الصفحة الأساسية > آراء حرة > رسالة من لعصابه.. مقترح لدعم المسار/ زينب بنت سيديني

رسالة من لعصابه.. مقترح لدعم المسار/ زينب بنت سيديني

الأحد 3 تموز (يوليو) 2022  03:46

في سياق الانفتاح الديمقراطي الذي انتهجه النظام الموريتاني منذ وصول فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني إلى السلطة وفي إطار تعثر الحوار الوطني بسبب امتناع البعض عن المشاركة فيه وانسحاب البعض ،رغم حرص رئيس الجمهورية على أن يكون الحوار شاملا لا يستثني أحدا سبيلا إلى تصور مسار ديمقراطي يشارك الجميع في إعداده ورسم خارطة الطريق المثلى المتفق عليها الرامية إلى تحمل الكل لمسؤوليته وخلق ظروف مواتية تعالج فيها القضايا الوطنية بصفة موضوعية تراعي المصير المشترك وتهيئة الجميع لأداء الواجب الوطني من خلال مسار توافقي يطمئن له الكل. وأثناء هذا التوقف أردت أن أبعث رسالة من ولاية لعصابة إلى المنسحبين من الحوار والراغبين عنه سعيا لإثراء الساحة السياسية والفكرية و تحريك المياه الراكدة من اجل تعبئة واسعة لترسيخ الوعي بضرورة الولاء للدولة ونبذ الخصوصيات الضيقة والتمسك بالمصلحة العامة للبلد ،والتي تقتضي استغلال الفرصة النادرة المتمثلة في وجود قيادة جمعت بين العدالة الاجتماعية، والديمقراطية، وأشركت جميع مكونات المجتمع المدني وأتاحت الفرصة للخلق والإبداع ورقابة التسيير والتفاعل والنقد.

مما يستوجب استغلال الفرصة المتاحة والنادرة لبناء ديمقراطية حقيقية تشاركية قادرة على إنتاج طبقة من السياسيين والمسؤولين المؤمنين بالدولة والموالين للمصلحة العامة للبلد.

وذلك من اجل إصلاح الخلل الناتج عن فعل الكثير من مواطنينا الذين يرفعون شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون ومع ذلك يمارسون أبشع أساليب الاستبداد والإقصاء , عبر تعاطي الرشوة، وممارسة المحسوبية وإثارة النعرات القبلية والخطاب الضيق والافتراء.

هذه المعضلات التي حالت دون تجسيد ديمقراطية حقيقية على أرض الواقع وجذرت المد القبلي وأتاحت الفرصة لخلق برجوازية تستمد نفوذها من غنى فاحش حصلت عليه بطرق مظلمة نتجت عنها خيبة أمل لدى الشعب الذي كان يتوق إلى بناء دولة المؤسسات وترسيخ الثقافة الديمقراطية ، في زمن تحررت فيه الأمم من الظلم والاستبداد وأصبحت المجتمعات والدول تتنازل عن خصوصياتها الضيقة لتتكتل في اتحادات وأقطاب سياسية تضمن لها الالتحاق بمصاف الأمم المتقدمة.

غير أننا عدنا للدرك الأسفل من التخلف والتخندق في القبيلة وما أدراك ما القبيلة؟ !

دون أن نعي جيدا خطورة التمسك بالقبيلة في عصرنا وبعاداتها الجاهلية كالتفاخر بالنسب و الحسب ورغبتها في الاعتداء على الآخرين والسيطرة عليهم وإخضاعهم بالقوة .

ومن سلبياتها أيضا توفير غطاء لأفرادها للتملص من تطبيق القانون والتمرد عليه، وقد كان التعصب للقبيلة سببا في الحيلولة دون اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب وذلك بسبب المحاصصة والنظرة الضيقة لشرائح عديدة كالشباب والنساء وأبناء الطبقات الهشة مع العلم إنها تشكل خطرا على الوحدة الوطنية والتعايش السلمي لكونها تاريخيا تبني أمجادها عبر شن الحروب الطاحنة ولأتفه الأسباب كداحس والغبراء، والأمثلة كثيرة في تاريخنا غير البعيد وبهذا تبني مجدها وتستحق ما يسمي "باتهيدين".

