ثار الشعب التونسي ثورة عفوية تعاطفا مع محمد البوعزيزي الذي أشعل نفسه احتجاجا على ظلم اجتماعي تعرض له فكان رحيل زين العابدين بن علي، فهم المصريون أن بإمكانهم إعادة السيناريو ضد مبارك و كان ذلك بمثابة الحجر الذي أصاب عصفورين ، حيث الشعب يريد إسقاط النظام و حيث الجيش يريد إزاحة مبارك لكنه يفتقد إلى الجرأة، و كان ما كان...

فهم من هم أكثر منا فهما – للأسف- من اليهود و أعداء الحرية و قادة الدول الاستعمارية أن الحلم المستحيل الذي عجز كل قادة الغرب عن تحقيقه يمكن أن يرى النور في ظل زعزعة الأمن في المنطقة، فتذكروا ما قاله جورج بوش الإبن حين هم بمغادرة البيت الأبيض:[الحرب و الحصار الاقتصادي لا يجديان نفعا في إضعاف العرب، بل إن السبيل الوحيد إلى تقسيمهم و إضعافهم هو الفوضى الخلاقة التي تجعلهم يقتلون أنفسهم بأيديهم...] هذه الفوضى الخلاقة وضع لها منفذوها أهدافا و سناريوهات:

1- أهداف الفوضى الخلاقة أو الربيع العربي:

 توقيف عجلة اقتصاد الدول العربية ذات النزعة العربية القومية و إضعافها.

 تغيير خريطة الوطن العربي من خلال تقسيم الدول الضحية إلى دويلات.

 تنصيب قادة علمانيين عملاء سيكونون دعما للقوة الغربية في الحرب العالمية الثالثة التي ستخاض ضد إيران.

 عزل إيران عن العالم و شن حرب شاملة عليها لإزالة تهديدها كقوة إسلامية عالمية.
 تأمين إسرائيل من العداء العربي و طي ملف القضية الفلسطينية .

 قلب اللعبة في اتجاه الخليج العربي بغية السيطرة التامة على منابع النفط.

2- سيناريوهات الفوضى الخلاقة أو الربيع العربي:

 اختيار قيادة عربية تحمل ملف تحرير الشعوب العربية حتى يكون مقبولا و مستساغا من طرف هذه الشعوب المتخلفة ، و قد تمثل ذلك في القيادة القطرية مقابل ضمانات منها عزل قطر عن غبار هذه الفوضى و منحها موقع الرائد في الساحة العربية ، كما انكشفت مؤخرا بعض المعلومات التي تفيد بأن قطر تطمح إلى ضم بيت الله الحرام و المسجد النبوي الشريف إلى أرضها بعد سقوط السعودية في المرحلة الثانية من الفوضى الخلاقة.

 اختيار قنوات إعلامية عربية تقوم بالدعاية و إقناع الرأي العام العربي بالمشاركة فيها باسم الحرية و إسقاط الدكتاتوريات، فكانت قناة الجزيرة على رأس الباقة التي تضم قنوات البي بي سي و العربية ...

 بث الرعب في قلوب القادة من خلال التشهير و التمثيل ببعضهم ، كمبارك الذي يحاكم اليوم و هو طريح الفراش و القذافي الذي قتل [.....] و الرئيس صالح الذي أحرق جسده في اعتداء آثم... حتى تنصاع البقية و يخشون نفس المصير و بالتالي يشاركون رغم أنوفهم.

 دعم مساعي العملاء العرب و قضيتهم الملفقة على كافة الصعد سياسيا و اقتصاديا و دبلوماسيا... من طرف القوى العظمى المستفيدة أولا من ما سيؤول إليه الوضع العربي.

 دعم طالبي السلطة بالمال و السلاح و تحريضهم على إشعال الفتنة في القطر الواحد بين الميليشيا المتمردة و جيش النظام.

 العمل على إطالة فترة الصراع حتى يضمن ذلك هلاك أكبر عدد من الأنفس و العودة بالاقتصاد القومي إلى أدنى مستوياته، لتولد لدى العرب الحاجة للغرب فيهون إخضاعهم. و أخيرا سيجد العرب أنفسهم في النهاية أمام حقائق مرة ساعدوا في إيجادها بقناعة تامة -لجهلهم-:

* موت عشرات آلاف المواطنين العرب بأيادي عربية سواء كان ذلك بسبب نيران الجيش أو أسلحة المتمردين، فكلها أسلحة حارقة و قاتلة.

