مع بزوغ فجر الإنعتاق و الحرية، ظهر جيل من الوطنيين الأحرار يتقدمه الأستاذ المختار ولد داداه أبو هذه الأمة وابنها البار. لقد استطاع المختارولد داداه ومن خلفه جيل الاستقلال تحمل المشاق، فواصل العمل آناء الليل وأطراف النهار، ليؤسس علي هذه الأرض القاحلة الجرداء التي لا تتوفر علي أبسط مقومات البقاء ، كيانا مستقلا يتعم فيه الموريتانيون بالأمن والرخاء .

لقد أسسوا كل ما نملكه اليوم والذي يعتبر كل ثروتنا بدء ب : اسم الدولة ، علمها، تشيدها الوطني، عاصمتها، ولاياتها الثلاثة عشر، جيشها الوطني، طريق الأمل، ميناء انواكشوط المستقل، المباني الحكومية، الإذاعة الوطنية، الشركة الوطنية للصناعة والمناجم. وغير ذالك من المعالم التي لا تزال ماثلة تظهر هذا الجيل مظهر الحاضر الغائب ،الذي أسس ما لم يؤسسه أي من المتأخرين .

لقد اتخذ هؤلاء من المصلحة العليا للوطن الهدف الأسمى والغاية النبيلة غير مبالين بالمنافع الشخصية ولا المصالح الضيقة .

لقد كانت موريتانيا في قلوب هذا الجيل، تلك الجوهرة الثمينة التي لا تقدر بثمن فلابد من تضافر جهود الكل، لكي تأخذ مكانتها السامقة بين الأمم ويرتفع صوتها عاليا بين الأصوات في المحافل الدولية، فكان لهم ذالك رغم حداثة السن، فلا ينقضي عام واحد علي نيل الاستقلال حتى تحصل موريتانيا علي كامل العضوية في الأمم المتحدة ،

وفي هذه الأثناء تنتعش الدبلوماسية الموريتانية الوليدة انتعاشا غير مسبوق فتتحرك الوفود جيئة وذهابا من وإلي العاصمة انواكشوط وتنهال المساعدات علي البلاد الفتية الجديرة بالاحترام . ويتحرك جيل الاستقلال تحو التشييد والأعمار لبناء موريتانيا الكل والتي لا تقصي شريحة ولا مجموعة. جيل الاستقلال لا يعرف القبيلة ولا الجهة، وليس للرئيس أو الوزير فيه رجال أعمال ولا متنفذون يستأثرون بالصفقات، كما أن التعيين وتوزيع المناصب و المنافع فيه ليس علي أساس الزبوتية أو المحسوسية.

ومع مرور أكثر من خمسين عاما علي الاستقلال، ورغم تباين الأحوال الاجتماعية والاقتصادية، ومع قلة المصادر آنذاك وتنوعها وثرائها الآن بسبب الزمن فإن المواطن الموريتاني العادي يقول: ليت الزمن ولي خمسون عاما إلي الوراء ،عندها سنعيش دولة رغم إمكاناتها المحدودة وننسي ما نكابده اليوم من نهب وتدمير واحتقار، ومع استحالة تقهقر الدورة الزمنية نحو ألف وتسعمائة وستين يحق للمواطن العادي أن يقول :

"المجد والخلود لجيل الاستقلال" .