رغم مرور عقد من إعلان ولاية لعصابة أولوية تنموية في السياسات العامة، إلا أن الواقع المعيشي للمواطن لم يشهد تحسنًا ملموسًا، ولا طرأ تطور كبير على البنية التحتية أو على مؤشرات التنمية الأساسية. تبرز هنا الحاجة إلى قراءة تحليلية تُشخص مكامن الإخفاق وتبحث في جذور الأزمة التنموية.
أولًا: غياب الإطار المنطقي للتنمية من أبرز الأسباب غياب إطار منطقي شامل يرسم العلاقة بين الأهداف التنموية والنتائج المنتظرة. فقد افتقرت المشاريع المنفذة إلى مؤشرات واضحة للتقييم والمتابعة، ولم تستند إلى بيانات دقيقة أو آليات تقييم مرحلي ونهائي. كما غابت النظرة التراكمية التي تبني على التجارب السابقة، مما أدى إلى تكرار الأخطاء وتفويت الفرص.
ثانيًا: ضعف الحوكمة وعجز المنتخبين المحليين يُلاحظ عجز المنتخبين المحليين عن التأثير في القرار التنموي الفعلي، بسبب عدم تفعيل دور الدولة القاعدية وبقاء القرار مركزيًا في الغالب. كما أن الصلاحيات التنفيذية والرقابية لا تزال مركزة بيد الإدارة المركزية، مما يضعف المساءلة ويُفرغ اللامركزية من مضمونها.
ثالثًا: قصور في إشراك المجتمع المدني لم تُتح للمجتمع المدني فرصة حقيقية للمشاركة في تحديد الأولويات أو مراقبة تنفيذ المشاريع. وغياب الشفافية في التخطيط والتمويل ساهم في تفشي الإحباط الشعبي وتراجع الثقة في السياسات العمومية. كما لم يُستثمر في الطاقات المحلية من كفاءات ونخب قادرة على صياغة الحلول من داخل المجتمع.
رابعًا: هشاشة البنية التحتية والقطاعات الحيوية تُعاني الولاية من ضعف واضح في الخدمات الأساسية، كالصحة والتعليم والنقل. وفشلت أغلب البرامج الزراعية والرعوية في إحداث الاكتفاء الذاتي أو إنتاج قيمة مضافة، مما زاد من التبعية وهجرة السكان إلى المدن أو خارج الوطن.
الخاتمة: تفرض هذه التحديات مراجعة جذرية للنموذج التنموي المتبع في الولاية، تعتمد على:
وضع إطار منطقي دقيق يشمل أهدافًا واضحة ومؤشرات أداء قابلة للقياس.
تفعيل دور الدولة القاعدية ومراجعة العلاقة بين المركز والجهات.
إشراك المواطن والمجتمع المدني في كل مراحل التخطيط والتنفيذ.
الاستفادة من التجارب الناجحة داخليًا وخارجيًا لبناء نموذج تنموي حقيقي ومستدام.
الأستاذ الفقيه محمد ولد الصحه