الصفحة الأساسية > الأخبار > تأبين في حق المرحوم عالي ولد كباد

تأبين في حق المرحوم عالي ولد كباد

الأربعاء 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2014  09:52

بقلم الناجي ولد عالي

بسم الله الرحمن الرحيم

و الصلاة والسلام على رسول الله

الموضوع:سيرة حياة لفقيد هذه المنطقة رجل الدنيا والآخرة رجل كرس حياته كلها في سبيل خدمة المسلمين من اسعاف للمرضى وحفر للآبار التقليدية وبذل للمحتاجين و أمر بالمعروف ونهي عن المنكر .

إنه على بن أحمد فال بن كباد تغمده الله بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته.

لقد رحل عنا فقيدنا مساء الجمعة 22/08/2014 الموافق 26 من شوال 1435 هـ بعد مرض عانى منه عدة سنوات نزل فقيدنا في بلدته أماكليله الواقعة غرب مدينة تامشكط 12 كلم نزل هناك سنة 1970 م فشيد فيها صحية أبناء عمه سدا بغية إيجاد مكان مناسب أي أرض يملكونها لم شملهم بعد أن كانوا متفرقين قبل أن يقدم عليهم فقيدنا الذي ولد في اركيبه وتربى فيها وكان سعيه أنذاك أن تجتمع المجموعة في مكان ويأسسون قرية وهو ما تحقق بعد تشييد السد ستة سنوات 1976 م حيث أسس لهم قرية عند سدهم لكن هذه القرية لم تعمر كثيرا بسبب سنوات الجفاف التي مرت بها آنذاك وسبب ندرة المياه في المنطقة فهاجر سكانها إلى المدن وبقي صاحبنا صامدا في تلك البلدة على الرغم من قساوة الطبيعة وندرة المياه فاعطاه الله من فضله خيرا كثيرا بسبب عقيدته السليمة وثقته بنفسه وكثرة قراه للضيف.

فالضيوف عنده يعتبرهم من اسباب الخير وكان يقول دئما مامن مكان تعهده الضيوف واشتهر بكثرة الانفاق إلا وسع الله له الرزق وكان يحبهم ويخدمهم بيده ولا يقبل أن يتولى خدمتهم غيره. كرس حياته رحمه الله في خدمة المسلمين في هذه البلاد ويشهد له بذلك القاصي منهم والداني فنفعه للمسلمين عم جميع سكان هذه المنطقة كان رجل سفر يسير بالقوافل من (الرفكه) إلى( الجلابه) فكان في الرفكه يبدأ يجهز نفسه للسير وحده ثم ما يلبث أن يلتحق به الرجال بغية السير معه أو مصاحبته في القافله لأنه سوف يكون عونا لهم نظرا لشجاعته وحزمه ومعرفته لمسالك الأرض .

وهكذا كان دوره في(اجلابه) فكان عمله فيها روتينيا نظرا لحلجة السكان آن ذاك للمواد الغذائية ومؤوى وملابس ومستلزمات ومن خدماته التي كان يقدم للمسلمين حفره للآبار التقليدية و التي لم يكن متوفر غيرها آنذلك فكان يقوم بحفر البئر وطيها حتى تشرب وكان يطلب منهم اصلاح الآبار الطويلة المتهالكة والتي خافها البض مثل(تنجمال) سنة 1976 م عندما خافها الناس قام باصلاحها . وكانت هذه الخدمة خالصة لوجه الله تعالى لم تكن يأخذ عليها أجر أما بما يخص خدمة الناس في مجال االطب فهي المعجزة التي اعطاه الله إياها بدون تعلم فمعلوم أن هذه الأسرة التي ينتمي إليها صاحبنا أعطاها الله الحكمة في معرفة الطب ويتفاوتون في ذلك فإن معجزته هو في الطب خارقة جدا فكان يرى المرض في وجه صاحبه دون أن يسأله ويعرف أسبابه وكان رحمه الله يقول ان علم الطب علمان: علم موهوب وعلم مكسوب فالمكسوب هو ما تعلمه أحده ودرسه أما الموهوب فهو الذي الله لعبده بدون تعلم وهذا النوع من العلم يقول إن الله وهبه له.

