الصفحة الأساسية > الأخبار > عقيد يكتب: إطلاق تسمية "أم التونسي" على مطار نواكشوط الجديد إساءة واستفزاز

عقيد يكتب: إطلاق تسمية "أم التونسي" على مطار نواكشوط الجديد إساءة واستفزاز

السبت 8 آب (أغسطس) 2015  13:50

عمر الشيخ ابيبكر
  • وقع الوزير الأول، مؤخرا، وثيقة رسمية تمنح مطار نواكشوط الجديد تسمية "أم التونسي"، لتخليد معركة أبيد فيها العشرات من المواطنين الموريتانيين ضمن التجمع الجمالة بالترارزة (GNT) في كمين نصبته عصابة مسلحة (غزي) من 120 من لصوص النهب الأجانب؛ خلال مرحلة إرساء التهدئة.
  • كيف يمكن تكريم أجانب اتسموا، أساسا، بالنهب والإبادة المباشرة لأبناء وطننا؟
  • إن هذا القرار المفاجئ، الأكثر من تعسفي، وغير الموفق يجب إلغاؤه دون أي تأخير.
  • تذكير تاريخي
  • لقد كانت مهمة تجمع الجمالة بالترارزه الذي يوجد مقر قيادته في بوتيليميت، والمكون من مائة (120) رجل بينهم 10 فرنسيين منهم 3 ضباط، و7 ضباط صفوكذا ثلاثين من القناصة الزنوج الأفارقة بينهم العديد من الموريتانيين، وخمسين (50) حرسيا ينحدرون من القبائل المحاربة في الترارزة؛ والمدعوم بمركزي نواكشوط وأكجوجت (أعيد تأسيسهما سنة 1929)؛ وفريق إرشاد (مجبور) خاضع لسلطة بابا ولد الشيخ سيديا؛ تتمثل في القيام بدوريات على محور نواكشوط ـ أكجوجت لمنع تقدم عصابات قطاع الطرق (الغزيان) المتجهة نحو السنغال.
  • وحين أبلغت، مطلع شهر أغسطس 1932 بتحرك عصابة نهب كبيرة (غزي) باتجاه نواكشوط، كلفت السلطات الاستعمارية التجمع بمهمة ملاقاتها في هذا المحور؛ على مستوى أم التونسي حيث توجد نقطة ماء محورية في قلب إمارة الترارزه. وفي يوم الخميس 18 أغسطس، خذلهم إهمال أدلائهم الاستطلاعيين الذين تجمعوا لتناول الشاي قرب البئر في انتظار قدوم الكتيبة ، بدلا من استطلاع المنطقة المحيطة وإقامة مستطلعين على المرتفعات.
  • لقد رصد الغزاةالكتيبة؛ وكانوا مسلحين بـ 120 بندقية، بينهم مائة ينحدرون من قبيلة أولاد دليم وعشرين من حلفائهم أولاد الّلب وأولاد بسباع وقبائل أخرى من آدرار يحركهم، أساسا، دافع الانتقام من محاربي الترارزه؛حيث كمنوا لها في محيط النقطة المائية. وقد نجح الغزاة، مستفيدين من وقع المفاجأة، في تدمير أكثر من 50% من التجمع الذي خسر 39 رجلا بمقتل 6 فرنسيين بينهم ضابط (1) و5 ضباط صف، و21 من الحرس البيظان، و10 قناصة، وعامل 1، ومترجم 1. وتمكن قائد التجمع من العودة إلى مقر قيادته مع ستين عنصرا بينهم 9 جرحى من الحرس البيظان، واختفاء قناص 1.
  • بيد أن الغزي لم يخرج من المعركة دون أضرار، حيث خسر27 رجلا بينهم قائده؛ فيما تمكن الباقون من الانسحاب إلى موطنهم الأصلي بوادي الذهب، يحملون 22 جريحا.
  • قبل واقعة أم التونسي بعدة أشهر تم تدمير غزي من أولاد دليم في تشله على يد غزي من قبيلة لعلب ذات الشوكة في الترارزة كان مكلفا بضمان الأمن والدفاع عن الطرف الشمالي من الإمارة، ضمن واحدة من أكثر المعارك دموية بين بني حسان. وقد تراجع الناجون من أولاد دليم نحو السمارة حيث قرروا تنظيم الرد الذي أفضى، فيما بعد، إلى كمين أم التونسي.
