تمر 31 سنة على نشأة قرية "حرج الشمس" التي تتبع لبلدية ابلاجميل بمقاطعة كنكوصه وتقع إلى الجنوب من مدينة كيفه ببعد 134كم.

وجاء تأسيس القرية بعد ضربات الجفاف الذي أهلك قطعان الماشية التي يمتلكها الفلان الرعاة فتنادوا قرب الوادي وبنوا أكواخهم هناك آملين بعد الاستقرار أن تمنحهم الدولة بعض المرافق والمشاريع الضرورية التي توفرها حسنات الاستقرار.

لكن خيبة الأمل كانت قوية فقد تتالت السنوات على قيام القرية دون أن تحظى بأي اهتمام من لدن السلطات، حيث يأخذ المرضى إسعافاتهم الأولية بعد رحلة شاقة على الحمير لمسافة 30كم حيث اقرب ممرض في قرية بلاجميل .

أما المدرسة فقد يئسوا من الحصول عليها مما فرض عليهم أخيرا تأجير معلم قرآن من مدينة كيفه رغم فقرهم الشديد ثم طالبوا طيلة هذه الفترة الحكومة بتوفير بئر صالحة للشرب وقد قنطوا من ذلك ولثلاثة عقود بشرب هؤلاء من حفر طينية شبيهة تماما بالمستنقعات فتحمل النساء القوارير والأواني والحاويات على رؤوسهن من مسافة 400م بطريقة شاقة إلى أبعد الحدود.

أما الحقول التي يزرعونها فقد باتت محاصيلها متدنية للغاية فهؤلاء المساكين حرموا من أي سد أو أي سلك من السياج وكلما بذروا حبة التهمتها المواشي والطيور ومختلف الآفات ومقابل ذلك لم يستسلموا للجوع فظلوا يزرعون ويحصدون ما تيسر.

شباب قرية حرج الشمس الذين لم يجدوا فرصة للتعلم تفرقوا في المدن والأرياف ليحترفوا مهنة الرعي مقابل تلك الأجور الزهيدة.

مسؤول القرية بانقو بوبكر الملقب مودي تحدث إلى وكالة كيفه للأنباء عن مختلف أوجه المعاناة التي تعيشها قريته وقد لخصها فإنهم قوم منسيون من كل شيء وأنهم ملوا من الإلحاح والمطالب وصب جام غضبه على منتخبي مقاطعة كنكوصه معبرا عن عزمه التخلي عن المشاركة في أي انتخابات مستقبلية لا تقدم له ضمانات توفر الحد الأدنى من الخدمات لأهله.

أما السيد "بوده" الفقير الذي يعيل عدة أسر فإنه لا يتذكر في حياته أي تدخل لصالح سكان قريته من طرف الدولة غير تلقيح الأطفال مرة أو مرتين.

هم مواطنون متعلقون بوطن لم يوجه إليهم غير اللعنات :الجوع والمرض والجهل والعزلة والإقصاء ،ومع ذلك صامدون ومؤمنون بقدرهم.

ورغم الإحباط الشديد الذي يعيشونه فهم يطمعون في الحل كلما لاحت بارقة أمل بما في ذلك دخول وكالة كيفه للأنباء واطلاعها على وضعهم المزري.