وقد أخبرني مرة أنه في فترة شبابه قدم إلى حي من احياء المنطقة فوجد فيه رجل بليغ من العشيرة يرقي عليلا فقال صاحبنا للرجل لدي حكمة في الرقيى سوف أساعدك بها فقال له الرجل آنا كذلك لدي كتاب في الطب سوف أعطيه لك ليساعدك في الطب فقال له صاحبنا الكتاب لا أستطع أن أخذه منك اعطيه لغيري أن ما لدي موهبة اعطاها الله لي بدون تعلم ولم أقرأها في كتاب ولم يعلمها لي أحد والكتاب سوف يفسد علي ما لدي من معرفة .

كان يستقبل المرضى ويذهب إليهم وكان صريحا في وصف الدواء للمريض حتى أن بعض المرضى كانوا يعملون أدويتهم لبعضهم خلاف لبعض الاطباء فإنهم لا يحبون ان يطلع المريض على ما يداوى به المعانات وكان يبذل من يده للمريضالذين لا تتوفر لديهم إمكانيات العلاج وكان لا يأخذ من المريض شيئا إلا عندما يشفى وهكذا كان يقول لمريضه إذا تحققت أنك شفيت فادفع لي ما طابت به نفسك .

واعرف ذات مرة كان معه مريضا يعالجه من مرض عضال وفي آخر أيامه ذهب به ذويه إلى المستشفى

وعندما وصل إلى المستشفى توفى ذلك المريض رحمه الله وكان قد دفع له عشرة آلاف في بداية علاجه له وعندما علم بوفاته رسل إلى ذويه ذلك المبلغ قائلا أنه يستحق شيئا على ذلك الشخص فهذا مثال. واحد من كثير من الأمثلة التي يضيق المجال عنها.

قد قيل له يوما إنك تعالج حلات مرضية خطيرة وربما قد يكون صاحبها أعياه الاطباء فلماذا لا تطالب أصحاب هذه الحالات مبالغ معابرة فكان رده أن البيعة ليست مع المريض إنما هي مع الله تبارك وتعالى وهو الذي يعطي الأجور كاملة.

أما المريض فيكفيه أنه مريض ف‘ذا طالبته ببذل مبلغ معابر ربما لا يكون متوفر لديه فيصبح المريض مشغولا نفسيا بالبحث عن توفير ذلك المبلغ فإنني بذلك يقول رحمه الله أكون قد تسببت في زيادة معاناته لأن الشعور النفسي للمريض يجب في الأمل بالبرء وأنه سوف يصبح صحيحا .

كان رحمه الله رجل حكمة وحنكة وصاحب راي ويطلب منه الرأي يسعى في مصالح الناس ويتولى عنهم صعاب الأمور كان يحب الفقراء من الناس يحرس على مجالستهم وكان يقول إن الإنسان يجب عليه أن يجالس الصالحين و الأولياء و الفقراء ويقول:

إن المجالس على ثماني *** كل تنال منه خصلتان

تنال حكمة فعلم فاعلما *** من مجلس تجل فيه العلما

بركة والزهد نيل فاعيا ***من مجلس تجلس فيه الاولياء

و الصبر مع قناعة دين جرا***من مجلس يجلس فيه الفقراء

والأمراء جالسهم اساء***مانال إلا الكبر والرياء

وقد ينال الطمع والحرص *** من مجلس الاغنياء يخص

ولاعب وضاحك اثنان *** نيلهما من مجلس الصبيان

والذل والعصيان كل باد ***من مجلس النساء بئس النادي

هذا نموذج من أمثلة وشواهد كان يستدل بها في الحديث على اختياري المجالس والتحذير من مجالس السوء وخاصة مجالس النساء وفي هذا الجانب من سلوكه يقودنا الحيث إلى الانب الديني لصاحبنا بصفة عامة