ومن وجهة نظري أن القبيلة كيان اجتماعي،تم حصر دوره دينيا في التعارف وجعل الأفضلية بالتقوى، حيث يقول جل من قائل:

"يأيها الناس إنا خلقنكم من ذكر وأنثى وجعلنكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم"

وحمدا لله الذي لم يقل أقواكم لئلا تبتلع قبيلة أخرى.

ومن الجدير بالذكر أن التغاضي عن القبيلة وتركها تخاطب الانتماء الاجتماعي وتدعي أحقيتها السياسية على الجميع وتوظف صلة الدم المشترك والسلالة الموحدة والقرابة ،والموروث الاجتماعي كل هذا يشكل تقوية لخصوصية ضيقة وبيئة خصبة لإضعاف الدولة .

ومن الجدير بالذكر أن القبيلة كانت تلعب دورا هاما في المجتمعات التقليدية، حيث تشكل وحدة اجتماعية وسياسية واقتصادية، وتحمي أفرادها من كل خطر خارجي ويتجسد ذلك في المقولة "أنا وأخوي على بن عمي وأنا وبن عمي على الغريب". كان ذلك في العصور الغابرة،أما الآن فنحن في دولة تشكل جزء من هذا الكون الذي يعتبر قرية واحدة محكومة بظاهرة العولمة ، ولا بد لهذه الدولة أن تقوم على أربعة أركان:

الأرض والشعب والسلطة والقانون،وينبغي أن لا يحدث اختلال في هذه الرباعية،حيث يخضع الشعب والأرض والسلطة للقانون،ويعتبر القانون هو العقد الاجتماعي الرابط بين هذه الأركان ومن خلاله تتحمل السلطة مسؤولية الدفاع عن المصلحة العامة للجميع وجلب متطلبات الحياة المتمثلة في الخدمات الاجتماعية كالتعليم والصحة والمياه والغذاء والحماية الخ ....

وعلى جميع المواطنين التشبث بالدولة التي هي الضامن الوحيد لهذه المقومات وان يعملوا على تقوية اللحمة والنسيج الاجتماعي لتجسيد الوحدة الوطنية،كما أن على الزعماء والشيوخ المحترمين أن يعوا جيدا أنه لا مجال لإعادة أمجاد القبائل، حيث اختلف الزمان والمكان واختلفت المفاهيم والوظائف والمتطلبات والمثل يقول إن الجزء الذي لا يعمل يفنى،والقبيلة لم يعد بإمكانها أن توظف حارس مبنى، لذلك لم تعد ضرورية في هذا الزمان أو على الأقل فقدت الكثير من أهميتها لدى الأفراد،ومن الجدير بالذكر أن القبيلة لم تكن إطارا مناسبا للعمل السياسي لكونها لا تقيم وزنا للشرائح الاجتماعية وتعتبرهم أداة بيدها، وهذا لا يتماشى مع متطلبات العصر،وفي أفضل الأحوال يمكنها أن تظل قيمة اجتماعية فقط ،ويمكن أن يتغير هذا إذا ما تغيرت القيم المتصلة به ، إلا أن البديل لا يمكن أن يكون التخندق في حساسيات عرقية ضيقة تعتمد على إثارة النعرة والخطاب المتطرف لكونه مادة قابلة للاشتعال بسرعة والمثل يقول "الحرب أولها كلام". هذه الحرب التي تدور رحاها وبأسلحة غير معهودة من أبرزها وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت مدرسة لتخريج جيش من "الخوارج" يعمل على تدمير الوحدة الوطنية ونزع الثقة بين مكونات الشعب والخروج على القانون.

مما يشكل خطرا اكبر من خطر القبيلة ’ لذا يجب العمل على تقوية البديل الذي لم يستشر أحدا في تقبله نظرا لكونه تتويجا لمرحلة حافلة من التحولات البشرية وهي الدولة الوطنية التي تنظر إلى الأفراد فيها كمواطنين لا رعية. من حسن حظنا في هذه الفترة الصعبة أننا بقيادة قائد يتميز بالقوّة والأمانة قادر علي المضي قدما ببلادنا نحو طليعة مصاف الأمم .