* ضعف الدولة و مرافقها و تدني مستوى معيشة ما بقي فيها من أحياء و ربما انهيارها إلأى حد بعيد.. يوم قتل القذافي و ابنه المعتصم [ رحمهما الله ] كتبت مقالا تحت عنوان: استشهاد آل القذافي...بداية معركة ، و قد حذرت ساعتها مما سيأتي بعد موت القائد ، فالليبيون يريدون الحرية و الانعتاق و الفوضى الخلاقة تريد لهم المزيد من الويلات و الحروب و الضعف و الهوان، ولكنهم لا يفهمون، و هذا نص المقال كاملا و يليه تعقيب: و يمكن مطالعته بالضغط على الرابط:

http://www.echourouq.net/index.php/...

ستشهاد آل القذافي... بداية معركة:

السياسية تختلف باختلاف العصور و الأجيال ، فكانت حرب الحضارات حربا باردة لأنها في الأساس تعتمد على الغزو الفكري و الاستعمار و الهيمنة الاقتصادية بعيدا عن البارود و النار ، أما الصراع القائم بين الدول العظمى فمرتكز على قوة الردع النووي [ حرب الاشتراكية و الرأسمالية] ، و اليوم تغيرت العبارات و المعاني و أخذت السياسة العالمية منعطفا جديدا ، فالآمريكان يتحكمون في العالم بحنكتهم و ضغطهم و خبثهم السياسي مدعومين بالفرنسيين و أمثالهم المعروفين بجرأتهم على الفتك و افتقارهم إلى الإنسانية و شن الحروب دون رأفة أو خجل يقودهم إلى ذلك الشيطان الأكبر ساركوزي ، فتبا لأقوام يقودهم مثل هذا القرد، ساركوزي الذي فهم أن الأموال الخليجية رهن إشارته لتعويض أي سلاح يستهلك في إسالة الدم العربي و أن وسائل الإعلام العربية تضحي بشعوبها في سبيل إسقاط شخص أو إعلائه كرسيا معينا.

نحن لم و لن ننسى أن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن قال في ملإ من أباطرة المال اليهود أن السيطرة على العرب و المسلمين تتطلب خلق فوضى خلاقة يطمئن لها قلب المواطن العربي فيسايرها ليكون فاعلا في تحقيق أهدافها ، و بعد أن تخرج الكرة عن مرماه تتدخل القوة العظمى لتوجه العملية لصالحها و هو ما تحققت بعض بوادره بتدخل حلف الناتو العدواني في ليبيا و الأبله من اعتقد أنه تدخل لمصلحة الليبيين ، لأنه مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا.

و بغض عما حصل في تونس و الذي يعتبر ردة فعل شعبية لا إرادية تعاطفا مع مواطن أحرق نفسه احتجاجا على معاملة ظالمة تعرض لها، فإن ما حصل في مصر أمر مخطط له مسبقا ، و يتجلى ذلك بصورة أوضح إذا ما تابعنا ما جرى و يجري في اليمن و سوريا اللتان يبدو أن أيادي خفية تحرك فيهما نار الفتنة دون مراء، فالهدف الحقيقي لأعداء العرب و المسلمين هو تنصيب تماثيل تحكمهم بأوامر الغرب و تحقيق مصالح المستعمرين على حساب هذه الشعوب التي أرادت لنفسها و شاءت لها الأقدار الاستماتة و الرضوخ و الهوان, لذلك أنا لا أقول بأن القادة العرب ضربوا لنا أمثلة في الحكم الرشيد و لا في محاربة الدكتاتورية ، لكنني أعي تمام الوعي أن القادة الأوروبيين والأمريكان قتلوا وأبادوا منا الكثير في العراق ,في سوريا ,في اليمن ,وفي ليبيا....