فصاحبنا لم يمر بمرحلة الشباب وتهوره بل كان منذو صغره يتمتع بالاستقامة و العفاف والورع و الصدق

وقد قال لي يوما أنه في مرحلة من شبابه كان يرى نفسه أكبر من أخوته الذين يكبرونه سنا وكان يرشدهم كان سببا في اقلاع أحدهم عن التدخين وهو آنذاك صغير جدا حيث حاور الاخ الأكبر قائلا له هل ترى في التدخين شيئا إيجابيا قال له الأخ لا . قال له هل في التدخين جانب سلبي قال الأخ الأكبر نعم يقال بأن التدخين ضار بالصحة وهناك خلاف بين العلماء بشأنها قال له بما أن الله تعالى كرم الانسان بهذا العقل وجعله هو القائد للنفس البشرية لماذا لا يقوم العقل بتقديم مصلحته على هوى نفسه .فهنالك بدأ الأخ الأكبر يراجع نفسه ويترك الندخين مباشرة في ذاك الوقت ..

كان هذا دليلا على رجاحة عقله منذو صغره وورعه عن الشبهات فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.فكان هو ديدنه طيلة حياته فلم يسكت يزما من الأيام عن منكر رآه فكان يحاول دائما تغييره بلسانه وبذلك أكسبه الله هيبة بين الناس.

وهذا يقودنا إلى ذكر جانبه الديني بصفة عامة فالرجل كان يدعو دعوة تعليمية يعلم الناس ما جهلوا ما جهلوا من دينهم ويصدع بكلمة الحق كان يحذر من الرياء أشد تحذير ولا يحضر ولا يشهد على بيع حتى يتأكد من صحته وكان يحذر أهل هذه المنطقة من صحة أو معاشرة من صح من أنه مانع للزكاة كان صدوقا يحب الصدق ولا يقبل الكذب من أحد كنا لا نحدثه بخبر حتى نتأكد من صحته

كان يتصدق بكل ما يجد من مال يعطي للسائل إذا أتاه ولم يرد سائلا أبدا وكان يقول إن المال زاد للدار الآخرة وكان لا يحب الافراط في طلب الرزق وكان يقول ان التحرك الذي اخترناه لطلب الرزق هو الأخير من اسباباه وعلينا وعلينا أن نطلب الرق بأسبابه الاخيرة مثل التقوى والتوكل والصلاة والصدقة كذلك الاستغفار.

كان عفيفا يتعفف عن المال المشبوه وكان قنوعا أعطاه الله من القناعة والثقة بالنفس مالم يعطه لأحد كان يحب الصلح ويصلح بين الناس كان لا يظلم ولكن لا يقبل أن يظلم لكنه إذا ظلم يعفو وكان يقول إن العفو اعظم أجرا من مقاضات الناس بينهم يوم القيامة لأن العفو حسنة و الحسنة بعشر أمثالها.

أما جانبه المعروف فصاحبنا كان من أهل القرآن وكان يحفظ كثيرا من الاحاديث النبوية و السيرة النبوية وكان فقيها ويحفظ كثيرا من النصوص الفقهية عن ظهر قلب ولديه كثيرا من الشواهد العلمية يلخص فيها العلوم الشرعية والفقه وكذلك لديه ضوابط للعلوم الفلكية وكذلك علم الحساب.

