نحو خطاب سياسي راق يوحّد ولا يفرق/ محمد ولد عمار

في غمرة المشهد السياسي المعقد، تظهر الحاجة الماسّة إلى الارتقاء بالخطاب السياسي، بعيدًا عن الجدالات والتناحرات الحادة والتراشق بالكلمات والأوصاف التي لا تتماشى مع ساحة من المفترض أن تكون منبرًا للحوار والعقلانية.

السياسة، في صميمها، ليست حلبة صراع شخصي ولا ميدانًا للتنابز بالألقاب، بل هي فن إدارة الاختلاف وتحقيق المصلحة العامة. وحين يتحول الخطاب السياسي إلى سلاح يشحن النفوس ويزرع البغضاء، يفقد جوهره النبيل، ويصير أداة هدم بدل أن يكون وسيلة بناء.

إن المجتمع، بكل شرائحه، يتطلع إلى لغة سياسية تبني ولا تهدم، تجمع ولا تفرّق. لغة تحترم العقول ولا تثير الحساسيات. خطاب ينطلق من الإقناع بالحجة لا من الهجوم والتخوين. فالرأي الآخر ليس عدوًا، بل فرصة لفهم  أعمق وتوافق أوسع.

نحتاج إلى قادة رأي وسياسيين يدركون أن الكلمة أمانة، وأن ما يُقال علنًا يترك أثرًا في نفوس الناس، وقد يكون شرارة فتنة أو جسر عبور نحو التهدئة والوحدة. ومثلما تُقاس الحكومات ببرامجها، تُقاس النخب بخطابها.

فلنعطِ القدوة، ولنجعل من السياسة مدرسة في الأخلاق قبل أن تكون ساحة للمنافسة. فالديمقراطية لا تقوم فقط على صناديق الاقتراع، بل على ثقافة سياسية رفيعة تحترم المواطن وتُقدِّر التنوع وتؤمن بأن الخلاف لا يفسد للوُدِّ قضية.

الارتقاء بالخطاب السياسي ليس ترفًا، بل ضرورة في زمن ازدادت فيه الأزمات وتعمقت فيه الانقسامات. ولن يكون ذلك ممكنًا إلا إذا توافرت إرادة صادقة لدى الجميع للقطيعة مع منطق الإقصاء والتجريح، واعتماد لغة المسؤولية والاحترام المتبادل.
فموريتانيا تحتاج لكل ابنائها.
محمد ولد عمار

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.