كلمة تأبينية لفقيد الأمة الشيخ محمد عبد الله بن شيخنا

نعي إلينا والدنا وفخرنا، علمنا وبدرنا، السيد ابن السادة، والقائد ابن القادة.

أبوك خليفة ولدته أخرى وأنت خليفة ذاك الكمال

ذلكم الشيخ محمد عبد الله بن شيخنا، أحسن الله مثواه، وجعل الجنة مسكنه ومأواه، فارتعدت الفرائص وذرفت الدموع، وتكدر الصفو وقل الهجوع، فقد كان الفقيد رمزا من رموز المجتمع المهتمين بأموره العامة، وقد عرف - تقبل الله منه - بالسعي في تفريج كربات المكروبين، وإنا على ذلك من الشاهدين.

فقد من الله علي بمعرفة هذا الشيخ الفاضل، سليل الأفاضل، فلست أنسى ولن أنسى - إن شاء الله - زيارة شرفني بها زمن المحنة، فكان أول الزائرين والمواسين، وكان لزيارته الأخوية ومحادثته الودية، أثر طيب في نفسي لا أزال أشعر بسعادتي به حتى هذه الساعة.

أتاني هواها قبل ان أعرف الهوى فصادف قلبا خاليا فتمكنا

فقد كان بحق صاحب المروءة المعني بقول الشاعر:

ولابد من شكوى إلى ذي مروءة يواسيك أو يسليك أو يتوجع

غير أن الشيخ محمد عبد الله رحمه الله جمع لي بين الثلاثة، واسى وسلى وتوجع، فجزاه الله عني بالنظر إلى وجهه الكريم، وبالفردوس الأعلى من جنات النعيم.

ومنذ ذلك الوقت توطدت علاقتي بالشيخ رحمه الله، فكنت أبوح إليه بالسر المصون، فينصحني نصح الوالد العطوف الحنون، وقد واساني بالجاه والمال، وربط العلاقة بأفذاذ الرجال، فعل كل ذلك تكرما منه وتفضلا دون أن يحوجني إلى أن أذوق مرارة السؤال.

كساك ولم تستكسه فاشكرن له أخ لك يعطيك الجزيل وناصر

وان أحق الناس إن كنت شاكرا بشكرك من أعطاك والعرض وافر

ظل مهتما بشأن محنتي حتى فرجها الله بفضله، فحق لي أن أتمثل فيه بقول القائل:

سأشكر عمرا ما تراخت منيتي أيادي لم تمنن وان هي جلت

فتى ليس محجوب الغنى عن صديقه ولا مظهر الشكوى إذا الرجل زلت رأى حاجتي من حيث يخفى مكانها فكانت قذى عينيه حتى تجلت

وأنتهز هذه الفرصة لأرفع أخلص التعزية وأحرها، إلى القبيلة جمعاء، وإلى اسرته الكريمة خصوصا، سائلا المولى عزو جل أن يرحم السلف، ويبارك في الخلف، ولازال ذلك النور وتلك البركة في تلك الأسرة الكريمة إلى يوم القيامة، ولا زالوا كما قال السموأل:

إذا سيد منا خلا قام سيد قؤول لما قال الكرام فعول

مخلص ودكم: إبراهيم بن محمد فضل الله ابن أهل أيد