انسحاب "حاتم" من الاغلبية والاستحقاقات التشريعية والبلدية القادمة ومقتل ولد انجيان، وخروج غالبية مجموعة فرسان التغيير من الحزب، والحراك الشبابي، ومعركة "وغادو" مواضيع من بين أخرى أثارتها يومية أخبار نواكشوط مع النائب في الجمعية الوطنية ورئيس حزب " حاتم" صالح ولد حننا في مقابلة مطولة جاءت فيمايلي:

أخبار نواكشوط: يعتبر حزب "حاتم" أحد الأحزاب المؤسس للأغلبية ـ اذا جاز التعبيرـ ما الجديد الذي دفعكم للانسحاب؟

صالح ولد حننا: نشكركم على إتاحة هذه الفرصة للتواصل مع الرأي العام ولإنارته حول القضايا الأساسية ورؤية حاتم حول هذه الأوضاع، وكما تفضلتم قبل ان نكون جزء من الاغلبية كنا جزء من المعارضة لفترة طويلة وهذا طبيعي في مسار أي حزب سياسي، نحن بطبيعتنا نوالي أو نعارض حسب ما تمليه علينا المصلحة الوطنية، بالتأكيد انخرطنا ما بعد السادس من أغسطس 2008 بعد تحليل الوضعية السياسية حينها وبعد نقاش مع رأس النظام تم من خلاله الالتزام بجملة من القضايا اعتبرنا أنها تشكل أولوية في تلك المرحلة من تاريخ البلد من جملة هذه القضايا محاربة الفساد، قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، تحسين أوضاع البائسين والمحرومين في مجتمعنا. كان هذا هو الأساس الذي من خلاله وبناء عليه دخلنا في الحكومة وكنا جزء من الأغلبية بعد ثلاث سنوات من هذا الوجود في إطار الأغلبية، وبعد ان حصل مستوى من التفكير الجاد والتقييم الموضوعي للالتزامات التي قطعها النظام على نفسه لاحظنا ان هنالك ما ينبغى ان نراجعه وفتحنا نقاشا موسعا داخل الهيئات الحزبية، وتوصلنا الى خلاصة أن كل تلك الالتزامات التي كانت دافعنا للانضمام للأغلبية ليست ذات مصداقية من خلال ما تم تجسيده منها على أرض الواقع، تعرفون أن شعار محاربة الفساد الذي هو مطلب للجميع ولكونه جزء من برنامجنا وجزء من الخطاب الرسمي ما بعد السادس من اغسطس ولكونه جزء من برنامج الرئيس محمد ولد عبد العزيز، رأينا أنه لم يتحقق من هذا الشعار والبرنامج غير توظيفه أحيانا لتصفية الحسابات مع الخصوم، وكمثال بسيط رغم أنه قد مرت ثلاث سنوات لم يمثل أي شخص موريتاني أمام محكمة متهم بالفساد، وهناك أمور أخرى ذات أهمية كبيرة من قبيل تحسين أوضاع البائسين، وتبين لاحقا أن هذا لم يكن سوى شعارا فارغا من أي محتوى، فالاسعار تتزايد يوما بعد يوم ونفس الشيئ ينطبق على البطالة، المظالم الاجتماعية احتجاجاتها تتكرر يوما بعد يوم، وكذلك تجاهلها، وبالتالي توصلنا الى أن كل تلك الالتزامات التي تم الالتزام بها للشعب الموريتاني كانت مجرد شعارات براقة أريد منها فقط دغدغة مشاعر الجماهير والنظام غير جاد في تنفيذها وبناء على هذه الخلاصة قرر الحزب فك العلاقة مع النظام القائم وأن يمارس دوره معارضا ناصحا موجها في إطار الحراك السياسي الذي يشهده البلد.

