الصفحة الأساسية > الأخبار > الخيار الأخير لشاليط موريتانيا/ سيداحمد ولد أطفيل

الخيار الأخير لشاليط موريتانيا/ سيداحمد ولد أطفيل

السبت 28 كانون الثاني (يناير) 2012  10:10

لأول مرة يقدِم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، على إختطاف عنصر من القوات المسلحة في ثكنته وأثناء أداء وظيفته، و لأنه مواطن موريتاني وعنصر من الدرك الوطني، فتعتبر حمايته أولوية وواجب لا يسقط بالتقادم عن كاهل النظام الحاكم، أياً كان توجهه او عناده، حتى و إن كانت الجزائر والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، تمنع على موريتانيا تبادل الأسرى مع التنظيمات الإرهابية، إلا في حالة كان الرهينة يحمل جنسية أوروبية، كما حصل مع الرهائن الإسبان.

فموريتانيا حركت جيشها الباسل، من أطراف والايات الشمال إلى أعماق الأراضي المالية، خلف الحدود الشرقية للبلاد، لا لسبب إلا لأن المهلة التي حددها الإرهابيون لإعدام الرهينة الفرنسي "ميشال جرمانو" قد شارفت على الإنتهاء، حينها أعطت فرنسا لجيشنا الحر الباسل الضوء الاخضر لبدأ غارة على أحد معاقل تنظيم القاعدة الإرهابي، راح ضحية للغارة حين ذاك 6 عناصر من الإرهابيين، و فشل الكوماندز الفرنسي و القوة العسكرية الموريتانية في إنقاذ الرهينة الفرنسي، بل العكس فقد عجلوا ساعة إعدامه ب24 ساعة قبل المهلة التي حددها التنظيم سابقاً.

لم يكن هذا الموقف النبيل للقوات المسلحة الموريتانية إتجاه شريكتها التاريخية فرنسا هو الوحيد، بل دفعت بنخبة جيشها جنوداً و ضباطاً إلى أرض لم يطأها من قبل، بعد إعلان خبر إختطاف5 رعايا فرنسيين، يعملون في شركة التنقيب عن اليورانيوم في النيجر " إريفا"، و كانت النتيجة حينها واقعة "حاسي سيدي" الأليمة، حيث كان الهدف نفسه هدفاً نبيلاً هو إنقاذ رعايا فرنسيين من مخالب تنظيم القاعدة.

السؤال الذي يطر نفسه قسر إرادة الجميع، هو إين ذهب كل هذا النبل و البسالة والإنسانية والإقدام على الموت في مظانه، عندما خطف جندي موريتاني من داخل ثكنته؟

ربما يفكر قادة الجيش وأفراد القوات المسلحة، أنهم عرضة لأن يحل بهم ما حل بالدركي علي و لد المختار، حينها سيتحرك الجيش الضخم، صاحب العرض العسكري الاضخم و الأكبر في تاريخ الجمهورية الإسلامية الموريتانية، من أجل فك أغلال الحديد من معصمي زميلهم ورفيق دربهم، ليعيدوا بهذه الخطوة الشجاعة الهيبة للدولة وجيشها.. إلا في حالة تراجع النظام عن عناده و قرر التفاوض مع الإراهابيين لا حباً في التفاوض و لكن كرهاً في كسر كرامة المواطن الموريتاني وتحاشياً لحرب اخرى خاسرة مع تنظيم القاعدة.