لقد فر زين العابدين بن علي أمام ضغط الشارع التونسي ,وترك مبارك مقعده تحت ضغط مواطنيه و تغاضي الجيش لكن هذه الشعوب لم تفهم أن اللعبة ليست في صالحهم في النهاية وإنما هي خدعة هم طاقتها ، فقد رسمت خيوطها ونفذت بآلية ترضي قلوبهم البريئة التي لا ترى من الأمور إلا قشورها .

أما الزعيم البطل معمر القذافي قائد الأمتين العربية و الإفريقية، فلم يرض لنفسه الهوان فرفض الاستسلام لقوة الناتو الاستعمارية المدعومة بالمال العربي الخليجي وضرب لنا مثالا في الصمود والاستماتة في المقاومة الشريفة ، حاملا بندقيته رغم كل الإغراءات هو و أشباله إلى أن استشهدوا مرفوعي الهامات رؤوسهم شامخة كباسقات النخل وسط الصحراء ، و الحمد لله انه لم يقبض عليه حيا حتى لا يقدم قربانا في عيد الأضحى المقبل .

إلا أن ما لا يدركه الكثيرون هو أن مصدر قوة المتمردين في ليبيا هو وجود القذافي نفسه، وبرحيله ستكون بداية مواجهة دامية وحرب شرسة بين الإخوة الليبيين الإسلاميين والعلمانيين والقبليين والطوائف ، حرب ستقضي ستضر شعب ليبيا البدوي البريء الذي استجار من الرمضاء بالنار , والذي دخل لعبة لم يفهمها دجج خلالها الجميع بالسلاح دون التفكير في حسابات ما بعد القذافي .

رحم الله معمر القذافي وأبناؤه ورجالاته الشهداء وأسكنهم فسيح جناته وبعثهم مع الأنبياء والصديقين والشهداء، فكلنا شرف و عزة و فخر باستشهادهم و حق لكل عربية أنجبت أن تسمي مولدوها معمرا ، و أخيرا عزاؤنا لليبيين هو (عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم ... وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم.] بداية الانقسام:

و اليوم ها هم قادة قبائل إقليم برقه الليبي و ساسته يعلنونه إقليما فيدراليا رغم أنف المجلس الانتقالي و يشكلون لجانا لتمثيلهم على الصعيد الدولي، و ها هي سبها تستعد لتعلن نفسها إقليما آخر ذا سيادة ، فأيها خير: تقسيم ليبيا إلى كانتونات متناحرة و دويلات صغيرة ، أم قبضة القذافي الحديدة مع ما رافقها من تقدم و ازدهار ؟؟؟

عجبا لمن يرى في الشيخ حمد منقذا و مخلصا! و لمن يرى في القرد ساركوزي حاميا للحريات ! لمن يرى في اكلينتون الشمطاء راعية للديمقراطية ! ... نحن العرب لا ندرك من الأمور إلا قشورها ، و المطامع تذهب بعقولنا و تجذبنا إلى قاع الجحيم، فبمجرد ذكر الوصول إلى السلطة ينسى ساستنا أن الغرب يخلق الحروب ليبيع سلاحه، و يخلق الأزمات ليفرض تدخله فيوجه الأمور لصالحه...، إننا لا زلنا نحتفظ ببراءة العربي البدوي الراعي ذو النية الحسنة الذي يمكن أن يقدم نفسه قربانا دون أن يشعر و حتى الغرب أصبح يضحك على عقولنا...

فلعل الشيخ حمد نسي أو لعله جهل كم دعمت آمريكا أسامة ابن لادن في حربه مع الروس، و لعله لم يعلم كم استفاد منهم صدام حسين أثناء حربه ضد إيران!!!

رحم الله معمر القذافي رغم كل زلاته هو و كل الذين سقطوا سواء بنيران المتمردين أم بنيران الأنظمة، و بعثهم مع الأنبياء و الصديقين و الشهداء، و حفظ الله بشار الأسد و زاد من صموده... و بعث كم من ساركوزي و هيلاري و من تولهم من العرب مع فرعون و هامان و جنودهما، و على الشيخ حمد أن لا ينسى أن [ من حفر لأخيه حفرة وقع فيها ] بإذن الله.

بقلم / لمرابط محمد أحيد النجاشي