الصفحة الأساسية > الأخبار > مشكلة لحراطين لم تعد قضية عبيد

مشكلة لحراطين لم تعد قضية عبيد

الجمعة 4 أيلول (سبتمبر) 2015  05:07

احمد سالم ولد المختار الملقب شداد
  • "لحراطين منسيو الجمهورية": يمكن أن نعتبر هذه الجملة القصيرة أفصح تعبير عن وضعية لحراطين الحالية. أشارك شخصيا ولد بيبكر العديد من الأفكار التي عبر عنها في مقاله الأخير حول مسالة لحراطين. إلا أننى أتحفظ على الأقل على الطريقة التي عبر بها عن رأيه.
  • قناعتي شخصيا أن أى سلطة سياسية, مهما كان تشبثها بالقيم الديمقراطية, لا تسمح أبدا لنفسها بخلق أو إثارة مشاكل يمكنها تحاشيها. وهذه القاعدة تنطبق تماما على كافة النظم التي مرت بها بلادنا منذ الاستقلال و حتى قبل ذالك. فأى سلطة, وفى اى زمان تواجه عادة عددا من المشاكل تتفاوت في حدتها و التي تتطلب حلولا سريعة . وبما أن فن السياسة يتمثل أساسا في البحث عن أنجع الحلول لمشاكل معينة تفرض في الغالب نفسها, فإنه من الحكمة أن لا تخلق أى سلطة لنفسها مشاكل جديدة أو توقظ أخرى نائمة. ولذلك السبب أستغرب شخصيا أن يحاول البعض إثارة مسألة الرق داخل المجموعات العرقية الإفريقية قبل أن يطرح المعنيون قضيتهم بأنفسهم. أخشى أن يكون ذلك محاولة للفت الأنظار عن القضية المطروحة بإلحاح من طرف الأرقاء السابقين داخل مجتمع البيظان. أذكر هنا بأن قضية تحرير الشعوب المستعمرة لم تذكر قبل أن يطرحها المعنيون ويدخلوا بالفعل فى كفاح مفتوح ومتواصل من أجل التحرير.
  • في الحقيقة يعمل منذ بعض الوقت طلائع من مجتمع لحراطين من أجل إسماع حجة ذويهم.
  • فإبان حكم الرئيس المختار كانت وضعية لحراطين ما زالت تسيطر عليها التأثيرات السلبية لأوضاع النظام العبودى الشامل الذي كان قائما. فالسواد الأعظم من مجتمع لحراطين كان يعانى من الجهل و الأمية و التخلف الاقتصادي و الاجتماعي. فكان وعيهم لأوضاعهم ضعيفا جدا.
  • وكان نظام المختار يواجه مشاكل جمة. فبعد تجاوز مشكلة الاعتراف الدولي ببلادنا, كان نظام الرئيس المختار يعانى من مخلفات الاستعمار في جميع مرافق الحياة, وكذالك الصراع مع الأسر الإقطاعية التي كانت تصارع من أجل حماية امتيازاتها الموروثة على النظام الاستعماري. كان نظام الرئيس المختار يعتمد في الأساس على المجموعات الإقطاعية العبودية في آن واحد, ولم يكن له الخيار في ذلك لأنه لم يكن يتوفر آنذاك على بديل., ولذلك لم يكن يتوفر على أبسط هامش يسمح له بالتحرك من أجل محاولة البحث, أو حتى التفكير في أدني حل لقضية الرق في البلاد. ففتح المدارس العصرية أمام أبناء الأرقاء خصوصا داخل المدن الكبرى كان بداية خير على هؤلاء. وكان يصعب على اى أحد, بما فيها شباب حزب النهضة المتحررين, أن يطالب في ذالك الوقت بتحرير الأرقاء.
  • أحيانا يتطرق المختار بحذر كبير إلى هذا الموضوع اثناء احتكاكاته ببعض النافذين الإقطاعيين. واعتبارا إذن إلى ظروف غير ملائمة كان من الحكمة تفادى طرح مسالة الرق بشكل مباشر نظرا لانعدام قوى سياسية أو اجتماعية يمكن الاعتماد على دعمها, وكذالك ضآلة الإمكانيات المالية الضرورية للعمل على حل هذا النوع من المشاكل في حالة افترضنا أن هناك الإرادة السياسية اللازمة.
