الصفحة الأساسية > آراء حرة > فليصمت وزير الخارجية أو يقدم استقالته!

فليصمت وزير الخارجية أو يقدم استقالته!

الاثنين 30 كانون الثاني (يناير) 2012  12:30

كان "جانبيير شفينمانه" وزير الدفاع الفرنسي السابق محقا حينما قال في سياق التعبير عن موقفه الرافض للحرب على العراق إنه على الوزير إذا أراد التعبير عن موقف مغاير لموقف حكومته أن يصمت أو يستقيل.. وقد تحلى هو بشجاعة واستقال وفاء لضميره ومبادئه... وأعتقد أن تصريحات وزير خارجية موريتانيا حمادي ولد حمادي الأخيرة المتعلقة بالتمرد في شمال مالي كان يمكن أن توصله إلى نفس الطريق المسدود الذي وصل إليه "شفينمانه" لو كانت لوزرائنا ضمائر ومبادئ ... لكن غياب المبادئ وغياب المقاربات الديبلوماسية الواضحة لإدارة الصراعات وغياب الخبرة تجعل كل شيء ممكنا عندنا، وليعذرني القراء والمتصفحون فليس القصد التحامل على شخص بعينه وإنما الهدف هو التوقف عند اختلالات ديبلوماسية قاتلة تراكمت وسندفع جميعا ثمنها باهظا عاجلا وآجلا... ولنترك الوقائع تتحدث فقد بذل الوزير في حديثه الإذاعي المثير للجدل الموجه إلى الرأي العام الإقليمي والدولي جهدا كبيرا لإقناع العالم بضرورة فك الارتباط بين قاعدة الغرب الإسلامي وجبهة تحرير أزواد، وقال بالحرف الواحد إن الطوارق يناضلون داخل أوطانهم من أجل مطالب عادلة ويسعون للمحافظة على هويتهم الثقافية وخصوصيتهم الوطنية، بينما القاعدة تنظيم إرهابي عابر للحدود لا وطن له ولا هوية. إن كلام الوزير هذا يمثل تدخلا سافرا في الشأن الداخلي لدولة جارة تربطها بموريتانيا أطول حدود برية وتتقاسم معها أشياء كثيرة... وحتى ساعة حديث الوزير كان الثابت في سياسة موريتانيا الخارجية هو احترام الجيران وعدم التدخل في شؤونهم الداخلية والابتعاد عن مقاربات عبثية عاطفية تضر ولا تنفع. ولأن الوزير حطم هذه القواعد جهارا نهارا وعبر وسائل إعلام دولية فإن الأمر يؤخذ على محمل الجد... فالوزير عادة ما ينطق عن هواه إن أحاديثه إلا تعليمات أو مقتبسات أو مختصرات من كلام الرئيس، والرئيس هو من يصنع السياسة الخارجية ويفترض أن يسهر على سلامة علاقات البلاد الخارجية وسلمها الداخلي والخارجي. وهنا تكمن المشكلة لأن إطلاق القول على عواهنه بهذه الطريقة يفتح على موريتانيا أبواب جهنم، فالماليون لن يضيعوا الفرصة ولديهم خيارات عديدة وضارة بالتعاطي معنا على هذه المستويات وتحت هذا السقف، كما أن دعم موريتانيا المجاني المستهجن للطوارق ليس له ما يبرره، فهم حتى إشعار آخر مواطنو دولة جارة ذات سيادة ولها مشاكلها الظرفية مع بعض مكونات شعبها كما لدينا مشاكل قائمة واخرى قابلة للتأجيج، ثم إن المتعمق في مجريات تمرد الطوارق يكتشف أنه لا يخلو من تحامل على الأقليات العربية بشمال مالي المرتبطة بموريتانيا، ومعالي الوزير بتصريحاته هذه وموقفه هذا يصور موريتانيا كما لو كانت طرفا داعما لتمرد الطوارق ويصورها على أنها تتجاهل مالي وعرب مالي وتضع بيضها في كفة واحدة، ومع الأسف قد تكون الكفة الخاسرة في نهاية المطاف... ثم إنني لا أفهم استماتة الوزير في حربه اللفظية ضد القاعدة فالإرهاب فعلا مقيت ولكنه أنهك الأمريكيين وحلف الناتو وهم الآن يلملمون أوراقهم ويبرمجون انسحاباتهم ويبحثون بجدية عن بدائل وطرق ديمقراطية وتنموية لاحتوائه... إن حرب معالي الوزير على الإرهاب إذا تأتي في الوقت بدل الضائع ولا أحد يشتريها في العالم... إن الوزير مع الأسف يغرد خارج السرب وتداعياته الكلامية تلحق الضرر الفادح بمصالح موريتانيا الحيوية لذلك عليه أن يتحلى بشجاعة "شفينمانه" ويصمت أو يستقيل، وعلى موريتانيا أن تبادر إلى معالجة أخطائه وأخطاء من وجهه في هذا الاتجاه قبل أن تنفلت الأمور، فالدول لا تحركها العواطف والمبادئ بقدر ما تحركها المصالح، ومصالح موريتانيا كانت وما زالت في الحفاظ على علاقات جدية مع مالي تضمن استقرار المنطقة واندماجها الاقليمي.

يعقوب ولد جرفون

الرأي المستنير

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016