كان نسابة يعرف انساب العرب وتاريخهم وحروبهم وفي الجاهلية .وكان يحب الشعر العربي وخاصة منه ما كانت الحكم ثم معلقة زهير بن أبي سلمى لمشتملت عليه من حكم بليغة وكذلك لامية العرب للشنفري ويقول أنها تربي النفوس على مكارم الأخلاق و الإيباء وتمنع صاحبها من فعل النواقص

كان ينظم الشعر وله انظام في مجال الطب مثلا له نظم في انواع الطبائع في جسم الانسان وكذلك نظم في فوائد بعض الاعشاب واضرارها كان حكيما تستشيره الناس في أمورها الخاصة والعامة وكان رحمه الله يحب العشيرة ويدافع عنها ويحب الوطن وهو ما جعله يصمد في الارض النائية أصلا رغم ما عانته من جفاف وتصحر حتى وصفه أحد الإداريين في المقاطعة في أطار تقرير يصفه فيه المنطقة سنة 1990 وصفه بغزال الجدب ومعروف أن غزال الجدب لايحركه الجوع ولا العطش عن موطنه فجر الماء في هذه البلدة سنة 2008 م من خلال بئر قضا 10 سنوات على حفرها بسبب طولها وصعوبة حفرها وتكاليفها ،يتوقف عنها فترة ويبدأ فيها من جديد عندما تتوفر إمكانيات لديه حتى اعطاه الله الماء فيها فاصبحت موردا للناس في هذه الارض التي تعاني من ندرة المياه عانى منذ سنوات من عدة امراض لكنه لصبره وشجاعته وعقيدته السليمة في ربه لم يبالي بتلك الأمور فظل يمارس حياته الطبيعية وأعماله الخيرية وكأنه صحيح لايعاني من شيء لكنه بسبب قلة مذاقه أصبح يضعف حتى تغلب عليه المرض وكان سبب وفاته رحمه الله.لكن لصلاحه اعطاه الله ما تمنى من قبل وهو أن يموت على فراشه في بيته ويدفن في هذه الارض التي كان يحبها فتحققت له أمنيته رحمه الله واسكنه فسيح جناته و إنا لله وإنا إليه راجعون

بقلم : الناجي ولد عالي

2 مشاركة منتدى

  • تأبين في حق المرحوم عالي ولد كباد 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 05:10, بقلم ابن كيفه الأول

    رحم الله فقيدنا رحمة واسعه وأسكنه فسيح جنا ته وألهم أهله وذويه مزيد من الصبر. والسلوان إنا لله وإنا إليه را جعون إنني أعرفه معرفة شخصيه رحمه الله ,واعرف المكان الذي كان يسكنه ودفن فيه وأعرف المنطقه كلها لأنني عشت طفولتي في تلك النا طق (أما كليله وكنيكيصه ويعجب وانوا سار وأم الكر عان وقليك أهل محم ودرك الطيار )تلك ديارنا شربنا فيها لبن البفر في الخريف ولبن الإبل .وكنا نمشي حفا يا الأدام على تلك الرمال الذهبيه نر كض ونلهو. لا هم ولا حزن .إنما الفرح والمرح والبهجه والسرور .ما أعزها من ديار. وحبذا لو الأايام تعود بنا الى الوراء .رحم الله عليا بن كباد رحمه واسعه .

    الرد على هذه المشاركة

  • تأبين في حق المرحوم عالي ولد كباد 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 22:12, بقلم يعقوب الشيخ

    رحم الله فقيدالأمة علي ولدكباد رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته.....وجزيت خيرا علي مانشرت فهو قليل من كثير...وقليل ممايستحق ....ابن سيناهذه البلاد...وأحنفها...وحاتمها..وإياسها....فجزاه الله خيرالجزاء علي ماقدم...وبارك في خلفه......إن رحيل عالي ورحيل أخيه قبله الشيخ النعمه رحمهمالله وأسكنهمافيسح جناته...لايعني رحيل فرد..بل يعني رحيل أمة ومجتمع...فاللهم اغفرلهماوارحمهماوكل موتي المسلمين وارحمنايارب إذاصرناإلي ماصاراإليه...

    الرد على هذه المشاركة

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016