الصفحة الأساسية > آراء حرة > موريتانيا وأنظمة الحكم

موريتانيا وأنظمة الحكم

الثلاثاء 2 نيسان (أبريل) 2013  08:17

عبد الله ولد محمد الأمين

يسرني أن أتناول في هذا العرض المتواضع سريعا مجموعة الأنظمة التي سلطت نفسها علي رقاب هذا الشعب الضعيف المستضعف وسأقسم المراحل الزمنية لهذه الأنظمة إلي مرحلتين هما :

المرحلة الأولي: 28 نفمبر 1960 إلي 10 يوليو 1978

تميزت هذه الفترة بوجود حكم مدني عمل بشهادة الجميع علي تأسيس موريتانيا وإدخالها في حظيرة العالم كما أنه لا يخفي علي أحد ما لهذا النظام من أخطاء أبرزها حرب الصحراء وسأتناول لاحقا هذه المرحلة الهامة من تاريخ بلادنا . المرحلة الثانية : 10 يوليو 1978 إلي 2013 في صباح العاشر يوليو 1978 ، استولي الجيش الموريتاني علي السلطة ، كانت البلاد وقتها تعيش حربا دمرت الاقتصاد وزهقت أرواح الكثير من أبناء هذا الوطن ، استبشر الموريتانيون خيرا بانقلاب العاشر يوليو الذي سيخلص البلاد من هذه الحرب الطاحنة .

جاء العسكريون بمجموعة من الوعود الجميلة فبالإضافة إلي إيقاف الحرب ، ترسيخ الديمقراطية التعددية ،انتشال الاقتصاد الوطني وعودة العسكريين إلي الثكنات بعد تحقيق كل هذه المنجزات .

تطلع المواطنون إلي سلطاتهم الجديدة وعلقوا عليها كل الآمال المتمثلة في بناء موريتانيا المستقلة الديمقراطية التي سينعم كل فرد من أبنائها بعيش كريم ، فالثروات هائلة ومصادرها متعددة والأرض شاسعة ، أما السكان فقليلو العدد قياسا بمصادر التموين ، ستكون هناك المعاهد والجامعات ، المصانع والمستشفيات . أما الطرق والمياه والكهرباء ووسائل النقل والمدارس والمصحات والمواد الغذائية الضرورية اليومية فهذه أمور خدمية لن تعجز أي أحد. المتتبع لمجريات الأمور وهذا كل مواطن عادي فهي واضحة وضوح الشمس سيلاحظ أنه بالنسبة للأهداف الكبرى الأنفة الذكر تم تحقيق ما يلي : 1- إيقاف الحرب :

تم إعلان إيقاف الحرب صباح العاشر يوليو من جانب واحد ، من موريتانيا ، قدم هذا الإعلان للبوليساريو علي طبق من ذهب وبدون أية شروط ، المسعى الوحيد هو حقن دماء الأبرياء . 2- ترسيخ الديمقراطية التعددية بعد عودة العسكريين إلي الثكنات : رفع مالكو القصر الجدد شعار الديمقراطية التعددية ووعدوا بعودة سريعة إلي ثكناتهم بعد إرساء دعائم صلبة لهذه التعددية ولكن سرعان ما تبخر هذا الوعد ، فرسخوا بدل ذالك حكمهم ووطدوا نظامهم القائم علي القوي المسيطر الذي يدعي له علي المنابر فلا صوت يعلو صوته وعند ذكره تتعالي الهتافات والتصفيقات من كل حدب وصوب ،لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، خطاباته حكم ، عباراته شعارات تردد في كل بيت ، صوره أصنام تعبد، إذا خرج إلي العامة فالناس في طوابير ابتغاء إشارة أو قبلة أو لمسة وكأنها تلمس الحجر الأسعد يوم الحج الأكبر، وإذا ضعف ملكه انبري لها زميل له مع رفقة ميمونة وكأنه مجدد قرن ، يسفه أحلام من سبقوه ، ويعمل علي طمس كل معلم يستطيع أن يذكر بهم فيقول له الناس : هذا ربنا هذا أكبر، ليتنا ما عرفنا فلانا ولا صحبناه ، يتباري الشعراء والفنانون في الإشادة بأمجاده ومناقبه والتذكير بخزايا ومثالب سلفه وهكذا تدور الحكاية .

وفي هذا العهد تأسست مدرسة النفاق والفساد وانتسب إليها كل إطارات البلد – إلا من رحم ربك – رجاء تعيين أو خشية إبعاد فتم توزيع المناصب علي أساس الولاء والتملق والاستخبار – إلا من رحم ربك – وفي هذا العهد تمت إداسة القيم والمبادئ والمثل فأصبح أكلة المال العام فرسانا لا يشق لهم غبار يهلل بحمدهم ويسبح كل إنسان – إلا من رحم ربك – وأصبح المسيرون الشرفاء – وقليل ماهم – مستضعفون أذلة لايزنون جناح بعوضة في المجتمع – إلا من رحم ربك – وعندما أراد مسيرو خيرات هذا الشعب بإملاء خارجي تأسيس ما يسمي أضحوكة الديمقراطية التعددية عملوا علي استمالة شيوخ القبائل فذهب كل إطار إلي عشيرته بغية تقديمه معززين بذلك القبلية في أبشع صورها وأعلي تجلياتها ضاربين عرض الحائط بالحرية والعدالة والمساواة ، معيدين موريتانيا إلي عصور غابرة عرفها أجيالها قبل الاستقلال بمئات السنين.

