الصفحة الأساسية > الأخبار > ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات

ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات

الأربعاء 18 تموز (يوليو) 2012  04:21

إن الحدث السياسي الأبرز للأسبوع الفائت هو -بلا شك- عودة محمد ولد مولود، رئيس اتحاد قوى التقدم، العنصر البارز في منسقية المعارضة الديمقراطية، إلى البلد. لماذا يمكن أن تشكل عودة هذا الرجل نقطة تحول في العملية السياسية؟

إن شخصية ومسار ولد مولود يجعلان من الرجل واحدا من أبرز "السياسيين" بكل ما تحمله الكلمة من معاني الاستعداد والمناورة والحنكة والالتزام والنضال... باختصار بكل ما تحمله الكلمة من معان تجعل الإنسان سياسيا وتمنعه من الدوران في العدمية أو في حلقة مفرغة.

وهذا بالتأكيد ما جعل غيابه، خلال الأشهر الطويلة الماضية التي قضاها في الخارج لتلقي العلاج، يلقي بظلاله على المواقف السياسية في البلد، وخاصة مواقف المعارضة التي يشكل أحد عناصرها الأساسية. ولكن كيف لغياب رجل واحد أن يكون وازنا لهذه الدرجة؟

لقد بدأ ولد مولود مبكرا جدا في ممارسة السياسة. كان معارضا لنظام المختار ولد داداه ثم للنظام العسكري. وقد وضعته رئاسته للحركة الوطنية الديمقراطية (أم.أن.دي) في مقدمة النضال في مرحلتيه: المرحلة السرية والعلنية من خلال الأحزاب السياسية.

تعتبر أم.أن.دي مع أم.دي.إي (حركة الديمقراطيين المستقلين)، واللتين كان يقودهما شباب سيشكلون لاحقا تنظيم ضمير ومقاومة، من المنظمات القليلة التي أدانت أحداث 89 وأحداث 90 و91. وقد قام محمد ولد مولود بتسجيل مواقف مهمة في هذه المرحلة. كما أنه كان من بين الشخصيات التي "تحركت" لدمقرطة الحياة العامة من خلال العرائض، ثم من خلال النشاطات.

عندما اتخذ نظام ولد الطايع قراره، كانت حركة ولد مولود إحدى مكونات التجمع الذي أنشأ الجبهة الديمقراطية من أجل الوحدة والتغيير (FDUC) التي أنشأت في وقت لاحق اتحاد القوى الديمقراطية (UFD)؛ وهو الحزب المعارض الرئيسي الذي انصهرت فيه كل القوى المعارضة حينها للنظام. بيد أن الحروب المعوية وطموحات الأطراف وكذلك التقييمات المختلفة للوضع الجيوسياسي من قِبَل القادة، عصفت بالحزب الذي تحول في هذه الأثناء إلى اتحاد القوى الديمقراطية/ عهد جديد بعد اتحاده بأنصار أحمد ولد داداه، مرشح رئاسيات 1992.

ومع زملائه أنشأ ولد مولود اتحاد قوى التقدم الذي دعا فور ذلك إلى إجراء حوار مع نظام ولد الطايع. لكن الأمر لن يحصل إلا في إبريل 2005 عبر منتدى من نوع ما أشرف عليه التجمع من أجل الديمقراطية والوحدة الذي يرأسه أحمد ولد سيدي بابا؛ ابن عم ولد الطايع. وقد أراد القائمون على هذا المنتدى أن يجعلوا منه مكانا لالتقاء الأحزاب التي يطلق عليها "الأغلبية" وأحزاب المعارضة.

إن "التسوية التاريخية" هي موقف عقلاني لدى مناضلي اتحاد قوى التقدم المؤمنين بفضائل الحوار. لقد قام هؤلاء بالدفع قدما نحو فتح حكومة ولد أحمد الوقف الثانية سنة 2008 ونحو اتفاق داكار. وقد ترأس محمد ولد مولود وفد الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية، التي عارضت بشدة انقلاب أغشت 2008. في غضون ذلك تغلب شركاء ولد مولود عليه، مما جعل الحزب ينزلق، معهم، في الراديكالية التي أدت إلى الدعوة إلى فرض رحيل ولد عبد العزيز عن السلطة، وذلك بعد رفضهم، ببساطة، الاعتراف بنتائج الانتخابات.

عندما أصيب ولد مولود بمرضه، كانت الاستعدادات تجري على قدم وساق تحضيرا لمسلسل الحوار الذي أفضى إلى مشاركة بعض أحزاب منسقية المعارضة الديمقراطية ورفض الآخرين لهذا المنهج. وعلى مدى الأشهر التي كان يهتف فيها متظاهرو منسقية المعارضة الديمقراطية بشعار "ارحل عزيز"، كان ولد مولود مريضا جدا في الخارج بسبب حرمان حزبه وشركائه في منسقية المعارضة الديمقراطية من خبرته وكفاءاته في عالم السياسة. فكيف يمكن له أن يساعد في نزع فتيل هذا الوضع.

يتضح بشكل متزايد فشل وعدم اتساق المنهج الرامي إلى فرض رحيل رئيس منتخب بموجب رئاسيات توافقية. وينطبق ذلك على عدم قدرة المعارضة الراديكالية على فرض وجهة نظرها.

لقد تم رفع سقف المطالب عاليا جدا لدرجة أنه من الصعب أن نرى أي تقارب بين الأطراف المتصارعة على الحياة السياسية في موريتانيا. وفكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية تبقى محفوفة بالمخاطر بالنسبة للبلد. ويبدو أن لا أحد، باستثناء من يقفون وراءها، يجدها فكرة جيدة. وعلاوة على ذلك، كيف يمكن الانتقال من موقف الرفض التام والحازم إلى تعاون واضح وصريح؟

هذا ما نحن عليه. وعلى ولد مولود أن يجد طريقة مناسبة لجعل زملائه يعودون إلى طاولة المفاوضات في هذا الوقت الذي يهدد فيه البلادَ الخطرُ القادم إلينا من شمال مالي.

نقلا عن أسبوعية لا تريبين (الافتتاحية)

ترجمة: نور أنفو

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016