الصفحة الأساسية > الأخبار > الجالية الموريتانية بآنكولا .. مغتربون من أجل الوطن

الجالية الموريتانية بآنكولا .. مغتربون من أجل الوطن

الثلاثاء 17 أيلول (سبتمبر) 2013  01:01

مظهر من مظاهر استثمارات الجالية بكيفه (سوق)

أفاق الشعب الموريتاني في أوائل القرن الماضي من سبات عميق غط فيه منذ زمن بعيد، ليفتح عينيه على حضارة حديثة بهرته بمغرياتها المادية وتقنياتها المتطورة، وقد ازداد هذا الانبهار بعد استقلال الدولة وتبني الحكومة للاقتصاد الليبرالي الذي أسهم في ولوج العولمة إلى البيوت، مما جعل الشعب يعيد النظر في أساليب البحث عن الرزق والسبل الكفيلة بتحسين أوضاعه المعيشية المزرية.

عندها بدأت فكرة الهجرة تراود كثيرا من المواطنين خاصة أبناء المنطقة الشرقية الذين توالت عليهم موجات الجفاف في السبعينات من القرن الماضي وما صاحبها من انعدام الفرص وقلة الإمكانات، في الوقت الذي لم يستفيدوا فيه من خِدمات الدولة بسبب بعدهم عن العاصمة وما تحمله من مركزية سياسية وإدارية، إضافة إلى النظرة العدائية التي كان المستعمر ينظر إليهم بها باعتبارهم الخزان البشري والعمق الشعبي الذي أجهض أحلامه الاستعمارية بمقاومته العسكرية والثقافية، وهي النظرة التي كرست التهميش لأبناء المنطقة وأبعدتهم عن الوظائف المهمة وأماكن صنع القرار.

هذا الواقع المرير ولّدَ عقيدة راسخة لدى أبناء المنطقة بأن التعلق بالوظيفة غير مجد لأن الحصول عليها لن يغير من الوضع شيئا ما دامت الرواتب لا تسمن ولا تغني من جوع في ظل ضعف الأوقية وارتفاع الاسعار وكثرة الاستهلاك لدى سكان المنطقة الذين عرفوا بالكرم والسخاء وما يصاحب ذلك من عادات سيئة ناجمة عن التبذير والمبالغة في العطاء والإنفاق والدفاع عن العرض بكرائم الأموال وجميل الأفعال.

وقد طفق المهاجرون يكدحون بحثا عن متطلبات العيش الكريم فمنهم من اختار دول الجوار من المغرب العربي ومنهم من ولى وجهه صوب مالي والسنغال ومنهم من جَمَحت به نفسه بعيدا إلى أوروبا ودول الخليج ومنهم من شق طريقه إلى إفريقيا الغربية ليتخذ منها وطنا بديلا متمثلا للكلمة المشهورة "الفقر في الوطن غربة والغنى في الغربة وطن".

وتُقدِّر الإحصائيات الرسمية لعام 2004 العدد الإجمالي للمهاجرين الموريتانيين في الخارج بـ 210.000 في مختلف دول العالم، لكننا سنسلط الضوء هنا على الجالية الموريتانية في إفريقيا الغربية لنتطرق إلى إمكاناتها المالية ومزاياها الوطنية واستثماراتها الاقتصادية.

بدأت طلائع هجرة الموريتانيين إلى غرب إفريقيا في أواخر السبعين من القرن الماضي -بعد موجة الجفاف التي تزامنت مع حرب الصحراء المدمرة وما نجم عن ذلك من فقر مدقع وتدهور اقتصادي خطير- حيث وصل بعض الموريتانيين إلى الكونكو بحثا عن فرص تجارية يعوض بها ما خسره من ثروة حيوانية مَحقها الجفاف، ليعود بأرباح طائلة أسالت لعاب تجار آخرين وأغرتهم باللحاق به.

وقد ظلت التجارة في دولة الكونكو مزدهرة بشكل نسبي إلى أن اكتشف بعض رجال الأعمال هناك فرصا نادرة في جمهورية آنكولا المجاورة ذات الكثافة السكانية والثروة النفطية والعملة الصعبة، حينها تداعى عليها الموريتانيون من كل صوب وحدب.

ومع أنه لا توجد سفرات موريتانية في هذه الدول إلا أن بعض الاحصائيات شبه الرسمية تقدِر عدد الجالية الموريتانية سنة 2004 في جمهوريتي الكونكو وأنكولا بـ6 آلاف شخص وبهذا تكون من أوسط الجاليات الموريتانية عددا مقارنة بدول أخرى كالسعودية وفرنسا وليبيا والسنغال والمغرب التي ترتفع فيها النسبة ما بين 30 إلى 40 ألف مهاجر.

ويتراوح متوسط دخل الفرد العادي من الجالية في آنكولا شهريا من 500 ألف إلى مليون أوقية هذا فضلا عن التجار ورجال الأعمال الكبار الذين لا يصرحون بحجم أرباحهم ومنتهى ثروتهم.

وللجالية الموريتانية في آنكولا مزايا كثيرة في إنعاش الاقتصاد الوطني حيث تقدر السيولة التي تضخها في أسواقه شهريا بملياري أوقية على أقل تقدير، هذا دون رؤوس الأموال التي يجلبونها معهم ليستثمروها في البلد، والتي تمثلت في الأسواق والمحلات التجارية والمجمعات والصرافات والعقارات.. مع العلم أن بعض التجار هناك يمتلك شركات للإيراد والتصدير وأخرى للبناء والنقل والصناعات الخفيفة...

وقد ظهرت بصمات الجالية في الأعمال الخيرية في عدة مجالات شملت بناء المساجد ودعم المحاظر ومساعدة الضعفاء والمحتاجين من أصحاب الأمراض المزمنة والعاهات الخطيرة، ولعل برنامج (ويُؤثرونَ علىَ أنفسِهم) -الذي تبثه التلفزة الموريتانية- خير شاهد على ذلك، كما يقدر عدد السكان الذين يعشون على نفقة أفراد الجالية وما تجود به أكفها من مساعدات بـ 50 ألف مواطن، ولم تقتصر مزايا الجالية على هذا فحسب، بل شملت تزويد بعض المستشفيات والمرافق العمومية بالتجهيزات الضرورية، ولعل المركز الصحي بمدينة كرو أقرب مثال.

وقد أسهمت الجالية -بشكل كبير- في التعريف بالبلد ونشر الثقافة العربية والإسلامية في ربوع القارة الإفريقية عن طريق بناء المساجد والدعوة إلى الله عز وجل، مما جعل بعضهم يقول إنه ليس للدولة عليهم مِنة تذكر ولا خدمة تشكر، حيث يعطونها ولا يأخذون منها.

سيدي ولد أحمد مولود لوكالة كيفه للأنباء

2 مشاركة منتدى

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016