قبل 5 سنوات قرر رجل الأعمال الشاب العامل في افريقيا السيد أحمد ولد الحسين أن يرفع التحدي ويقتحم مجالا ظل مهمولا من طرف الغالبية من الفاعلين  فبدأ في تجربة إطلاق مشاريع زراعية في مناطق متعددة بولاية لعصابه.

كثيرون سموا تدخل الرجل بالمغامرة، وسفهوا ما  قدم عليه ورأوه إسرافا وهدرا للأموال في استثمارات خاسرة لرجل نجح في جمع ثروته من خارج البلد بالطرق التجارية.

مضى صاحبنا فاشترى ما باستطاعته من معدات ولوازم  زراعية واكتتب عشرات العمال، مستهلا العملية الزراعية من بلدات ريفية تابعة لمقاطعة كرو.

جابه الرجل مشاكل لا تحصى وتعرضت طريقه لسيل من  المثبطات تكسر الإرادة  وتكبح كل طموح؛  وخسر عشرات الملايين من الأوقية غير أنه لم يبال وصمم على قهر كافة الصعاب والتغلب على جميع الأزمات.

وفي ست مناطق أطلق مشروعه  الزراعي جاعلا الهدف الأساس وهو تحقيق منتوج معقول في مادة الخضروات في: تعاونية  بوكرفه، الأجداد ، المبروك1، مشروع الصدارة، كنبل، وفي أفريع إكيك.

يعلق ولد الحسين على أحاديث المترددين والمشككين  بالقول إنه لا يريد التربح من هذه الأعمال أكثر من هدفه الأسمى وهو بعث صحوة زراعية في المنطقة ووعي داخل الرأي العام بإمكانية الحصول على الغذاء من الأرض بالجهود الذاتية والاعتماد على النفس والعزيمة، مستطردا نماذج من التجارب الناجحة في الخارج،  مرددا أن الماء والأرض الصالحة  أول شرط لتحقيق ذلك وهو ما يتوفر لدينا.

ركزت المزارع التي يقودها ولد الحسين على المنتوجات ذات الاستعمال الواسع مثل الطماطم والجزر والبصل والبطيخ وبعض الأشجار المثمرة كما خصص ساحات هامة للأعلاف الحيوانية ثم أولى اهتماما كبيرا بالنخيل الذي تشهد زراعته بولاية لعصابه تراجعا كبيرا فأهل العديد من الواحات وغرس فسائل جديدة في عدة حقول.

بعد الكثير من الكبوات هاهي جهود المزارعين في هذه الحقول الستة تؤتي أكلها؛ حيث تتدفق اليوم أطنان منتوجاتها إلى عدة أسواق بالولاية كما وصلت هذا الأسبوع إلى  العاصمة انواكشوط ، وفي تطور لافت صارت لدى هذه المبادرات الزراعية خطط لإنتاج خضروات في فصل الصيف.

وكالة كيفه للأنباء تجولت في هذه المزارع خلال الأسبوع الماضي حيث يبدو المنتوج في بداية العطاء والشحنات الأولى تتوجه إلى المستهلكين في مستهل شهر الصوم وجميع القرائن تقود للاعتقاد بأن الموسم الشتوي سيكون جيدا مع قوة الإصرار والتفاني في العمل الذي يظهره العمال وهو ديدن المشرفين على هذه الحقول.

ولد الحسين  قال في تصريح للوكالة أنه بالمثابرة والعزيمة يمكن لولاية لعصابه وحدها أن تغذي أسواق الجمهورية بما تحتاجه من خضروات إذا تدخلت الحكومة بشكل قوي وجاد وقامت بتذليل العقبات التي تعجز أصحاب هذه المشاريع وتفوق قدرتهم، مبرزا أن المزارع حينما تعترضه مشكلة لا يستطيع حلها يدركه الملل واليأس ويتسرب الشك إلى نفسه فيؤول إلى الفشل وحين تنقذه الدولة من ذلك يسير من نجاح إلى نجاح حتى يستغل بنفسه وهناك نصل إلى الهدف وهو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الغذاء وأكثر من ذلك تصدير الفائض  إلى وجهات خارجية.

العمال بهذه المزارع  متحمسون ولديهم القناعة بأنهم يستطيعون ومع ذلك يواجهون مشاكل متفاوتة من نقص في السياج تارة أو في الماء أو السماد أما مكننة المعدات فهي مطلب قديم بدونه لا أحد يرى أنه بالإمكان تحقيق منتوج ذي فائدة، وفي هذا الصدد يشدد ولد الحسين على شكر مشروع الواحات الذي قال أنه الوحيد الذي يمد لهم يد العون ويطالب بالتجديد له  كما شكر وزارة الزراعة على ما قدمته من بذور هذا العام وكذلك مندوبيتها على مستوى ولاية لعصابه  على التعاون والاستعداد، وثمن ما يقوم به شركاءه وزملاءه في روابط تطوير الزراعة والتنمية.

وطالب وزارة الزراعة وكافة المشاريع المتدخلة في هذا المجال للنزول للميدان وإجراء مسح وتحقيق في كل المبادرات الزراعية بولاية لعصابه وحينها يكتشفون من قدم التضحيات ومن يستحق الدعم والتشجيع.

ولد  الحسين لا يندم على ما تلقاه من خسارات في طريق تحقيق النجاح الذي قال أنه تحقق بالفعل حين أدرك الموريتانيون أن أرضهم كفيلة بتزويدهم بالغذاء فعادوا  إلى استغلالها.

لقد باتت منتوجات هذه المزارع فتحا مبينا على الفقراء الذين  يجدون المادة ناضجة وآمنة وبسعر رخيص، فضلا عن عما وفرته هذه الأنشطة الزراعية المكثفة من فرص عمل لعشرات الأفراد والأسر.

إنها باتت تقربنا من تحقيق حلم الاكتفاء الذاتي إذا ما بادرت الدولة بالشد على أيديها وتذليل العقبات أمامها ؛ فمن كان يصدق يوما أن تنطلق قوافل  الخضار من ريف مقاطعة كرو اتجاه انواكشوط. إنها الإرادة القوية القاهرة لكل الصعاب فهي دائما سر النجاح.