الصفحة الأساسية > الأخبار > هل قرر النظام الموريتاني الاحتكام إلى الشارع؟

هل قرر النظام الموريتاني الاحتكام إلى الشارع؟

الخميس 17 آذار (مارس) 2016  05:34

صدف ولد احميتي فال

دأب الرئيس محمد ولد عبد العزيز منذ وصوله إلى السلطة،إثر الانقلاب على الرئيس المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله،على تقديم نفسه باعتباره رئيس الفقراء و منقذ البلاد من عهود الفساد،و قد كرس كل امكانياته لتسويق هذين الشعارين و التذكير بهما في كل مناسبة،بل إنه لم يتردد في وصف معارضيه بالمستفيدين من هذا الواقع الذي يريد هو تغييره،و لعل الوقائع و الاحداث المتلاحقة خلال السنوات السبع العجاف(كما يصفها خصومه) قد أتت على صلاحية هذين الشعارين و غيرهما من الشعارات المرتبطة بهما،فقد صمد الرجل في وجه المطالبة بالرحيل،و حوَّل هذا المطلب إلى مادة للسخرية،و تجاهل التسريبات المتعلقة بفضائح النظام المزعومة و حتى تلك الشائعات التي مست من شخصه و محيطه الاجتماعي،كل ذلك لم يغير من ترتيب أوراقه،فظل متكئا على الثقة التي خرج بها من انتخابه في مأموريته الأولى ثم الثانية و الأخيرة (حتى الآن على الأقل)و لأن الاحتكام إلى الشارع لم يكن يوما من الأيام واردا في أدبيات السياسة عندنا،إذ لم تكن المهرجانات و الوقفات الاحتجاجية إلا علامة على انتعاش جو الحرية الذي تعرفه البلاد،فما الذي حدث حتى قرر النظام النزول إلى الشارع موازاة مع المعرضة؟

منذ أن نجح حزب التكتل في تنظيم مهرجانه الموسوم ب(مهرجان التحدي)،و أحرز أكبر تجمع بشري في مكان عمومي خلال العقدين الأخيرين -حسب بعض المراقبين-اهتز الكثير من المسلمات الراسخة (أو التي أريد لها أن ترسخ)عند الرأي العام الوطني و عند النخب السياسية الموالية،حيث بات النظام مقتنعا بإفلاس الخطاب المعارض،و عدم قدرته على إقناع الجماهير بالخروج إلى الشارع،و خاصة بعض الأحزاب التي أصدر النظام في حقها قرارا بالتقاعد،مصورا قادتها تصويرا (كاريكاتوريا) على أنهم (عجزة ثائرون)،و في الوقت الذي كان رئيس الجمهورية خارج البلاد في زيارة رسمية-و ما أخوف الرؤساء عندنا مما يحدث في البلد و هم خارجه-في خضم ذلك كله تمتلئ و سائل الاتصال الاجتماعي بصور الجماهير الغفيرة،خلافا لكل التوقعات الرسمية التي حبس أصحابها ضحكاتهم الخبيثة و هم ينتظرون وقت إطلاقها على رؤوس المتظاهرين،ليجدوا أنفسهم و هم يطلقون بدل الضحكات تنهدات،و بدل السخرية حسرة على ما آلت إليه الأمور،فأي ريح تغيير هبت؟و أي ظروف طرأت لتنقلب الموازين إلى هذا الحد؟

لقد جاءت ردود الموالاة صادمة عندما قللت من شأن الجماهير،و وصفتها ب(الفضولية)،وأن أحزاب(الأغلبية)قادرة على حشد كم بشري أكثر بكثير مما جمعه حزب التكتل.هي معركة لي ذراع مفتوحة إذن،حتى يتبين أي الفئتين أكثر نفيرا.و تتوالى مهرجانات المنتدى،بدءا من الحوض الشرقي و عاصمته مدينة النعمة حيث الخزان الانتخابي المعوَّل عليه،كلما وجدت الأنظمة المتتالية أنفسها في ضائقة انتخابية،مرورا بالحوض الغربي،ثم العصابة،وحيثما حلت وفود المنتدى وجدت وزراء النظام في مواجهة معها،نفس التوقيت و المكان تقريبا،لكن الحقيقة المجمع عليها،حسب المراقبين،هي أن المنتدى استطاع أن يحشد ما لم يستطع النظام حشده،رغم استنفار الوزراء،والولاة،و كافة المصالح الحكومية،و كل وسائل الضغط.لا أعتقد أن النظام قد استنفد كل ما لديه من و سائل للتودد إلى الجماهير،و ما حدث حتى الآن ليس إلا تكتيكا الهدف منه امتصاص غضب الجماهير من سوء أحوالها المعيشية و تدني أداء المصالح الحكومية،حتى تلقي باللائمة على الوزراء الذين استُخدِموا في هذه اللعبة كفدائيين لإنقاذ ما تبقى من كرامة النظام.إن الخطوة الموالية هي الأهم،و قد لمَّح إليها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية،حين ميَّز بين تحركات الوزراء و تحركات الحزب التي سيقدم عليها:افتتاح حملة الانتساب،وتجديد هياكل الحزب،و التركيز على توظيف العلاقات القبلية،و الأهم من ذلك كله عودة الرئيس أو رئيس الوزراء إلى الظهور مجددا،عبر لقاء للشعب،أو مؤتمر صحفي،أو أي شيء يمكن أن يكسر الجمود الحاصل أو يعيد بعضا من الأمل المفقود في حكومة تواجه الكثير من المشاكل.

إن أهم ما يمكن استخلاصه من كل ما سبق هو أن النظام أصبح مقتنعا بأن الشارع لم يعد يثق في سياساته و أن الكثير من الناس بدأ يستمع إلى خطاب المعارضة و يجد فيه ما يستحق الاهتمام،كما يتضح أيضا أن الحكومة باتت تحسب ألف حساب للتململ،و الاستياء،و التذمر،و كل صفات عدم الارتياح المرتسمة بجلاء في وجوه المواطنين بكل فئاتهم و على كل مستوياتهم،و أن الشارع ربما يكون أولى بكثير من الشرعية.

صدف ولد احميتي فال

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016