في مشهد طالما تكرر في تاريخ الزيارات الرئاسية، تستعد بلدية هامد الريفية بولاية لعصابه لاستقبال رئيس الجمهورية، الذي سيدشن مشروعا لتزويد المناطق الحدودية بشبكة اتصالات. خطوة تبدو، من حيث الظاهر، علامة على التزام الدولة بتطوير البنية التحتية وتعزيز التواصل في المناطق النائية، لكن خلف ألوان الاحتفالات البراقة والكلمات المنمقة، تكمن حقائق صادمة عن واقع غارق في الإهمال والبؤس والشقاء.
ما كان يمكن أن يكون لحظة أمل بتغيير واقع سكان أنهكتهم دوامة الفقر، سيتحول إلى عرض مسرحي يهدف إلى تجميل صورة السلطة أمام أعين المواطنين، وتغييب أصوات هؤلاء المواطنين، العالقين بين فقر مدقع وحرمان من أبسط الحقوق الأساسية: مياه نظيفة، خدمات صحية، وتعليم ملائم. وفي نفس الوقت يرغمون، بالرغم من معاناتهم اليومية، على أن يظهروا الترحيب والبهجة، وكأنهم مجرد جزء من ديكور احتفالي يخفي حقيقتهم عن أعين صناع القرار.
تأتي هذه الزيارة إذا لتكرس نمطا مألوفا من السياسات التي تعتمد على الاستعراض عوض مواجهة جوهر المشكلات، فبدلا من اتخاذ خطوات جذرية لمعالجة تحديات التنمية، تنشغل السلطة بإعادة إنتاج مشاهد كرنفالية تعزز هياكل النفوذ التقليدية، وتكرس التفاوت الاجتماعي والتهميش، بعيدا عن كلما له علاقة بقيم الجمهورية وبالحكامة الرشيدة.
وإذا كانت رسائل هذه الزيارة ستظهر في وسائل الإعلام الرسمية مليئة بالوعود والتصريحات الرنانة، فإن واقع الحال في هامد وغيرها من المناطق المهمشة يروي قصة مختلفة. قصة فجوة عميقة تفصل بين الشعارات المعلنة والسياسات الفعلية، وتثير تساؤلات مشروعة: متى يكف رؤساؤنا عن تصديق فلكلور القبائل ونفاق المسؤولين؟ ومتى تتحول هذه الزيارات من استعراضات رمزية إلى احترام حقيقي للشعب ومكانة الرئيس الدستورية؟
الشيخ ولد أحمد