أخبار نواكشوط: تزامنا مع خروجكم من الأغلبية تتجه منسقية المعارضة للحوار، ما رأيكم في هذا الحوار؟

صالح ولد حننا: لقد كنا من السابقين للدعوة للحوار حتى قبل انقلاب أغسطس 2008 لأننا كنا نرى فيه الآلية الحضارية الأمثل لتجنيب البلاد الصدامات غير الضرورية وللوصول بالفاعلين السياسيين الموريتانيين كل حسب مستواه إلى المشاركة الحقيقية في تسيير الشأن العام لأننا من الذين يحرصون بكل تأكيد على ان يشرك جميع الموريتانيين دون أي إقصاء او تهميش في تسير الشأن السياسي ومن هنا أؤكد على ضرورة ان يكون هذا الحوار جاد وان تتوفر الإرادة الصادقة للوصول بهذا الحوار إلى مبتغاه.

اخبار نواكشوط: في وجه الاستحقاقات التشريعية والبلدية التي تقف على الأبواب يتساءل البعض عن وضع حزب " حاتم" الذي شهد تقلصا في عدد منتسبيه على خلفية الانسحابات المتتالية؟

صالح ولد حننا: أطمئنكم وأطمئن منتسبي حاتم أن الحزب بخير، صحيح أن هنالك من خرج منه لسبب أو لآخر، لكن هنالك كثر ممن انضموا لحاتم لأسباب أخرى يمثلها حقيقة هذا المشروع في اذهان الموريتانين، لا اعتقد ان وضع حاتم السابق أحسن من وضعه الحالي وذلك ما ستؤكده انشاء الله الاستحقاقات القادمة.

اخبار نواكشوط: معظم جماعة فرسان التغيير الذين انضموا في حزب حاتم عند نشأته خرجوا منه كيف تعللون ذلك مع العلم أن ما جمعكم مع الفرسان قد لا يتوفر لغيركم من مؤسسي الأحزاب السياسية؟

صالح ولد حننا: الكل يعرف أن طبيعة الترحال السياسي في مجتمعنا الموريتاني اصبحت عادة بناء على العديد من المعطيات سواء كانت مصالح أو ولاءات إلى آخره، لكننا نعتبر أولا أن مشروع فرسان التغيير يختلف عن مشروع حاتم، فمشروع فرسان التغيير كان مشروعا انقلابيا بالدرجة الاولى جمع الكثير من شرفاء هذا البلد من المؤسسة العسكرية، وحتى من المدنيين، بهدف إزالة نظام وليس بهدف انجاز عمل سياسي أو مشروع مجتمعي كما يجسده حاتم طبعا، اجتمع هؤلاء على الإطاحة بنظام معاوية ولد سيد أحمد ولد الطائع بعد إزالة هذا النظام والتغيرات التي حدثت 2005 و 2008 انتفى السبب الذي تآلف عليه هذا الائتلاف الواسع وبقيت الساحة السياسية مفتوحة للكل حسب رؤاه السياسية والمشروع المجتمعي الذي يؤمن به وخلفيته الايديولوجية والفكرية ومن الطبيعي في ظل هذه الطروف ان يبحث كل عن الاطار السياسي الذي يناسبه ونحن نبارك لكل فرد من هؤلاء الاطار السياسي الذي وجد نفسه فيه الآن، ونعتقد أن ذلك لا يفسد للود قضية ونؤكد أن مشروع حاتم سيظل مشروعا مجتمعيا يختلف بالتأكيد عن مشروع الفرسان.

اخبار نواكشوط:الحديث عن الفرسان يقود إلى انقلاب 8 يوينو ومقتل ولد انجيان، ثمة من يقول بأن مكتب قائد الأركان دمرته قذيفة من احدى الدبابات التي كانت تحت إمرتكم ما تعليقكم على ذلك؟

صالح ولد حننا: المعلومات المتوفرة عندنا والتي أكدتها التحقيقات التي أجراها المحامون الذين شاركوا في محاكمة واد الناقة تؤكد ان القذيفة التي أصابت قيادة الاركان من قاذفة آر بي جي 7 وهذا السلاح لم يكن موجود لدى الانقلابين في ذلك اليوم طبعا هناك معلومات كثيرة يمكن ان تفيد في توجيه التحقيق ونحن كما نؤكد دائما حريصون على استيضاح هذه الصفحة من ثورة 8 يونيو وبالتأكيد نطالب بضرورة التحقيق حتى تتم انارة الرأي العام وحتى يتم تحديد المسؤوليات، وكنا حريصين على ذلك في مناسبات أخرى مثل محاكمات واد الناقة، وفي التحقيق الذي أجرته معنا الشرطة.

