في كل مرة يقوم وزير بزيارة لمدينة كيفه يدق هاتف الولاية على لائحة مسجلة لديها ورثتها منذ زمن بعيد هي لائحة الأعيان أو الفاعلين السياسيين أو الوجهاء إلى غير ذلك من المترادفات وهم في حقيقتهم ليسو إلا نشطاء الحزب الحاكم دوما.

يهرع هؤلاء إلى مكان الإجتماع ويتدافعون عند الباب من أجل السبق للمقاعد التي تكون دائما أقل من المدعوين.

آخر هؤلاء الزوار مثلا هو وزير التعليم العالي الذي اجتمع "بالفاعلين" يوم أمس لحثهم على التعبئة للإحصاء الإداري ذي الطابع الانتخابي .

بدأ الوزير في الخطاب فاخبر جلسائه بمهمته، ثم أزبد في ذكر منجزات الرئيس ورسم لوحة رائعة ووصف الأوضاع وكأنها جنات نعيم تجري من تحتها الأنهار.

ثم أفسح المجال لتدخلات الحضور الذين انهالوا عليه بالمطالب رغم أنه حدد مهمته بشكل واضح فتحدثوا عن مئات المشاكل والأزمات ابتداء من الحالة المعيشية للسكان وللمواشي ؛ مروا بالعطش والمدرسة والمركز الصحي.

هذه قرية لا تريد أكثر من شربة ماء وهذه أخرى تطلب معلما وتلك تنشد بنك حبوب وهذه قرى كثيفة لديها ممرض واحد أعزل فهي تطلب الزيادة وأقراص من البراستامول.

يخيل إليك من كثرة المطالب والحاجات أن المسالة تتعلق بما قبل تشكل الدولة؛ أو بالحديث عن لاجئين ؛ فهؤلاء ممثلو الجماهير يعلنون بصوت عال أنها تفتقر إلى ابسط الحاجيات وأتفه ابجديات الحياة .هؤلاء الفاعلون أقروا بأن الجماهير تفتقر إلى كل شيء.

والمدهش حقا هو التناقض السريع الذي يقع فيه "الفاعلون " في نفس اللحظة فهم يختمون جميعا بأن رئيس البلاد كان منحة من الله وأنه أشبع الجائعين وسقى الظامئين وأنصف المظلومين وحقق المعجزات ولذلك نطلب منه الترشح مرة أخرى فهو المنقذ والقائد الأعظم المفدى.

أيها الفاعلون بكيفه: استحوا مرة واحدة ، اخجلوا مرة واحدة، واتركوا في جعبتكم من التزلف ما ترموا به للرئيس القادم وما بعده فأنتم على جانبهم جميعا.

إن ترشح ولد عبد العزيز من كيفه يا "فاعلو" كيفه لا يفيد في حصول زينب بنت عالي في "أدباي الطلحايه" على ما يقتات به أطفالها الأيتام ولن تمتد عنده أنابيب المياه وأسلاك الكهرباء إلى أحياء المطار والتميشه وغيرها من الأحياء الفقيرة.

لن يصرف ترشح ولد عبد العزيز من كيفه جوع وعطش آلاف المواطنين في " آدوابه" " و"لكسور" ومختلف قرى هذه الولاية التي تعيش في غالبيتها معاناة عميقة.