الصفحة الأساسية > الأخبار > سكان قرية تناها بكنكوصه.. مواطنون يقتصر طموحهم على ما يبقيهم أحياء (تقرير (...)

سكان قرية تناها بكنكوصه.. مواطنون يقتصر طموحهم على ما يبقيهم أحياء (تقرير )

السبت 17 شباط (فبراير) 2018  07:05

أحمد ولد ابراهيم/ لوكالة كيفه للأنباء

داوم سكان قرية "تناها" الحدودية التابعة لمقاطعة كنكوصه بولاية لعصابه منذ فترة طويلة على دق كل الأبواب من أجل إيجاد حل لمشكلة العطش الخانقة.

اتصلوا بكل الإدارات المتعاقبة على الشأن بولاية لعصابه ، وطرحوا قضيتهم على كافة المنتخبين ، واسمعوا صوتهم المبحوح بالعطش لكل وجهاء ومتنفذي المنطقة ، لكنهم لم يجدوا من يصغي إليهم أو يلين قلبه لمعاناتهم أو يؤنبه ضمير أو وازع أخلاقي أو ديني فيتألم لما يعيشه إخوته و أبناء وطنه من أوضاع مزرية على أديم بلدهم .

سكان " تناها " لم يتقدموا إلى حكومتهم بمطالب تعجيزية ولم يطمعوا يوما بأن تحاول هذه الدولة جعلهم في أحوال شبيهة مع نظرائهم في القرى المالية المجاورة، هناك لم يتحدثوا عن حقهم في تغطية صحية مناسبة ولاعن تعليم لائق لأبناهم أو كهربة لمساكنهم أو سدود وسياج لمزارعهم ، لكنهم فقط طالبوا بجرعة ماء تبقيهم أحياء لمواصلة الصراع مع أوجه البؤس وتحديات الحياة الأخرى المتعددة الابعاد، يريدون فقط أن يشربوا من الماء.

لقد دخلت وكالة كيفه للأنباء إلى هذه القرية الحدودية في الثلاثين من شهر مارس الماضي ووقفت على العديد من أوجه مشاكل المواطنين هناك ورغم أنهم يفتقرون إلى كل شيء إذا استثنينا مركزا صحيا لا يحتوي حتى على قطع القطن ومدرسة من قسمين أو ثلاثة لا تجد كفايتها من المدرسين ،فإن هؤلاء السكان صابرون ومحتسبون ولا يريدون الحديث إلا عن عصب الحياة (الماء ) ، لا يريدون غيره أبدا .

إنك تشعر بالتمزق الداخلي والانهيار العصبي وأن تقف على البئر الوحيدة بالقرية التي حفرها أحد السكان. نساء حوامل ومرضعات يحملن أطفالهن على ظهورهن ورجال مسنين وأطفال وفتيات؛ كلهم يدلي دلوه لجلب الماء من البئر ، يجف البئر فيجلس الناس على جانبه حتى يتجمع قليل من الماء فيعاودوا الكرة وهكذا. بئر لا يغادره الناس على مدار الساعة.

إنك تخال الناس عنده وكأنهم في مهرجان وذلك بغية ملء قربة أو حاوية صغيرة أو إناء. لقد تجمع السكان من حولنا آملين أن ننقل معاناتهم إلى من لم يسمعها من قبل ، لقد أقسم لنا رجال مسنين أنه في بعض الليالي لا تستطيع الأسر النوم بفعل بكاء الأطفال من العطش. في قرية تناها يشرب فقط من يستطيع جلب المياه من إحدى القرى المالية المجاورة.

المفارقة العجيبة أن قريتين ماليتين مجاورتين "لتناها" هما "جنداكه" و"تمبخاره" لا تبعدان أكثر من كيلومترين تتوفران على كل الخدمات الاساسية ، فيهما طرق معبدة تربطهم بكبريات المدن المالية وشبكات مياه وكهرباء واتصالات .

سكان تناها في الجمهورية المجاورة يشرب بعضهم من حنفيات القرى المالية ومنها يتزودون بالثلج وبالمرطبات وباقي المواد التي تحتاج إلى التبريد وفي هذه القرى يشحنون هواتفهم بالكهرباء ويهتفون عبر اتصالات " أورانج المالية " وأما العملة السائدة والمحببة فهي أيضا العملة المالية.

في تلك القري تحضر الدولة وتوفر للسكان ما هو أساسي في حياتهم وفي الجانب الآخر يعيش أهلنا في تناها على هامش الحياة وينظر إليهم جيرانهم بالدونية .

آمنة بنت صمب صاحبة الفيديو المرفق تقول بلسان الذي يتحدث بالقلب : أرأيتم إن ساء التفاهم بيننا وأخوتنا بمالي يمكنهم أن يبيدونا بوضع قليل من السم في مياهم التي لا نستغني عنها .

لقد كان الأمر بالنسبة لهؤلاء السكان مخجلا للغاية وباعثا على الغيرة ،إذ كيف تستطيع دولة بمثل مالي الإطلاع بمسؤولياتها اتجاه مواطنيها فلا تستثني قرى بعيدة في تماس مع القرى الموريتانية وتعجز الدولة الموريتانية عن توفير شربة ماء لمواطنيها في تلك المناطق.

هل يصدق أحد أن تحقق مالي بالفستق تلك الإنجازات الكبيرة ونخفق في موريتانيا عن توفير الماء لقرية تناها ونحن الذين نملك الحديد والسمك والذهب والنحاس والأرنيوم. لم يشفق لسكان تناها استجابتهم السريعة لضرائب البلدية ولم يشفق لهم الوقوف الدائم مع أحزاب السلطة ولم يشفق لهم تواضع مطالبهم.

في ذلك اليوم كانت وكالة كيفه حاضرة عندما تقدمت نسوة وربات أسر لوالي لعصابه وهن يجهشن بالبكاء و يرددن العطش العطش العطش. ورد الوالي لا مشكلة سوف ياتي الحل . لا أظن أن عيون تلك النسوة الغائرة من العطش وكلماتهم الباعثة على الشفقة ستغيب لحظة عن الوالي ،أظن أن أحلاما مخيفة ستنتابه وستطارد الكوابيس كل المسؤولين الذي رافقوا الوالي في تلك الرحلة وحضروا مقابلة النساء المذكورات.

(أنظر الفيديو)

http://www.youtube.com/watch?v=BQ0K...

السيد والي لعصابه :

إن الواجب والمسؤولية والضمير كلها أمور تفرض أن لا تقر لك عين حتى يشرب أطفال تناها و أمهاتهم في أقرب الآجال.

فإذا لم تستطيعوا سقاية هؤلاء والتخفيف من بؤسهم فاستقيلوا و سيحفط التاريخ لكم ذلك الموقف الشريف وسيأتي يوم تبحث فيه موريتانيا عن أمثالكم.

أحمد ولد ابراهيم/ لوكالة كيفه للأنباء

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016