اخبار نواكشوط: بناء على خلفيتكم القومية هل تعتقدون أن الفكر القومي ما يزال قادرا على الاستجابة للطموحات العربي المعاصر؟

صالح ولد حننا: نحن منذ البداية لم نكن جزء من أي ايديولوجيا ضيقة او محدودة قومية او اسلامية نحن نؤمن بموريتانيا موحدة ومتصالحة مع ذاتها موريتانيا متمسكة بهويتها الحضارية هويتها العربية والإسلامية، تعددها العرقي الذي يشكل مصدر ثراءها تعرفون أن مرحلة الايدلوجيات تم تجاوزها نهائيا في مختلف الساحات العربية والآن نشهد في ساحات المثقفين العرب مستوى من الرقي في التفكير السياسي ليتجاوز التصنيف الايديولوجي الضيق ونحن جزء من هذا الحراك، هنالك حراك قومي اسلامي يحاول ان يجمع بين التيارين ونحن جزء من هذا التيار.

أخبار نواكشوط: قسم من المعارضة يعتقد أن وضع البلد الراهن أسوء من مرحلة نظام ولد الطائع ما رأيكم في ذلك؟

صالح ولد حننا: من خلال التقييم الذي قمنا به مؤخرا و تحليل أوضاع البلد على مختلف المستويات يؤكد أن الوضع الحالي سيئ للغاية ويحتاج إلى انتشال حقيقي لأنه يضع البلد على حافة الخطر بحيث أننا نعيش ثورات في مختلف الساحات العربية هذه الثورات نخشى أن تمتد إلى موريتانيا لأن أسباب اندلاع هذ الثورات موجودة والاستبداد السلطوي موجود وكل التراكمات الأخرى، وكنا حريصين منذ البداية على المطالبة بإصلاح حقيقي قبل فوات الأوان لأنه إما أن يحدث الإصلاح أو ان نكون جزء من هذا الحراك الشعبي الفوضوي الغير محسوب النتائج، وهذا ما جعلنا نؤكد على ان يتم الحوار وان تتوفر الإرادة الصادقة ليكون هذا الحوار أداتنا لحل مشاكلنا ولإنجاز التغيير والاصلاح الذي نسعى اليه جميعا.

أخبار نواكشوط: بما أنكم شاركتم في انقلاب سابق هل تعتقدون حاليا أن الانقلابات مازالت قادرة على حل الأوضاع المتأزمة؟

صالح ولد حننا: اعتقد أن الانقلاب أسلوب من أساليب رفض الواقع اذا ما انسدت كل الأبواب، ونرجو أن لا تكون هذه الأبواب قد سدت خاصة أن هنالك إرادة تم التعبير عنها أتمنى ان تكون صادقة في ان يكون هنالك حوارا وطنيا بالتأكيد الحوار هو أحسن الآليات لحل هذه المشاكل ولا نتمنى ان نعود أبدا إلى زمن الانقلابات.

أخبار نواكشوط: اذا وصلنا مرحلة الانسداد هل تعتبرونه حلا؟

صالح ولد حننا: نحن لا نتمنى ان يحصل هذا الانسداد الذي يؤدى الى الانقلاب لأنها هي الاسوء فكما يقولون آخر الدواء هو الكي، نحن لا نريد ان نصل إلى هذا الدواء الأخير، نحن نريد ان نعالج مشاكلنا قبل ان نصل إليه، وبالتأكيد إذا وصلنا إلى هذه المرحلة لا قدر الله سيطرح الانقلاب نفسه، فالأوضاع السياسية عموما إذا ما وصلت إلى هذا الانسداد فالمؤسسة العسكرية هي المؤسسة الوحيدة المنظمة القادرة على التحرك في ظرف كهذا لإنتشال وضعية وصلت إلى ادنى مستوياتها، ومع ذلك فنحن لانتمنى أن نصل إلى هذا المستوى.