  • وفى ما يخص النظم العسكرية التي تتوالت على السلطة بعد زوال نظام ولد داداه, فالحقيقة أنهم كانوا منغمسين في العديد من المشاكل المستعصية و التي كانت تشغلهم أكثر من قضية الرق ومخلفاته. فقادة الجيش, والذين أصبحوا قادة الدولة, كانوا منهكين بعد سنوات من خوض حرب مدمرة لا يبرر شيئا مشاركة بلادنا فيها. إن تسييرهم للقضايا المدنية لا يمكن أن يكون نموذجيا. كانوا كلهم تقريبا منكبين على أمورهم, يبحثون عن حلول للمشاكل الجمة التي كانت تحاصرهم وتهدد في بعض الأحيان كيانهم. ومثل نظام الرئيس المختار كانوا, فاقدين لأدنى إمكانيات مالية للتصدي لمشاكل مستعصية ومعقدة مثل مسألة الرق. ومع ذلك فقد تجرؤوا فقاموا بخطوات تعتبر إيجابية على الرغم من نواقصها مثل قرار إلغاء الرق و الإصلاح الزراعي.
  • ربما كان من سوء حظ نظمنا العسكرية بزوغ مسألة الرق إبان حكمهم. ولم يكن ذلك مجرد صدفة. فقد امتازت تلك الفترة بتدهور كبير في قوة و هيبة مؤسسات الدولة, وكان ذالك ناتج في الغالب عن انحطاط بين في قوة و نفوذ القوى السياسية التي كانت تتميز بالغيرة على الوحدة الوطنية و خصوصا أنصار الحركة الوطنية الديمقراطية وكذالك محيط الرئيس المختار ولد داداه من مثقفين مستترين. فقد احتلت بعد ذالك الساحة التيارات الخصوصية, العنصرية و الجهوية و القبلية. فأصبح الشغل الشاغل للقادة العسكريين هو محاولة توزيع الإمكانيات المحدودة جدا بين فلول مراكز السلطة.
  • إن ميلاد حركة الحر في هذا الوقت بالذات كانت تمليه هذه الظرفية. بدأ وعي هذه الوضعية في عناصر قليلة من مثقفي لحراطين و بدؤوا يطالبون بنصيبهم من ما يقوم الحكام بتوزيعه وخصوصا المناسب الإدارية و السياسية. فلو كانوا فضلوا السكوت لتم حذفهم إلى الأبد.
  • فمن ضرب المستحيل التفكير في تحويل الإقطاعيين العبوديين إلى محرري عبيد. فالتاريخ البشرى لم يشهد قط مثل ذالك. أذكر هنا الأخ المحترم ولد بيبكر بأن أسلاف هؤلاء الإقطاعيين المتزمتين هم الذين وقفوا ضد الأفكار النيرة للفقهاء الذين قد أفتوا في ما سبق ضد ملك الرقيق في منطقتنا.
  • يبارك ولد بيبكر ما يسميه سكوت ونجاح شريحة من مثقفي لحراطين عن هذه القضية المتداولة, وفى نفس الوقت يشجب ويستنكر مواقف قادة لحراطين الذين, مهما كانت نواقصهم, يرجع لهم الفضل في فتح ملف قضية ذويهم وكذلك كانوا هم الذين وراء الخطوات التي قد تحققت فى هذا الملف.
  • في مجال الحلول يقترح علينا الأخ المحترم المدرسة الحديثة كأنجع حل لمشكل لحراطين. بدون تردد أوافقه على ذالك. لكن أتسائل أى مدرسة يقترح علينا السيد الفاضل. لا أظن أنها المدرسة العامة فى شكلها الحالى والتي لم تعد تملك من صفات المدرسة إلا الاسم. ونعلم جميعا أن الغالبية العظمى من لحراطين بما فيها العديد من "الصامتين" من مثقفيهم عاجزون عن الولوج إلى حجرات ما يعتبر ناجحا من التعليم الخاص آو مدارس الامتياز. وتبقى مشكلة الأطر القلائل الذين يتمكنون من اجتياز العقبات و يحصلوا على شهادات عليا معتبرة. يقف أمام هؤلاء بؤر النافذين و الاقطاعيين المتزمتين والساهرين على"حسن سير" اى نظام يصل سدة الحكم في هذه البلاد.
