وكالة كيفه أول وسيلة إعلامية تصل مواقع "أمرسال" بمنطقة الباطن(تقرير مصور)

اندوسري، مدل، اقريذيف، دماله، إمنتادتن، لعبس، احسي أمبارك، بئر النص، بادرينه، أكدست، توراشيت، ابلمعيزات، انقيشط و بئر الخادم.

أسماء أصيلة نجت من لعنة الأسماء الدخيلة لخمسة عشر بئرا تتوالى من الجنوب إلى الشمال عبر سهل رملي يعرف "بتاسكاست" ؛ يبعد 86 كم إلى الشمال الشرقي من مدينة كيفه ، ممتد على مسافة 100 كم ؛منطلقا من بحيرة "بوبلعين" لينتهي عند " الباطن" بسفوح سلسلة هضاب تكانت.

مندوب وكالة كيفه للأنباء خلال مروره "بتاسكاست" قطع ما مجمله 260كم بدء من كيفه للوصول إلى مواقع جمع "أمرسال" في منطقة "الباطن".

هناك يقوم تجار وافدون من مناطق مختلفة من البلاد بتأجير عدد من العمال والذهاب بهم إلى تلك المنطقة النائية في الصحراء حيث تمتد ساحات التربة التي يتجمع بها "أمرسال" عشرات الهكتارات في منطقة تحدها من الجنوب تلال وكثبان "آوكار" ومن الشمال "الباطن".

يقوم العمال طيلة ساعات اليوم بتقشير "أمرسال"بمكنسات" وتصفيته من الشوائب والأتربة وجعله في خنشات تزن الواحدة منها 50كغ وبعد أيام من العمل المضني يتمكن العمال من شحن 500خنشة في شاحنة أخذها التاجر لغرض نقل سلعته إلى كيفه ومن ثم إلى أي جهة أخرى.

كذلك يتخذ أصحاب السيارات العابرة للصحراء مثل "تويوتا لاندكريزر" من هذه النشاط مصدر عمل ودخل، حيث يشحنون سياراتهم من هذه المادة المجانية التي تتحرر بفعل البعد و عزلة المنطقة من الضرائب وإتاوات البلدية لعرضها في الأسواق.

يعتبر موقع "أكوف" بهذه المنطقة هو الأفضل من حيث جودة "أمرسال" وصلابته ورغم وجود هذه المادة في مساحة شاسعة فإن التجار يفضلون جمعه من هذا الموقع لرغبة المنمين في هذه النوعية.

بدورهم هناك رجال يتخذون حرفة من بيع أمرسال على الطريقة التقليدية إذ ينظمون قوافل لعشرات الجمال و يقضون هناك عدة أسابيع لإتمام العملية في ظروف صعبة للغاية والعودة إلى مدن الجنوب لترويج بضاعتهم. وتمتد عملية جمع "أمرسال " طيلة أيام السنة باستثناء فصل الأمطار إذ تغمر المياه القيعان التي تتشكل فيها هذه المادة المترسبة.

من جهة أخرى يرد رعاة الإبل منطقة الباطن مرتين للعام: الأولى في موسم "ألاوه" والثانية في أيام "تفسكي" وهناك ترتوي الإبل من المياه المالحة من حفر لا يتجاوز عمقها في الغالب مترين، وتعتبر هذه السقاية بالنسبة للمنمين في غاية الأهمية حيث تصح الإبل من الأمراض وتموت عن أبدانها الجراثيم والديدان وترتفع شهيتها للتهام العشب وهو ما يكسبها في النهاية سمنا و مناعة و جمالا.

لا توجد في "الباطن" سوى قرية واحدة تسمى "باميره" وعدا ذلك إما منمون طالبون للمياه المالحة لمواشيهم أو حركة العاملين في جمع "أمرسال".

تعتبر هذه المنطقة من أكثر مناطق موريتانيا صحة ويتميز أهلها بالقوة والصبر والكرم، ورغم بعدهم وعزلتهم وافتقارهم إلى أي عنوان للدولة فإنهم لا يبغون بها بديلا على الإطلاق.

في مظهر طبيعي رائع ومحير يتوقف بحر رمال "آوكار" على حافة الباطن الجنوبية مشكلا أهلة رملية كبيرة تكف تلك المنطقة تاركة الدور لكثيب كبير يسمى "نجم" يسدل لسانه العظيم و بكبرياء على هضبة تكانت كأنما يحصن "الباطن" من أي داخل.

غير أن السيارات رباعية الدفع سواء كانت صغيرة أو شاحنات استطاعت بأعجوبة قهر ذلك الكثيب العملاق والوصول إلى الباطن بعد قرون من انحصار ذلك على الجمال.

أما الطريقة للصعود إلى تكانت عبر تلك الجبال الشاهقة المتصلة حتى ظهر ولاته في الشرق فيكون عبر طرق وعرة جدا كانت لا تسلكها إلا الجمال وبصعوبة بالغة قبل أن يستحدث فيها الأهالي بأيديهم وبمساعدة بعض الخيريين مسالك بعد فك بعض الصخور وترتيب بعضها وتكسير ونحت بعض آخر حتى أصبحت مسالك تعبرها السيارات في أوضاع خطيرة إلى أبعد الحدود مثل معبر"أم اذنيبه والنقعه".

كما تمر الجمال عبر طرق أخرى هي: "يرياره، وكركد".

ويعتمد سكان المنطقة للتزود بالمؤن من مدينة كيفه بطريقة استثنائية جدا إذ يتجه الرعاة وأصحاب الحاجات من مناطق بعيدة في أوكار أو الباطن إلى أي مكان في الطريق الرئيسي فيدفعون لذلك السائق الذي خبر الصحراء وأصبح محل ثقة السكان المدعو ساليم أثمان مشترياتهم أو من خلال من هو أقرب إلى الطريق وبعد عدة أيام يعود هؤلاء فيجدون حاجياتهم معلقة في الأشجار على الطريق دون أن يمسسها بشر لبراءة أهل المنطقة وفطريتهم وخلوها من أي صنف للجريمة.

تحتوي هذه المنطقة على آثار تاريخية عجيبة مثل ما يسمى بقايا مدينة "أرخيميه" كما تبين شظايا الفخار وانتشار المعدات شبه المنزلية المنحوتة من الصخور هناك مما يوحي بأن حضارة عظيمة قامت في المنطقة في عصور غابرة مما يؤيد فكرة وجود نهر قديم كان ينبع من مرتفعات تكانت ويعبر حوض "تاسكاست" باتجاه كركورجنوبا.

أما الغطاء النباتي الغالب بهذا المنكب فهو مما تحب المواشي ، حيث ينتشر أسبط، أم ركبه، أوراش، تيجط، أتيل، آدرس والتمات، ومن المثير للانتباه أن السكان المحليين وفي خصلة نادرة يعفون أشجارهم من القطع.

تتشكل منطقة الباطن التي تتبع أجزاؤها الشرقية المحتوية على "أمرسال"لبلدية لخشب التابعة لمقاطعة تيشيت بولاية تكانت من تضاريس متباينة أكسبتها طبيعة غاية في الروعة تجتذب الكثير من السياح الأجانب، غير أن تخلي الدولة الموريتانية عنها وعدم اهتمامها بوضع سياسات للاستفادة من المقدرات الطبيعية والسياحية لها يبقيها منطقة بكرا و غنية تنتظر من يستغلها على الوجه الأكل مما يحسن من ظروف عيش أهلها ويجلب نفعها لباقي مناطق الوطن.

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.