أخبار نواكشوط: بصفتكم عسكري سابق ما رأيكم في التصريحات الصادرة عن قيادة الاركان بخصوص معركة "وغادو"؟

صالح ولد حننا: نتمنى أن يكون ما صدر عنهم هو الحقيقية ولدينا تحفظات كثيرة وتحفظنا الأول هو ما عبرنا عنه بخصوص استخدام الجيش الموريتاني خارج الحدود الموريتانية يعتبر خطر حقيقي خاصة اذا ما علمنا ان الحرب على الإرهاب كان من المفترض ان تكون جهدا منسقا في الاطار الإقليمي بين أربع دول على الأقل، موريتانيا ومالي والنيجر والجزائر، وأن يكون هنالك دعما غربيا لهذا التحرك. ما عبر عنه الإخوة في المؤتمر الصحفي هو أنهم قاموا بعملية منفردين بالرغم من أنها تحصل على أرض أجنبية أرض، دولة المالي التي حصل الأمر على أرضها لم تتدخل هذا لا يطمئن أبدا على أن هنالك مستوى من التنسيق ونوع من العمل الجماعي نحن جزء منه وهذا ما يجعل الخطر أكبر وإذا ما أنضاف الى ذلك صعوبة الميدان الذي حصلت فيه تلك الاشتباكات يمكن فعلا ان نشك كثيرا في الحصيلة النهائية التي عبر عنها قائد مكتب العمليات. نحن نعتبر أن الحرب على الإرهاب فرضت نفسها على الكثير من الساحات لكن الحرب على الإرهاب هي أجندة أمريكية، و حرب أمريكية بالدرجة الأولى، ومن مصلحتنا كغيرنا من الدول الإسلامية ودول العالم الثالث أن لا نكون جزء منها. هنالك أمثلة سيئة جدا كانت جزء من هذه الحرب و دفعت الثمن باهظا، هنالك مثلا باكستان التي دفعت ثمنا باهظا، هنالك اليمن أيضا، اعتقد أن هذه الحرب لا تغرى من خلال الأمثلة الواقعية أي طرف للدخول فيها كجزء منها لأنها ببساطة لاتهمنا ولاتعنينا.

أخبار نواكشوط: يعتقد البعض أن خيار الحرب الاستباقية هو الخيار الوحيد المتاح خصوصا أن الأنظمة السابقة التي اقتصر دورها على الدفاع عن الحوزة الترابية لم يحمها من التعرض لهجمات متكررة من طرف القاعدة ما رأيكم في ذلك؟

صالح ولد حننا: اعتقد انه لا يمكن تبرير حرب خارج حدود البلد، الجيش الموريتاني مسؤول عن تأمين الحوزة الترابية وتأمين المواطن الموريتاني لكنه غير مسؤول عن مطاردة عصابات في أراضي دولة أخرى هذا لا يمكن أن يبرر، ويتطلب تكاليف باهظة جدا، واعتقد أنه ليس من مصلحتنا أن ندفعها كما أنه يتطلب قدرة كبيرة وإمكانات تعبوية كبيرة لست واثقا بأننا نتوفر عليها وحدنا.

أخبار نواكشوط: ما رأيكم في الحراك الشبابي الذي يشهده البلد؟

صالح ولد حننا: نحن نبارك هذا الحراك باعتباره جزء من طرح لقضايا وطنية أساسية من طرف مجموعات من الشباب متنورة ونعتبره مشروعا، خاصة أنها تقوم به بأسلوب حضاري بعيد عن العنف يضمنه الدستور، وبالتالي نحن نثمنه ونعتبره أساسي في الحراك السياسي الذي يشهده البلد رغم أنه لم يصل إلى المستوى المؤثر أو المدى الفعال، لكنه على الأقل تعبير حضاري عن قضايا أو مطالب وطنية ملحة تعيشها فئات عريضة من المجتمع.

المصدر :اخبار انواكشوط