بلا طلاسم ...

الاثنين 22 تموز (يوليو) 2013  00:56

محمد عبد الرحمن ولد الحسن

الوحدة الوطنية حققتها الفطرة حين عجز الساسة عن تحقيقها ، فلقد أثبتت أرواح الموريتانيين بغض النظر عن اللون أنها متحابة و متجانسة رغم أنف كل من لا يريد لجميع ألوان المجتمع أن تتناكح لتصنع أجمل صور العالم ، لتدفع بذلك عجلة تطور الدولة الموريتانية إلى الأمام .

رغم أنها كانت وحدة وطنية مؤقتة مرتبطة بحركة الادرينالين في أجسادنا إلا أنها كانت مميزة و رائعة ، و تمنى كل واحد منا لو يحتفظ بها ، و يخبئها في قلبه الصغير ، و كانت تجربة أداء خضنا غمارها و نجحنا فها ، و أثبتنا أنه بقدورنا التطور و مواكبة الحياة و صنع دولة عصرية ، أساسها الحب و الاحترام .

إلا أن هذا المشهد يبدو أدراميا بعض الشيء ، فنحن لم نسمع يوما بمجتمع حقق وحدة وطنية في تسعين دقيقة ، و الحقيقة أننا لم نحقق وحدة وطنية بمعنى الكلمة بل القضية وحدتنا فاجتمعنا و هذا لعمري أمر رائع و نبيل ، فنحن اجتمعنا على مباراة كرة قدم و كسبناها و أثبتنا أن اختلافنا مصدر قوتنا و سعادتنا فلماذا لا نجتمع على الوطن ، فنحب له التقدم بنفس الشغف الذي أحببنا به الفوز في المباراة .

و لأنني أحاول دائما أن أكون واقعيا فلم أمشي البارحة في بريق الوحدة الوطنية التي ادعى البعض ، و لم أأمن بها حتى ، لأننا مجتمع مسلم يجب أن يوحده الدين بدل كرة القدم ، و لأننا مجتمع مسالم يجب أن يوحده حب الأمن و الأمان ، و لأننا مجتمع جائع يجب أن نجتمع على حب الرغيف و كسرة الخبز و أن نقف في صف واحد دون تمييز أمام دكاكين التضامن ، فمجتمع لم توحده عقود من الزمن من المستحيل أن توحده تسعين دقيقة ، هكذا حين ننظر إلا الواقع بلا طلاسم ، و لا كننا حين نسمع كلام السياسيين و المشعوذين سنظن فعلا أننا حققنا الكمال و أننا وصلنا قمة الرقي و التقدم و ذروة الوحدة الوطنية ، و هو ما قد يصيبنا بالكسل فنفتر عن البحث عن السعادة و التقدم الذين لن نحققهما إلى بالوحدة الوطنية التي لن نحققها ما دمنا نتوهم أننا حققناها .

البعض يكتفي بما يسمى "التعايش السلمى " و الحقيقة أن التعايش السلمى لسنا نحن من حققه بل الواقع فرضه ، ففي ظل الشريعة الإسلامية السمحاء كل المسلم على المسلم حرام دمه و عرضه و ماله ، و في ظل القانون أيضا يتأكد التعايش السلمى ، و لكن كل هذا رغما عنا مما يجعله في نظري قليل الأهمية فما أوده هو أن نحب بعضنا بشغف و يشعر كل منا أن الأخر أخوه و بن وطنه ، لا أن يكون الرادع الدنيوي أو الأخروي هو الوحيد الذي يضمن أن بعضا لن يفتك ببعض . .

الوحدة الوطنية ليست مجرد شعرات بل إحساس نتنفسه ، و واقع نعيشه هي أن نرمي بالتمييز حسب اللون أو الجهة أو القبيلة أو الطائفة عرض الحائط ، هي أن تزرع في أعماق ذاتك أننا جميعا لآدم و أن آدم لتراب ، و أن الله لا ينظر إلى ألواننا بل ينظر إلى قلوبنا ، و ما دمنا نفرح كثيرا بتحقيق الوحدة الوطنية فلماذا لا نسعى حقا إلى تحقيقها ...؟

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016