلفة : الأولى ، وقد بدأت فعلا ، تتمثل في إسقاط الدكتاتوريات وبالتالي تخليص الشعوب من براثين القهر ، المرحلة الثانية ستعنى تمرّدا عامّا للدول الإسلامية ضدّ الغرب للتحرّر من هيمنته وإلغاء نظام التعاون المستغل الذي حكم عليها بالبؤس والتخلف .

أما المرحلة الثالثة فستكون ثورة إيديولوجية ستمثل توجّها سياسيا مؤسسا سيحدّد رسميا مستقبل ومصير الأمة . وستمكن هذه المرحلة الدول الإسلامية في نهاية الأمر من إقامة أنظمة حكم تجمع في نفس الوقت بين الديمقراطية عبر حرية التعبير والاقتراع العام والمحافظة عبر تطبيق تعاليم الإسلام . ستكون هذه الأنظمة السياسية إلى حدّ ما على شاكلة النظام التركي ولكنها أكثر إحكاما منه . بمعنى أنها ستكون أنظمة سياسية منفتحة على الرقي والحداثة ولكنها مرتكزة على مبادئ التسامح والانفتاح والتضامن التي هي من طبيعة الإسلام الصحيح .

وستكون المهمة أسهل في هذه البلدان مادام الجيش غير مطالب بتسيير إرث معين على طريقة أتاتورك التي وضعته حارسا للعلمانية وهذا صحيح مادام الغرب يؤول للفشل والدول الإسلامية ليست على تخوم أوربا كما هي الحال بالنسبة لتركيا .

هل من المتعـــين أن نخشى حدوث "فراغ" بعد انفصال العالم الإسلامي عن الغرب ؟

هل سيتمكن المسلمون متسلحين بعقيدتهم ، من رفع كل هذه التحديـــات دون عوائق ؟ وسواء تعلق الأمر بالمشاكل الاقتصادية أو السياسية ... أو بالجهاد ، فإن المفتاح السحري يبقى بالنسبة لهم هو " الله أكبر" فهذه العبارة تزيح الجبال الرواسي ولقد أصاب " روجي غارودى" حين قال إنها عبارة تضارع كل قوة وكل ممتلك وكل معرفة .

ومرة أخرى ، يواجه العالم الإسلامي أربعة معوّقات :

- العداء المزمن والمتأصل من الغرب اليهودي المسحي .

- أنظمة وحشية ( ذلك نعتها المناسب ) تخدم غالبا مصالح الغرب على حساب شعوبها .

- إسلاميون متطرفون ، دفعهم غياب إطار مناسب للتعبير والعمل ، إلى اللجوء إلى عنف أعمى لا صلة له بروح ونصّ الإسلام .

- تخلف هيكلي أبقى العديد من الدول الإسلاميــة قابعة في براثين الفاقة والبؤس .

ستمكّن الثورات العربية من جهة ، وإنشاء اتحاد البلدان الإسلامية من جهة أخرى ، من تجاوز هذه المعوّقات . كيف ذلك ؟ بقيام اتّحاد البلدان الإسلامية والبديل الصيني ، سيفقد تعاونه شبه ألحصري المهين والعقيم في نفس الوقت مع الغرب خصوصيته وينصهر في النهاية ضمن العلاقات ذات الأطراف المتعدّدة . وهكذا لن تعود الدول الإسلامية منطقة حكرا على الغرب . أما الأنظمة العربية العميلة ، فستتهاوى الواحد تلو الآخر وتأخذ الشعوب زمام مصيرها . وفي ما يعنى ، الإسلاميين فقد سحبت الثورات العربية البساط من تحت أقدامهم ، فسيفقد كفاحهم مسوّغاته شيئا فشيئا وكل المؤشرات توحي بأنهم سيسعون للحاق بالركب ، ليصبحوا حينها مجرّد فعالية سياسية عاملة في الإطار الدستوري وساعية – كغيرها من الأحزاب السياسية – إلى الوصول إلى السلطة ، وبطبيعة الحال سيتطلّب ذلك منهم تخفيف حدّة خطابهم وتكييف برنامجهم السياسي ، ويتخلص العالم العربي في حقبة ما بعد الثورات من الرؤية التي تحصر مصير الحكم في إحدى اثنتين : أما أن يؤول إلى دكتاتورية أو إلى نظام إسلامي متعصّب .

وبعد فترة ، ربّما من الهيجان ، وحتى الاضطرابات المعهودة تاريخيا لكل ثورة ، سيدرك العالم العربي أنه دخل حقا في عهد جديد .

ولكن من المحتمل فور زوال الأنظمة الإسلامية لما بعد الاستعمار – وهي علمانية و/أو قومية غالبا – أن تبرز نزعة قوية نحو الرجوع إلى تطبيق الإسلام من منابعه الأصلية .

أخيرا، ومن أجل مكافحة فعالة للتخلف سيعمل اتحاد البلدان الإسلامية على نفاذ أعضائه إلى نمط تنموي داخلي يرتكز على التضامن والتآزر النشط والإيثار .