  • إن تحطم الاقتصاد الريفي جراء عقود من الجفاف نتج عنه تحرير فعلي للآلاف من الرقيق. وقد توافدوا على المدن للبحث عن العمل المأجور. وهنا استقبلتهم طلائع الشباب الواعون والمتطلعون إلى مستقبل أفضل لبلادنا. فأطروهم وحتى "علموهم الكتابة و الحكمة" وبذلك أعدوهم للمزيد من الوعي لأوضاعهم في العقود القادمة. وهكذا تتحول تدريجيا شريحة لحراطين من طبقة في نفسها إلى طبقة لذاتها, كما يقول أحد كبار المفكرين حول تاريخ الطبقة العاملة.
  • فبعد كل هذه التطورات تتقاعس مظاهر الرق التقليدي حتى الاختفاء وتصبح فئة لحراطين تعانى أساسا من عواقب وأثار الرق أكثر بكثير من الرق نفسه. ويصبح في هذه الحالة التمادي في الحديث عن الرق, قانونيته أو شرعيته هي أفضل وسيلة للابتعاد عن ما يعانيه لحراطين فعلا وهو التهميش و الحرمان من فوائد الدولة و تسهيلاتها في الرقي والاندماج في مجتمع منفتح على المستقبل في جو من السلم والاطمانينة.
  • فلا جدوى إذن من حلول مثل ترقية آدواب أو قرى لحراطين من خلال بعض المشاريع المدرة للدخل, وهذا, من بين العديد من الاعتبارات, لأن آدواب أصبحت اليوم خالية من ساكنتها, خصوصا الشباب و النساء الذين هاجروا إلى المدينة التي يمارسون فيها أعمالا متعددة تدر عليهم بقوتهم اليومي. كذلك يعتبر حلا ذا مردودية عكسية ترقية عناصر مجهولة, وكثيرا ما تكون ناقصة الكفاءة, من لحراطين, ربما لمعاقبة الذين ضحوا بالغالى والنفيس من اجل القضية والوطن.
  • الكل يعلم اليوم أن الدولة حتى في البلدان الأكثر تقدما هي المصدر الرئيسي,و الوحيد في بلاد مثل بلادنا, القادر على إيجاد حلول للمشاكل التي تطرح لأي مجموعة اجتماعية. فالدولة, دورها, هو السهر على التوازنات الاقتصادية و الاجتماعية الأساسية و التي يمكن لأي اختلال فيها أن يؤدى إلى زعزعة الهيكل الاجتماعي برمته. يجب علينا جميعا إذن التحلي بالمسؤولية والجدية في البحث عن الحلول المناسبة لقضايانا. فلا شرف ولا تعلق بالوطن ووحدته, وحتى لا إنسانية لمن يفتقد إلى أدني مقومات الحياة اليومية. فالتوزيع العادل للثروات وإدارة بلادنا هو السبيل الوحيد الذي سيمكن ضعفائنا, من كل فئات مجتمعنا, من اللحق بالركب وتفادى الانزلاقات والكوارث التى نشهدها اليوم في أعرق وأغني البلدان.

1 مشاركة

  • مشكلة لحراطين لم تعد قضية عبيد 4 أيلول (سبتمبر) 2015 19:38, بقلم محفوظ

    شكرا شكرا لاخه لمحترم هاذ هولحك حن زاد لبيظان دكول نتوم مطهدين وزايكن عن لوط بين ألاظلم وعدم وجود دول انك تظلم ولين تمش شور لقضاء تلحكو فاسد ولحل الامد تتوافق علي ذاك لفيه فايد ام لعنف ونته حرطان وان بيظان وذاك كور هاذ مافيه اي فايد وموريتان شعب واحد ولحرطان ولبيظان شء لواحد واير وقيادينه ماهم مد شي من لقطاعين اص حك وي شتقلو ادور الاشي خاص وشكرا لحراطين لفاهمين وشكرا

    الرد على هذه المشاركة

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016