ينبغي معاملة محمد ولد عبد العزيز بأسلوب متحضر يليق بصفته كرئيس سابق، ويليق بنا كدولة “قانون”. هناك أعراف يجب احترامها، خاصة أنه أصبح من الواضح لدى الجميع أن استهداف محمد ولد عبد العزيز، دون غيره من رموز العشرية، ليس لأن النظام يعيب عليه التجاوزات في تسييره للمال العام، وإنما فقط لإرغامه على الخروج من الحياة السياسية.
على العموم، ثمة درسان لو كان محمد ولد عبد العزيز استخلصهما إبان حكمه، لما وجد نفسه في ورطة كما هو حاله اليوم :
– لو كان استثمر في كسب ثقة الشعب، لالتف حوله المواطنون، ولدافعوا عنه، ولحملوه على الرقاب. إلا أنه اختار الاستثمار في الوجهاء والنخب الفاسدة، واليوم انقلبوا عليه، بعدما ترك السلطة، وبعدما كانوا يستميتون في المطالبة له بمأمورية ثالثة في خرق صارخ للدستور، حتى النخب الرديئة التي صنعها من لا شيء، والتي لم تحلم يوما أنها ستتصدر الواجهة، نبذته.
– لو سعى خلال حكمه إلى بناء دولة قانون ومؤسسات، لكان اليوم يتمتع بكامل حريته، ولكانت حقوقه محفوظة، بما في ذلك القانونية وحتى ممارسة السياسة. إلا أنه طغى وتجبر طوال فترة حكمه، واحتقر كل شيء، من قيم الشعب إلى مؤسساته، بعد أن دجن القضاء، واستغل موارد الدولة لمصلحته.
بناء على هذه التجربة، على الرئيس محمد ولد الغزواني إلى استخلاص العبرة مما حلّ بسلفه، وأن يفهم أن الاستثمار في إرضاء الوجهاء والمفسدين، عن طريق التعيينات، ومنح الصفقات العمومية، لا فائدة منه، لأن ولاءهم يكون حصرا لمن يجلس على الكرسي، لا لغيره، وسينقلبون عليه كما انقلبوا على سلفه.
هذه فرصته الأخيرة في كسب ثقة الشعب، عن طريق الإصلاحات والسياسات التنموية الجادة، وتكليف النخب النزيهة، وبناء دولة القانون والمؤسسات التي تضمن الحريات، وتصون الحقوق، حتى لا تتكرر له نفس التجربة ويحدث له ما حدث لسلفه.