الصفحة الأساسية > الأخبار > الثورة الاجتماعية "آتية لا ريب فيها"

الثورة الاجتماعية "آتية لا ريب فيها"

الاثنين 24 أيلول (سبتمبر) 2012  11:00

ما من شك في أن حكومة الرئيس محمد ولد عبد العزيز تسعى جاهدة، بقصد أو بغير قصد، إلى تهيئة الظروف الملائمة لقيام ثورة اجتماعية لا قبل لأي كان بجزر أمواجها العالية الهائجة، التي ستشكل أول تسونامي ينتظر أن يجرف عتاة ساسة الأغلبية والمعارضة على حد السواء. الثورة الاجتماعية "آتية لا ريب فيها"، كما يرى المتابعون لاتساع رقعة معاناة الفقراء، الذي يستقبلون يوميا أفواج المنتسبين القادمين من الطبقتين البورجوازية والمتوسطة، رغم أن هذه الأخيرة باتت قاب قوسين من الاندثار، وهي التي تسعى كل البرامج التنموية عبر العالم للحفاظ عليها وتوسيع دائرتها بوصفها صمام أمان الشعوب والضامن لاستقرار الأمم. لقد وصلت الشرائح الاجتماعية إلى مرحلة من تدني الأجور وغلاء الأسعار وغياب الأمن، مرحلة باتت معها الاستكانة للأمر الواقع شبه مستحيلة، مع العلم أن المسؤولية في ذلك لا يمكن إلا أن تعتبر نتيجة حتمية لتراكمات ظلت تطحن الفئات الهشة في المجتمع، لكنها الآن وصلت مرحلة النضج وباتت تنحت مداخيل الأغنياء ومتوسطي الدخل، وحولتهم إلى فقراء يدورون في متاهات البحث عن لقمة العيش. ما يحز في أنفس العامة هو أنهم انحازوا لبرنامج رفع شعار مكافحة الفقر، وتسمى رئيسه برئيس الفقراء، ليتبين لهم لاحقا أن الحلم مجرد خيال، وأن أمورا أخرى ليست ذات صبغة استعجالية ولا تحمل طابع الأولوية، كمحاربة الإرهاب مثلا، باتت الهم الشاغل للسلطة التي انتخبوها وذادوا عنها، بل وتخلوا من أجلها عن كافة التزاماتهم السياسية السابقة وقناعاتهم التي كانت ذات يوم راسخة. لقد سحبت الدولة دعمها للمواد الأساسية، لترتفع تكاليف الحياة من معيشة ونقل، وركز أصحاب صنع القرار على بناء طرق مدعمة غير مدروسة الجدوائية، في حين أن تلك المبالغ الضخمة لو صرف جزء منها في بناء شبكة سكك حديدية تربط بين أطراف البلاد لانخفضت تكاليف نقل الأشخاص والبضائع، ولكانت أسعار متطلبات الحياة في متناول الجميع. فالسنغال، التي تشكل سدس مساحة موريتانيا، ترتبط من أقصاها إلى أقصاها بمنظومة سكك حديدية تنقل القطارات التي تستخدمها بأسعار رمزية تكاد لا تحرك عدادا، رغم أن موريتانيا أكثر منها موارد، خاصة الحديد الذي يجعل امتلاك خاماته من بناء سكك حديدية مشروعا بلا تكاليف، خاصة أذا استفدنا من خبرة الموريتانيين المتجلية في شركة سنيم، وتم تفعيل منجم "بوفال" المتوفر على كميات هائلة من خامات الحديد. إن أهم ما يمكن أن يكبح جماح الثورة الاجتماعية التي بدأت طلائعها تبرز للناظرين هو دعم القدرة الشرائية للمواطنين الفقراء لانتشال غالبيتهم من تحت أقدام الفقر وإعادتهم إلى حظيرة الطبقة المتوسطة، وذلك من خلال دعم الدولة للمواد الأساسية، ورفع أجور العمال بنسبة لا تقل عن 100%، دون أن يكون للضرائب سلطانا على تلك الزيادة، حتى ولو تم ذلك بدون رضى الشركاء في التنمية، الذين سيدركون أن رفع أجور العمال أهون وأقل خسارة من اندلاع ثورة لا تبقي لهم شيئا ولا تذر. كما أنه على الحكومة القادمة، ولا نعني الحالية فتلك أمة قد خلت، على القادمة أن توجه أغلب استثماراتها إلى مجالي الريف والصيد باعتبارهما ثروات متجددة يعود نفعها على الجميع، بدل التركيز على المعادن المهددة بالنضوب والتي لا تسير في ركب الدورة الاقتصادية التي تخترق الأسواق وجيوب العامة. لقد تجاوزت نسبة الفقر 90% في الوسط الريفي و 60% في الوسط الحضري، وهو ما ينبئ بمستقبل مظلم في ظل غياب استرتيجية واضحة، تعتمد فتح فرص التشغيل التي لم تشهد خلال عشر سنوات إقامة مصنع واحد في ظل هشاشة التكوين الذي يبدو سياسيا أكثر مما هو تقني. وفي انتظار ذلك على ساسة الأغلبية والمعارضة أن يفكروا في اللجوء إلى قمة جبل يعصمهم من الغضب الشعبي، الذي لن يجد وقتا لقراءة الشعارات الجوفاء، مهما كان حاملها.

السفير

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016