الصفحة الأساسية > الأخبار > موريتانيا.. جمهورية "وانْطيرْ"

موريتانيا.. جمهورية "وانْطيرْ"

السبت 30 حزيران (يونيو) 2012  00:14

صحيح أن موريتانيا جمهورية إسلامية كما هو موضح في اسمها الرسمي ونشيدها الوطني وديباجة دستورها الأصلي والمعدل.. ولأنها احترمت ذلك الخيار عرفت عبر العالم بعلمائها الذي جابوا أقطار الدنيا حاملين علمهم الذي بهر الجميع، ليكونوا سفراء لبلاد عرفها أهلها ببلاد السيبة، لكنها لم تكن كذلك في مخيلة من عايشوا "سفراءها العلماء". غير أن تلك الصفة وهذه السمعة الطيبة ظلت عرضة لعوامل التعرية اللا أخلاقية التي أعملت نحتها في ثوابت الدين ومكارم أخلاق المجتمع، فتربت أجيال جعلت من الغاية تبريرا للوسائل المختلفة لكسب المال بأي ثمن. ظل الانحراف منحصرا في دوائر بعض الأفراد، رغم تشكيلهم للغالبية الساحقة من المجتمع خلال السنوات الأخيرة، بيد أن الدولة ظلت، على علاتها، تتمسك ببقية أخلاق وشيئ من التقوى، لكنها لم تسلم من استحقاق دخول موسوعة كينيز للأرقام القياسية في مجال اغتصاب السلطة، وليس تداولها، من جيل عسكري لآخر. وعلى مر سنين الانقلابات التي جرت خلال ثلاثة عقود كاملة، حافظت الدولة، المنهكة بسبب الفساد المستشري حتى النخاع، على أدنى حد من بقائها في دائرة الدول المحكومة بنظام يفسد ويصلح، ويخطئ ويصيب. أما الآن فقد اكتملت كافة الشروط اللازمة لاستبدال اسمها الأصلي (الجمهورية الإسلامية الموريتانية) إلى اسمها المستحق (جمهورية وانطيرْ).. وذلك لانشغال حكومتها بالبيع.. والبيع فقط!

فلأول مرة في تاريخ البلاد تباع بطاقة التعريف الوطنية بألف أوقية، وصفحة جواز السفر بألف أوقية (32 صفحة ب30 ألفا، و100 صفحة ب100 ألف). ولأول مرة منذ الاستقلال يحدد سعر لوثيقة الازدياد (100 أوقية)، وتفرض 30 ألف أوقية سنويا على كل أجنبي مقيم على أرض موريتانيا.

ولأول مرة في تاريخ الأمم تصبح القطع الأرضية عملة للتداول، تمنح مقابل تقديم خدمات، وتستعمل في بند المقايضات، كما هو حالها في بناء مطار دولي في نواكشوط. ولأول مرة في تاريخ الدول تلغى المسابقات، ويعتمد النفوذ معيارا للتعيين والترقية، وإن كان هذا الأخير ليس سابقة بحد ذاته، لكن بقاءه كمعيار وحيد هو السابقة.

ولأول مرة في تاريخ علاج الأمراض المستعصية يدفع المريض من جيبه الخاص، بل تضاعف عليه أسعار الأدوية الغالية الثمن أصلا، كما هو حاصل لمرضى الأعصاب والحالات النفسية الحادة، والذين تتكفل دول المعمورة بتكاليف علاج مواطنيها منهم، بدل ما يلاقونه في موريتانيا من إهمال متعمد يدفع إلى تفاقم وضعيتهم الصحية والإنسانية.

إن نظرية الوجود المعتمدة لدى الحكومة تنطلق من مبدأ "أنا أبيع.. إذن أنا موجود"، فسيارات الدولة تم بيعها، والساحات العمومية بيعت، والوظائف الإدارية معروضة للبيع.. ومن يدري فربما يكون الرئيس القادم من يفوز في مزاد علني لبيع كرسي الرئاسة. لقد أصبحنا نعيش في متجر كبير يبيع وينسى أنه باع فيبيع.. إنه "جمهورية وانْطيرْ".

السفير

2 مشاركة منتدى

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016