الصفحة الأساسية > آراء حرة > محنة مورياتانيا الدبلوماسية

محنة مورياتانيا الدبلوماسية

الخميس 27 تشرين الأول (أكتوبر) 2011  01:08

جعلت متغيرات التاريخ وثوابت الجغرافيا من موريتانيا منارة العلم ورباط المعرفة أرض لقاء وتفاعل وتكامل فهي بؤرة التماس بين ضفتي الصحراء الكبرى وهي شريان التواصل الحيوي بين العالمين العربي والإفريقي ، وهي بوابة الغرب الإسلامي المطلة على أوروبا وعلى الأمريكيتين ، فما كان هذا المحيط يوما إلا معبرا للمكتشفين والمغامرين والفاتحين والحالمين ... وما كانت الصحراء يوما إلا مجابات متصلة لقوافل الملح والذهب والثقافة والتوابل و المعرفة والعيس والقوافي ...

وما كانت شنقيط الأمس موريتانيا اليوم إلا أرضا لرجال مستنيرين ومنفتحين متحرين بفكرهم وعزيمتهم وصبرهم وجلدهم ومسرحا لتفاعلهم عبر فضاءات مشرعة في كل الاتجاهات ... لكن ربط صلة رحم الماضي بالحاضر يتطلب مقاربات آخري فالسياسة الخارجية مهما كانت منطلقاتها هي انعكاس للسياسات الداخلية والدول مهما كان تشدقها بالمبادئ تسعي لتحقيق مصالح و منافع حتى ولو كان ذلك على حساب المبادئ ... ومصالح الدول لا تتحمل الشخصنة ولا تلبس لبوس المزاج الظرفى لقادة اللحظة. ومن يتمعن في المشهد الدبلوماسي الموريتاني يدرك عمق الانتكاسات التي عانتها الدبلوماسية الموريتانية بسبب غياب الإستراتيجيات وضحالة الرؤى فقد خسرت موريتانيا في ملابسات غامضة مقعد الأمم المتحدة رغم أنها كانت الأوفر حظا ولم ينزعج القادة ولم يقيموا أسباب الخسارة وتجاوزوها تجاوز (الكرام ) الفاشلين وحاولوا تعويمها وسط أحداث أخري وفشلنا في إيجاد آلية سليمة اللتعاطي مع الأزمة الليبية وفشلنا في استشراف مجرياتها، ففي البداية كان الموقف المسوق هو المساهمة في البحث عن حل في الإطار الإفريقي تجنبا لإغضاب ملك الملوك المرتبط هو وحاشيته بعلاقات ود غامضة مع بعض أركان النظام و صناع المشهد السياسي والاجتماعي... ثم تحول الموقف إلي فرضية وجود طرفيين ليبيين و الوقوف على نفس المسافة من أزمة ليبيا... ثم تطورت الأمور بعد سقوط طرابلس وفشل المبادرات البائسة التي قادها رأس الدولة مع شلة الرؤساء الأفارقة واصبحنا ندفن رأسنا في الرمال وننتظر أنجلاء الموقفين العربي والإفريقي ثم خذلتنا الجامعة العربية واعترفت بالثوار وخدعنا الإتحاد الإفريقي واعترف ومثلهما خدعنا الإتحاد الأوروبي الذي ساهم في حسم الأمور وأدار الحراك الليبي لتحقيق مصالحه... والمأساة أننا رغم كل هذه الصفعات والإخفاقات لم نقيم الأحداث تقييما موضوعيا و ظل الموضوع رغم اشتعاله وصخبه وتأثر مصالحنا به في خانة التداعيات الميزاجية حتى الآن وهكذا ضاعت مصالح موريتانيا الحيوية وكتم صوتها وقزم دورها وهجر مواطنوها من ليبيا وقتلوا وسجنوا وحطمت موجودات سفارتنا في طرابلس وألصقت بنا تهمة تفويج المرتزقة و المتشعوذين وضاعت مصالحنا وضاع موقفنا ولم تحرك دبلوماسيتنا ساكنا بل ظلت محبطة بائسة لا تقيم ولا تفكر ولا تستشرف ... وكما فشلنا في الأمم المتحد فشلنا في التعاطي مع الأزمة الليبية فشلا مركبا تتراكم مضاعفاته لأن دبلوماسيتنا بدون عقل وبدون بصيرة. لقد أدخلنا الانحطاط الديبلوماسي في عزلة خانقة ... تصوروا أننا على مستوي المغرب العربي أضعنا ليبيا وتجاهلنا تطورات تونس وتوجسنا من تعزيز علاقاتنا مع المغرب والجزائر كي لا نغيظ أحدهما ومع مالي علاقتنا راكدة ومع السينغال علاقتنا آخذة في التوتر ... إن الدبلوماسية الموريتانية في شكلها الحالي دبلوماسية مراسيمية فاشلة فالرئاسة لا تقيم ولا تستشرف ولا توجه بوضع الإستراتيجيات والوزارة غارقة في كومة فواتير مفبركة لا تجيد بعثاتنا في الخارج إلا تصنيعها وإرسالها ويضيع جهد الطاقم المركزي في تدبيرها أما الوزير فمهمته هي السفر لا شيء سوي السفر وسعيه الدائم هو مضاعفة أيام سفرياته لكي يعود بدريهمات من العملة الصعبة تساعده في أيام البطالة التي أتي منها وإليها يعود. إن المتمعن في مجريات المشهد الديبلوماسي يدرك أن دبلوماسية موريتانيا أندثرت وأن مصالح موريتانيا ضاعت وأن الوضع يتطلب منتديات تقيميية وتفكيرية وتشاركية لوضع أستراتيجية جديدة للعمل الدبلوماسي تقيم الموجود وتستشرف الموعود عبر مقاربات جيدة وبوسائل جديدة ولتحقيق أهداف جديدة في عالم يتغير من حولنا باستمرار (ديبلوماسي معطل )

الرأي المستنير

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016