يقول تعالى (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِين) . وانطلاقا من معرفة الجميع لسيرة رئيس الجمهورية السيد محمد الشيخ الغزواني

التي تأكد بأنه لا يختلف اثنان علي امتلاكه المهارة اللازمة مع الهدوء والانضباط والتنشئة الاجتماعيّة الضامنة لصاحبها القدرة على التواصل مع الآخرين، والخبرة الكافية في إدارة المشاكل التي تعترض تسيير الحكم كما تمكن من اتخاذ القرار المُناسب في الوقت المناسب هذه الخصال التي تنضاف للشجاعة والمهارة المكتسبة من الميدان والتخطيط والمناورة وبناء الاستراتجيات الدفاعية وإتقان فن الحوار والإقناع الذي مكن من انفتاح طرفي النظام القائم على البعض أي الأغلبية والمعارضة كل هذا يجعل منه القائد القادر على التغلّب على المشكلات الكبيرة من خلال الحكم بالعدل والمساواة بين الناس . مع التمتع بمصداقية كبيرة أهلته لحيازة لقب مرشح الإجماع الوطني أثناء الترشح 2019 ومن خلال معالجة الأزمات الأنفة الذكر والتحديات الناتجة عن الوضعية المالية والمديونية وما سببته جائحة كوفيد 19 يتبين أن خيارنا وثقتنا في السيد الرئيس كانت في محلها وتأكد انه القادر علي تحمل عبء الأمانة و الاضطلاع به. يقول تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) هذه الأمانة التي بين القران الكريم الصعوبة المترتبة على حملها وجسامة التضلع بها والمحافظة عليها من الضّياع ،أكد السيد الرئيس محمد الشيخ الغزواني أنه القائد الفذ القادر على حملها وأدائها.

ومع أنني لست معتادة على المدح والإطراء للحكام فإني لا أخجل من قول الحقيقة وخاصة إذا كانت تخدم المصلحة العامة للبلد مما يجعلها محط اهتمام الوطنيين المخلصين ممن كانوا يناضلون ويضحون من اجلها.

من هنا يجب التعبير عن تثمين أداء السيد الرئيس وإخلاصه وحزمه وعزمه مع المرونة والكياسة والرزانة التي تؤكد أنه صاحب رؤية استراتيجيه رشيدة تعمل بإتقان دون الدعاية والترويج ’ كما تبين من خلال ما تم انجازه في هذه الظروف الصعبة أنه القادر على تحقيق طموحات جميع المواطنين ؛ حتى غير المؤيدين له ، لذلك تقتضي الأمانة والصدق مع الناس التنويه بهذا الأداء المميز ’ مع الإشارة إلى المخاطر التي تتطلب إجراءات عاجلة للقضاء عليها نذكر منها :

1 موقف حازم من المظاهر القبلية التي تشكل عائقا أمام بناء ديمقراطية حقيقة تشارك فيها القوة الحية بكل حرية و تضمن اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب وتضمن انتخاب مسؤولين محليين من اجل تفعيل لامركزية حقيقية تخدم الساكنة وتقوي ولاء المواطن للدولة وتسترجع الثقة في العملية الانتخابية كوسيلة للوصول للسلطة.

2 إصدار قانون حازم يحرم استخدام المال في السياسة كالرشوة وشراء الذمم وكذلك جميع المظاهر التي تستعمل للتأثير على الناخب بالباطل.

3 تفعيل وتطبيق فعلي للقانون، يضع حدا لفوضى ما يسمى بوسائل التواصل الاجتماعي واحترام ضوابط حرية التعبير و تجريم الاعتداء على الآخر بالتشهير والشتم والسب ونشر الدعايات الكاذبة والعاملة على إثارة النعرات العرقية والقبلية لنشر الفوضى وتدمير الثقة بين جميع المكونات والعمل على صنع حركة "خوارج جديدة" نافية في شرعية الجميع حكومة ومعارضة.

هذه رسالتي للمتحاورين قبل استئناف الجولة القادمة من التشاور .

زينب منت سيديني

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016