وحسب منطق تنظيم القاعدة وما جاء في بيانهم، لا يليق أن يكون الجندي الإسرائيلي المغتصب "جلعاد شاليط"، أكثر أهمية عند العصابة الصهيونية، من الجندي الموريتاني المواطن عند النظام الحاكم... فقد أبدل "شاليط" بأكثر من ألف أسير فلسطيني، في صفقة أعتبرت الاغرب من نوعها في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني، و لأن "شاليط" أختطف من ثكنته على أرض محتلة وهو ظالم لنفسه، فإن أعلي ولد المختار أختطف من ثكنته محترم لنفسه، على أرض حرة لها سيادها، و قد سبق أن تفاخر رئيسها الجنرال بالسيطرة على كافة حدودها و طرد الإرهابين بعيداً عن حماها، لكن من خطف "أعلي" هو تنظيم القاعدة الإرهابي، وكالعادة مازال يصول و يجول في عرض البلاد و طولها، ولم يطالب من فضل الله علينا بألف و لا حتى عشرة، بل طالب بإطلاق سراح أسيرين من عناصره الإرهابية، محكوم عليهما بالإعدام أصلاً، و قد يكون في إبعادهما و تسليمها للتنظيم، ضرب عصفورين بحجر واحد، الأول: تحاشي تداعيات تنفيذ حكم الإعدام فيهما، و ترك صفحة البلاد ناصعة خالية من الإعدامات، و الثانية: إطلاق سراح الجندي و إرجاعه إلى حضن أمه المسكينة، و لو إفترضنا جدلاً أن المفاوضات مع الإرهابيين، أخذت نفس المدة الزمنية التي اخذها إطلاق سراح الجندي "جلعاد شاليط".

إلا في حالة ما أن تصريح وزير الخارجية حمادي ولد باب ولد حمادي الأخيرة، هو إشارة خضراء للتنظيم الإرهابي بتنفيذ تهديداته بإعدام الدركي الرهينة.. الغرض من ذلك - حسب ما أعتقد- هو عدم السماح لتنظيم القاعدة بلي يد الجيش الموريتاني، و إجباره على الخضوع للشروط المذكورة في التسجيل المصور للدركي المختطف، والذي وزعه التنظيم على كل وسائل الإعلام الموريتانية، أو هي خطة إحترازية يقدمُ فيها الدركي الرهينة "أعلي ولد المختار"، كبش فداء لعمليات إختطاف محتملة قد يدبرها تنظيم القاعدة في المستقبل، لفك أسر بقية عناصره القابعة في السجون الموريتانية، وقد يكون المبرر الذي جعل السيد وزير الخارجية الموريتاني يضع فرضية لو كان "أعلي" في عداد الموتى، في تصريح صحفي له إشمأز له الرأي العام و تفطرت له أكباد ذوي الدركي الرهينة.

الخيارات المتبقية الأول منها أن تقوم القبيلة بدورها التاريخي، بعد أن أشارإليها الإرهابيون باللسان والبنان، في جزء من الرسالة المتضمن للشرط للازمة لفك أسر الدركي الرهينة، وذلك بعد أن تملصت الدولة من مسؤولياتها علناً إتجاه الدركي "أعلي ولد المختار"، في إيحاء إلى غياب الدولة النهائي، و ترك الباب مفتوحاً على مصراعيه لابناء القبيلة وزعاماتها التاريخية، بأن تبادرإلى ربط خيوط مع التنظيم الإرهابي، من أجل إيجاد تسوية لقضية الجندي الموريتاني، وهو ما سيصعب من المهمة ويحمل أقارب وذوي الرهينة المسؤولية المباشرة عن ما سيؤول إليه مصير إبنهم بعد إعلان السلطات التخلي عنه.. وسيدفعم ذلك إلى إرسال مبعوثين سريين من القبيلة إلى الأراضي المالية الخطرة للتفاوض مع التنظيم مباشرة، و في هذه الخطوة أيضاً إهانة للنظام و الدولة ما بعدها إهانة.

الخيار الأخير و يتعلق بالرهينة نفسه، فبعد ما يسمح له الإرهابيين بمشاهدة تصريح و زير خارجية بلاده، وذلك قصد إذلاله والتأثير عليه نفسياً وعاطفياً .. حينها ستكون مناعته هشة، وقد يتقبل أي عرض سيبقيه على قيد الحياة، فمن المحتمل أن يقدم إليه التنظيم عروضاً مختلفة بما في ذلك تجنيده، و إقناعه بأن يكون عنصراً إرهابياً جاهزاً للإنتقام من النظام الحاكم في بلاده، بعد ما تخلي عنه النظام وهو في أمس الحاجة إلى مؤازرته، و بذلك تكون الحكومة الموريتانية، قد دربت و كونت جندياً ثم أسلمته بكل بساطة ليكون عنصراً إرهابياً، في تنظيم يشكل أكبر خطر تواجهه موريتانيا منذ الإستقلال عن فرنسا.

اقلام

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016