3- الاقتصاد الوطني :

كل ما جاء مالك جديد أرسل رسله إلي شركاء موريتانيا في التنمية يستجدي الهبات والقروض فيحلف هؤلاء الرسل بأيمانهم المغلظة للأجنبي أنهم لن يعيدوا الكرة وأن الأرقام المغلوطة التي كانت تردهم هي صنيعة فلان المخلوع الذي خرب ودمر ، فتأتي المساعدات تتري باسم الشعب المسكين هبات وقروضا باسم الشعب المسكين ، يفتح لها النظام الجديد فمه ويكشر عن أنيابه ويتفنن في اقتناء رجال أعمال جدد تفتح أمامهم المعاملات ويحددون المقاولات التي يريدونها فينشؤون الشركات العملاقة لصالحهم وبالتناصف مع أسيادهم ، يركبون السيارات الفارهات بعد أن كانوا بالأمس القريب حفاة عراة ، لو أعطي هذا الشعب المسكين ربع العشر من مجموع ما جمعته هذه الأنظمة المتعاقبة علي بلده لكان يعيش في رخاء وهناء ولكن هؤلاء يقولون ما جمعناه إلا لكي نعيش ويحيا أبناؤنا في ترف وعز وعلي أبناء الفقراء أن يعيشوا تعاسة وشقاء أو يموتوا غير مأسوف عليهم وعلي الدنيا العفاء . محطات هامة :

12 دجمبر 1984

حدث في هذا اليوم انقلاب في السلطة فأوعز الحكام والولاة إلي الجماهير التي تترقب التغيير أن تخرج إلي الشوارع فقد جاء الحق وزهق الباطل ، أبقي السيد الجديد ما كان علي ما كان :( اللجنة – هياكل تهذيب الجماهير – الظلم – المحسوبية – الجهوية ....) بدون أن ننسي – للأمانة - إطلاقه سراح سجناء الرأي والكلمة الصادقة .

03 أغشت 2005

في هذا اليوم استيقظ الموريتانيون علي نبإ إزاحة أعز عسكري حكم البلاد وأطولهم مدة وأرسخهم قدما في الاستبداد.

جاء العسكريون الجدد رفاق العقيد المخلوع يحملون شعارات العدالة والديمقراطية فأقنعوا الرأيين الوطني والدولي بصدق نواياهم ونظموا انتخابات ظن الجميع علي أنها شفافة وقد تكون لولا ما شابها من خروقات الترغيب ، وعلي علاتها انتخب الرئيس المدني فظن الموريتانيون أنهم ودعوا العهد الاستثنائي ولكن هيهات فقد عاد من جديد بحجة أن الرئيس المنتخب أقال بعض القادة .

حمل الوافدون القدماء الجدد شعار محاربة الفساد والمفسدين ولكن سرعان ما ظهر العكس فقد اجتمع جل المفسدين المعروفين من طرف العامة حول النظام الجديد فوزعوا صكوك الغفران علي المتعلقين بهم وأغدقوا عليهم العطايا وتوعدوا بالويل والثبور كل من خالفهم الرأي . الأنظمة والشعارات الجوفاء : ابتدع كل نظام أثناء مأموريته شعارات جوفاء سوقها للعامة وفرض عليها ترديدها والإشادة بها مثل :

إلغاء الرق – تطبيق الشريعة الإسلامية – محو الأمية – المرأة – الكتاب – محاربة الفساد والمفسدين . حقائق أريد بها باطلا وقضايا لاستعطاف المواطنين واستمالة الممولين والهدف كسب المزيد من المال .

أخيرا – في موريتانيا – كلما أسدل الستار علي مشاهد مسرحية هزلية هدفها ابتزاز المواطن ونهب خيراته أزيح الستار عن مشاهد جديدة لمسرحية أخري لا تقل شأنا ولا تقدم حلا لواقع مر خلفته حوادث مسرحية ماضية .

1 مشاركة

  • موريتانيا وأنظمة الحكم 2 نيسان (أبريل) 2013 11:26, بقلم محمد حرمه/محفوظ

    حيا الله الا ستاذ عبد الله ولد محمد الامين ..لاخلاف على ضدق وواقعية ما كتبه .. لكن كان على الاستاذ الكاتب .. ان يتناول كل محطات الحكم بقد ركاف من الشرح والتحليل..فالمقال ممتاز..لكن بعض الضحايا من امثالى يفضلون تناول كل محطة من محطات الانظمة العسكرية بمزيد الشرح والتحليل ..حتى ولو كلف ذالك الكاتب تناول الموضوع فى سلسلة مقالات متواصلة.

    الرد على هذه المشاركة

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016