لم يعد سكان مدينة كيفه منذ أيام قادرين على التمتع بلحظات هدوء، نتيجة الصخب المثار من طرف سيارات المرافقات التي تستقبل هذا الوزير أو ترافق ذاك أو تودع آخر.
قد يبدو الوضع في ظاهره، وكأن الحكومة صحت فجأة من نومها وقررت إطلاق مشاريع حيوية يتوق إليها المواطنون في جميع أنحاء الولاية.
بينما يكشف الواقع أن الأمر لا يعدو كونه سباقا للهروب من المكاتب وتبرير المصروفات وتنافس محموم على تقسيط الوهم من دون أدنى شعور بالخجل. إنها حركة مفهومة كلما جاءت الشائعات بموعد جديد لتعديل حكومي.
لا يريدون للمواطن المرمي في أبعد متاهات البؤس والحرمان، أن يغادر عالمنا بهدوء قبل أن يجعلوه شاهدا على السخرية بكل ما مثلته الدولة ذات يوم بالنسبة له وقبل أن يتفننوا في إذلاله وإيذائه، بعد أن نهبوا خيراته ومزقوا مجتمعه.
أصبحنا في زمن يتجشم فيه معالي الوزير أو الوزيرة والوفد المرافق له أو لها، عناء السفر لتدشين مولد كهربائي من النوع الرديء أو تصليح أنبوب مياه لمبنى إداري أو نقل وحدة فحص أو افتتاح مخزن لمواد لا تنفس كربة أو تخفف سعرا!
أصبحنا في زمن تتجرأ فيه مؤسسة للتضامن والتأزر، على "رمي" النزر اليسير المخصص للفقراء في القفار بعد أن فشلت سياستها التجميعية في إقناع المستفيدين بالانتقال إلى حيث "المشاريع" غير المقنعة! وفي زمن تهدي فيه مفوضية الأمن الغذائي سياج الفلاحين لرؤساء القبائل كي يحرسوا به أرض العشيرة.
آخرهم بنت انتهاه وهي تقود قافلة كبيرة لتوقيع اتفاقية وقعتها السنة الماضية وإخراج بضعة مقاعد للمعوقين من مخزن جثمت فيه عدة أشهر ، أما القروض المقدمة للتعاونيات فهي الأكثر عبثية في الدنيا إذ كيف يطلق الناس في هذا الزمان مشروعا بأربعمائة ألف أوقية قديمة.
دعونا نحاول مقاومة الجوع والعطش والظلام والتكيف مع غياب الرعاية الصحية والتعليمية بعيدا عن مسرحياتكم وسقطاتكم واِخفاقاتكم واستخفافكم بعقولنا!
من فضلكم لا تستكثروا علينا ذلك بعد فشلكم في تحقيق ولو نزر يسير من مطامحنا. "عسى الله أن يأتي بالفتح .
وكالة كيفه للأنباء