بسم الله الرحمن الرحيم
القبيلة حاضنة اجتماعية تفرض نفسها إلى حين على بعض الشعوب ، و تجاهلها ما دام دورُها محوريا في الحياة السياسية و الإجتماعية ، يذَكّر بسياسة النعامة في تعاملها مع الأخطار .
فلها الكلمة الفصل في تشكل الخارطة السياسية لموريتانيا الأعماق ، إلي جانب دورها المشهود في التعارف و التعاضد و التكافل الإجتماعي . كل ذلك استدعى مني كتابة هذه الخاطرة ، و الإلتفافَ حول المحظور و اقتحام تابوهات يتجنب المثقف الخوض فيها ، غير أنني وجدت في كتاب الله أُسوةً حسنةً حين تحدث عنها كبنية إجتماعية معتبرة تماما كالشعوب التي تعني ساكنة معينة لحيز جغرافي معين "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا " صدق الله العظيم .
انطلاقا من تلك الحقيقة قررت كمرشح لبلدية كيفة إرسال رسالتين :
.. أولاهما للحاضنة التي أنتمي إليها و التي تُمثل ثقلا انتخابيا وازنا مفادها أن ترشحي تحت يافطة حزب التحالف الشعبي التقدمي يجب أن يُفهم في سياقه و أن لا يُعتبرَ نشازا أو خروجا عن المالوف أو تغريدا خارج السرب فلم أرد له ان يفهم كذلك ، فاختلافنا في الرؤى و عملنا ضمن مجموعات قد لا تكون منسجمة في ظاهرها ، هي مسألة طبيعية و صحية .
و نظرية الراعي و القطيع ، و الذئاب التي تتربص الدوائر بالقطيع لتفترس قاصيته و تسلبه مجده التليد ، لم تعدتليق بنخبة مثقفة و ركب من الأشراف يعتبره الجميع قدوتَه و نبراسا ينير له الطريق إلى كل مكرمة و فضيلة .
و الأجدر و الأحرى و الأقوم أن تحل محلها نظرية التعاون و التآخي و التنافس لما فيه مصلحة البلاد و العباد و الغريبِ قبل القريب .
فلم لا نحول هذا البنيان المرصوص الذي بذل أجدادنا الغالي والنفيس لرفع قواعده ،
إلى حرم آمن تُجبى إليه ثمرات كل أعمالنا السياسية مهما اختلفت مشاربها و تشعبت لنكونَ بذلك سباقين إلى حمل مشعل التغيير و راية الإصلاح.
إن انضمام فرد منا لحلف سياسي مغاير لا يعني بالضرورة خروجَه عن الجماعه و لا يعتبر وصمة عار نسمه بها فنطرده كالأجرب خارج القطيع ، فأنتم أسمى و أنبلُ و أذكى من أن تفُتكم فكرةَ أن النحلة و هي تأكل من كل الثمرات و تسلك سُبلَ ربِّها ذللا ، ترجع بما جنته للخلية الأم فيتشكل من ذلك العمل الجماعي شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس .
فلم لا نستفيد من هذا الدرس الرائع - و قد يستفيد الفاضل من المفضول - فنركز على ما يجمعنا و يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ، و لا نحرق المراكب التي أوصلتنا إلى بر قد نراه اليوم بر أمان و يتحول غدا إلى مولى مخافة . فصديقك اليوم قد يكون خصمَك غدا و لكم في التحالفات الأخيرة و الترحال السياسي مُدّكَر .
.. أما الرسالة الثانية فهي لإخوتي في بلدية عشقتها من كل قلبي و امتهنت السباحة عكس التيار حتى أخلصَها من عبث العابثين من " سياسيي المناسبات " ، مفادها أن العداوات المفتعلةَ بين الأشقاء من باب المقولة - فرق تسد - ليست إلا أفيون يخدَر به أهل مدينتنا الحبيبة حتى ينسوا العدو الحقيقي متمثلا في العطش و الفقر المدقع و البِطالة المستشرية و القمامات التي أكتسحت شوارعنا مهددة بانتشار الأمراض و الأوبئة ....
شخصيا لا أعتبر أيا من فاعلي مدينتي و لا وجهائها و لا حتى سياسييها - ممن لم تتلطخ يداه بالمال العام - عدوا لي و لا حتى خصما ، بل على العكس من ذلك أعتبره مراب٦طا على أحد ثغورها ، ينافح نيابة عني حتى يسدَ خلة أو يُشبعَ جائعا أو يُدخلَ الفرحة على من سدت الأبواب في وجهه فله مني جزيل الشكر .
لقد عرفت عدوي الحقيقي فمتى ستعرفون عدوكم حتى لا تذهبَ جهودكم سدى......فلطالما ذهبت سدى...