الصفحة الأساسية > الأخبار > ما في العالم أَحْوَجُ من موريتانيا إلي "أَدْمِغَتِها المُهَاجِرَةِ"!!

ما في العالم أَحْوَجُ من موريتانيا إلي "أَدْمِغَتِها المُهَاجِرَةِ"!!

الخميس 14 كانون الثاني (يناير) 2016  12:51

المختار ولد داهي،سفير سابق

كان لي موعد يوم أمس مع أحد مديري القنوات التلفزيونية الخاصة فلما دخلت عليه مكتبه استقبلني بوجهه البشوش و طلب مني الانتظار قليلا علي مقاعد مكتبه فقد انتبذ منه ركنا قصيا غارقا في كتابة و تصحيح بعض التقارير مناديا عَلَيً كل بضعَ دقائق بالصبر و المعذرة شارحا بأنه يضع اللمسات الأخيرة علي تحرير نصوص إعلامية عاجلة و تصحيح و تنقيح أخري.

فلما سألته السؤال المجاملاتي عن ظروف العمل أجابني بأنه حَبِيسُ جدران قاعات الاجتماعات و التحرير لا يجد وقتا للتفكير الاستراتجي المطلوب من المدير العام لقناة تلفزيونية موريتانية حُرًةٍ ناشئةٍ بحاجة إلي التفكير في استراتجية عملٍ و تطويرٍ علي المَدَيَيْنِ القريب و المتوسط مستدركا إعجابه بمستوي استعداد و تضحية و كفاءة فريق عمله القليل عددا شاكيا من العجز عن إثرائه بعناصر جديدة بفعل ندرة المصادر البشرية الكَفُوءَةِ في سوق العمل!!

و قبل ذلك بيومين شكا لي من عَنً لي أن ألقبه دائما "بالصندوق الأسود" للإدارة الموريتانية -إذ هو مستودع الكفاءة و الحيوية و التجربة- من الانهيار الشديد لمستويات المصادر البشرية كفاءة و أمانة إلي حد اضطراره أحيانا إلي الاستغناء عن خدمات العديد من الشباب الحاملين لألقاب و "أَسْفَارِ" درجة الدكتوراة حين بدا له عجزهم المتكرر عن تحرير رسالة إدارية سليمة المبني و المعني لا تتجاوز في المتوسط فقرتين مكونتين من بضعة أسطر بلغة تكوينهم الأصلي!!.

و قد صادف أن قرأت منذ أيام قليلة خبرا يستفسر فيه أحد كبار المسؤولين العرب أحد مساعديه من العقول الموريتانية المهاجرة عن سبب التميز العلمي و المهني لكل الموريتانيين الذين حظي بلقائهم و معرفتهم بالخارج. و من غير شك أن صاحبنا أجاب صاحبه بأن البيئة المهنية و الأخلاقية و الاقتصادية ببلادنا رَاغِبَةٌ عن الكفاءات طَارِدَةٌ لها لذلك فإنه إنما يُهاجر من الموريتانيين الهجرةَ المهنيةَ الدُرَر اللًوَامِعُ و الأكفاء الأفذاذ!!

فلما تزاحمت في ذهني أخبار و أفكار التدهور الشديد للمستويات العلمية و الأخلاقية لغالبية لمصادر البشرية "العَامِلَةِ"Ressources Humaines Actives و المصادر البشرية "الإِحْتِيًاطِيًةِ" Ressources Humaines de Reserveالمتواجدة ببلادنا و الألمعية و النجومية التي تحققها مصادرنا البشرية المهاجرة وجدتني أردد بصوت عال خارج من أعماق القلب لَفَتَ انتباه مَلَإٍ من حولي أَنْ ما في العالم أحوج من موريتانيا إلي"أدمعتها المهاجرة".!!

و لَمًا حملتُ همومي إلي بعض مَظَانِ العقل و التجربة تواتروا علي أن الأغلبية الغالبة من الكفاءات العلمية و الفنية اللامعة تعمل فعلا خارج البلد بالمنظمات و البنوك و الصناديق الدولية أو الإقليمية أو بالجامعات و المراكز البحثية و مكاتب الاستشارات الدولية و الهيآت الإدارية و القضائية ببعض "دُوًلِ الجَارِ ذِي القُرْبَي" و "دُوًلِ الجَارِ الجُنُبِ".

كما أكدوا أن تلك النخب الوطنية المهاجرة ساهمت مساهمات كبيرة في النهضة العلمية و الإدارية و السياسية و الاقتصادية و القضائية،... للعديد من دول العالم و أن أغلبها خرج من الديار "مُكْرَهًا لا بَطَلًا" و زاد أحدهم أن من لم يخرج من النخب المتميزة من الديار ينقسم إلي قسمين قسم حَبَستْهُ ظروف اجتماعية قاهرة خارجة عن الإرادة و آخرُ حَازِمٌ لأَمْتِعَتهِ متأهبٌ و متحينٌ لفرص مناسبة.!!

ولعل من أخطر تداعيات الهجرة الكبيرة للأدمغة الموريتانية التي تَحُزُ في النفس و تُنَغِصُ العيش و تُشَكِكُ في المستقبل و تستنهض هِمَمَ و نُخْوَةَ كل "مُعْتَصِمٍ موريتاني" ما هو ملاحظ في هذا البلد منذ ما يزيد علي أربعة عقود علي الأقل من كون أغلب الاستشارات و المقاربات و أمهات السياسات "تُطْبَخُ" في مَطَابِخِ و مكاتب الاستشارات الأجنبية و من المعلوم أن لا خير في أمة تفكر من وراء الحدود!!!

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016