نحو عودة حتمية للخلافة :

إن الهيئة الجامعة للبلدان الإسلامية التي رسمنا ملامحها السياسية والمؤسسية ضمن هذا الكتاب ، يمكن أن تشكّل إطارا فعّالا لإعادة وحدة وحيوية أمة مجزأة ومنهوكة .

كما أنها تشكل أحد المعالم الهامة على طريق عودة لامناص منها لنظام الخلافة في وقت مّا لا يعلمه إلاّ الله . نقول جازمين " لا مناص منها " لآنّ النبي صلى الله عليه وسلّم اخبر في حديث رواه أحمد والبزّار والطبراني وصحّحه الحافظ العراقي والشيخ الألباني وغيرهما : .

" بداية دينكم نبوة ورحمة ثم تكون خلافة وصلاح ثم تكون إمارة وحكم مطلق ثم تكون ( من جديد) خلافة وصلاح " أو كما قال صلّى عليه وسلم ، وأعتقد أن عهد الخلافة ( الذي بشّر به الحديث ) قد أصبح قريبا جدّا ما دام العالم الإسلامي يعيش الآن في ظل أحكام مستبدّة كما ورد في الحديث السالف (8) نقول للقراء من حديثي العهد باعتناق الإسلام إن جميع ما أنبأ به الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد تحقّق وأثبتت مقارنة الوقائع صدقه بدقّة متناهية .

فالحديث الذي استشهد نا به للتوّ يبيّن بجلاء التطابق المطلق لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم مع مجريات الأحداث في المستقبل .

وهكذا نكون مع الحديث قد شاهدنا بالتّتابع :

- بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ،

- حكم الخلافة الراشدة مع أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم

- الأمارة والحكم المطلق من عهد الأمويين حتّى الثورات العربية في مطلع القرن الواحد والعشرين .

- الحلقة الرابعة من ما أخبربه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودة الخلافة قد بدأت هي الأخرى تتشكّل .

وحين نرى رؤساء دول مطاردين كالطرائد يحاصرها الصيادون من كل الجهات ثم تزهق أرواحهم بعد إشباعهم تنكيلا ورؤساء دول يسحلون في الطرقات ويصفدون أمام المحاكم في لباس المساجين أو داخل الأقفاص الحديدية فضلا عن رؤساء دول أحرقوا أحياء وآخرين فارين إلى الخارج هروبا من غضب الشعب، ورؤساء دول في حالة هلع وترقب أمام جلبة الشارع يحاولون عبثا إنقاذ كراسيهم بسد ثغرات وتصدعات نظام حكمهم الآخذ في الانهيار، حين نرى ذلك نتأكد أن صفحة أنظمة الحكم المطلق في العالم الإسلامي بدأت تطوى إلى غير رجعة، لتفتح صفحة أخرى، بسكينة مدشنة العودة الحتمية لنظام الخلافة، وهكذا تكون المرحلة الأخيرة مما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بدأت تتحقق. وبذلك تنتهي الحقبة الممتدة من عهد بني أمية إلى يوم الناس هذا، وقد كان المسلمون فيها ضحية أحكام مستبدة، قاسوا صنوف الإهانة والتنكيل والعنف الوافد من الغرب المسيحي. أفول الأحكام المستبدة ونهاية حضور الغرب المزاحم في بلاد الإسلام وعودة الأمة إلى سابق عهدها، ألا يكفي ذلك زادا للمسلمين لخوض غمار الألفية الثالثة؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1) إنجيل متى السفر 5 الفقرات 39-45 وإنجيل لوقا: 6: 29-30

2) إنجيل متى 10، 34 وإنجيل لوقا 12: 51

3) رجيس دبرى "حان وقت نزع سلاح الرب" في أسبوعية تليراما إبريل 2003.

4) التوراة سفر التثليث 20: 10-17

5) القرآن الكريم، سورة البقرة ، الآية: 74

6) جنون بوهل: الإسلام و المسيحية والعنف 2006

7) وفي نفس السياق، نسمع أن حركات الشارع الشعبي الآخذة في الانتشار عبر بلدان الغرب تزامنا مع الثورات العربية، قد نسبت إلى "الفيئات المتذمرة الإسبانية" في حين أن أصحاب هذه الحركات إنما حذو حذو الشارع العربي

8) الدكتور حسام عبد الدين بن موسى أفانه أستاذ القانون وأصول الاجتهاد في جامعة القدس (فلسطين) 2008 يقول الأستاذ عبد الدين إن عهد الخلافة الذي أخبر به الحديث هو فعلا عهد الأحكام المستبدة الذي نعيشه في العالم، ولا تعني الخلافة القادمة حكم المهدي المنتظر لأن ظهوره من أشراط قيام الساعة، فهو سيظهر قبيل ظهور المسيح عليه السلام كما هو وارد بجلاء في الكثير من الأحاديث.

• موسى حرمتلله: باحث وكاتب وأستاذ جامعي ألف عدة كتب منها على الخصوص: "محمد الوجه الحقيقي لنبي الإسلام" .

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016