  • الدليل على أن الأمر انتقام بالفعل، هو أن الغزي الذي غادر معقله في السمارة بوادي الذهب الخاضع للاحتلال الإسباني في يوليو 1932، لم يترك وراءه منطقة محررة؛ فالمنطق يفرض أن يبدأ المرء فعل الخير بنفسه. كما تجنب تعمد، في هجومه، مدن بور إيتيان (نواذيبو الحالية)، وفور غورو (افديرك حاليا)، وفور ترينكي (بير أم اكرين حاليا)، وأطار، وأكجوجت حيث كانت تتواجد وحدات استعمارية فرنسية معروفة تماما؛ وبالتالي أهداف عسكرية هامة وفي متناوله. لكن هدفه لم يكن المستعمرين الفرنسيين وإنما كان هدفه الفعلي الانتقام من أبناء العمومة التروزيين.
  • ثم إن استذكار هذه المعركة التي دارت بين الأشقاء المسلمين من بني حسان لا يمكن أن يشكل مصدر فخر لموريتانيا المستقلة، ولا يمكن أن يكون فيه تمجيد لطرفيها. كما أن من الأجدى التعتيم قدر الإمكان على تلك المعارك غير المجدية، من أجل عدم إيقاظ النعرات الانتقامية التي ما تزال كامنة لدى بعض قبائل بني حسان المجروحة. ولا شك أن هذا السبب هو ما جعل أب الأمة المؤسس ورفاقه يفضلون إخفاء هذا الجانب، غير المشرف، من تاريخنا؛ ليتفرغون لبناء الجمهورية.
  • يجب أن لا ننسى أن مجندي الترارزه المشكلين لبنية فيلق تجمع بوتيليميت انخرطوا على أساس فتوى من شيخهم الروحي بعد أن أقنعه كوبولاني بهدف إرساء السلم في موريتانيا. وجميع المجندين والقناصة المسلمون الذين قتلوا خلال حملة إرساء السلم هم شهداء حقيقيون. ولم يكن الفرنسيون يشكلون سوى نحو 10% من الوحدات المقاتلة. وقد كانت حملة إرساء السلم؛ بالأساس؛ من عمل جنودنا البواسل. فبفضل تضحيتهم النبيلة انتشر السلم تدريجيا واستطاعت موريتانيا أن تبنى. وعلينا أن نكون، على الدوام، معترفين لهم بالجميل، بدلا من السعي؛ بأي ثمن؛ إلى التشكيك في تضحيتهم وتجاهل تاريخهم.
  • بناء على ما تقدم فإن مطار نواكشوط الجديد لا يمكن أن يحمل تسمية "أم التونسي". فهذا القرارمن الوزير الأول يشكل إساءة لذاكرة حرس دوائرنا ومجندينا الأشاوس صناع السلم، واستفزازا للقبائل المحاربة في إمارة الترارزة رائدة الحملة السلمية، وتحديا غير مقبول بالنسبة لموريتانيا المستقلة وليدة حملة إرساء السلم.
  • بيد أنه، إذا ما أردنا إعطاء تسمية عظيمة لهذا المطار، يمكننا اختيار إسم أب الأمة: المختار ولد داداه، فعمله الملموس، دون شك، أكثر جسامة من عمل عصابات النهب في السمارة. ويوجد العديد من المطارات الدولية تحمل أسماء رفاقه من أمثال: الحبيب بورقيبه، محمد الخامس، الحسن الثاني، هواري بومدين، فيليكسهوفواتبوانني، ليوبولد سيدار سينغور، إلخ.
  • كما يمكن اختيار إسم الرئيس سيد المختار انجاي، ذو الانتماء العرقي المندمج؛ صاحب الخصال الاستثنائية، رابع نائب يمثل موريتانيا في الجمعية الوطنية الفرنسية،والوحيد الذي حصل على مأموريتين متتاليتين. كما كان أول رئيس لأول جمعية ترابية موريتانية. هذا المنتخب البارز الذي لا يتم الحديث عنه أبدا، والذي منح صفة الإسلامية لجمهوريتنا الموريتانية؛ حين اقترح النواب البيظان خلال النقاشات العاصفة في الجمعية التأسيسية التي ترأسها في نوفمبر 1958 بألاك، تسميتها بجمهورية موريتانيا العربية؛ واقترح النواب الزنوج تسميتها جمهورية موريتانيا الإفريقية. ولقد كان عمله، بلا ريب، أكثر أهمية من عمل أولئك المتسللين الصحراويين.
  • العقيد (متقاعد) عمر الشيخ ابيبكر

3 مشاركة منتدى

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016