الصفحة الأساسية > الأخبار > "أنا ابادر إذا أنا موجود"/ الحسن محمد الشيخ

"أنا ابادر إذا أنا موجود"/ الحسن محمد الشيخ

الاثنين 18 آذار (مارس) 2019  15:24

"أنا ابادر إذا أنا موجود"

أنا جرح غائر في جبين المثقف .

أنا الضمير في البلاد السائبة ، بل في بلاد السيبة ،لازلت موجودا لكنني لم أعد اسمع حداء ديلول و لا حديث النخل و لا حمحمة جياد ابن عامر .

ضلت قوافلي منذ عهد سحيق محملة بالملح و الصمغ ، و بالنخوة و الأنفة ؛ فرحت أتلمس طريقا أبحث فيها عن متسع أصدقه و لا يخدعني ، أؤنبه فيسمعني. و عن ذاكرة لا أغيب عنها ؛ فقد غيبوني عن أحزاب ؛ فانبت "التواصل" بينها و ساد الإرتباك سياستها .

وعن مبادرة بدت في مهب الريح مبحوحة الصوت ، و عن أخرى كانت في عين العاصفة يتوعدها الجشع بشق الصف كل حين ، و قد تبعثرت اوراقها في أزقة المدينة تبعثر الفقراء على أرض شنقيط . و عن أخرى جاءت سيئة الإخراج ، مبتورة المقدمات و مبهمة الأهداف ، يتفنن أصحابها في آخر صيحات التزلف.

كثرت المبادرات و المهاترات في هذه الأيام ، فتشابه البقر... و آثرت التسكع بين السطور ، أفتش عن فصاحة منشودة ، عن كلمات أتأبطها في موسم الهجرة كي أزداد كيل بعير . ذلك أنني وجدت النضال قد مات شهيدا خارج أسوار المدينة الفاضلة ، فهو في أرضنا ليس إلا كلمات تلهب حماس الجماهير و تخرس اللسان أمام الإغراءات المادية.

فكانت الحسرة و الأسى تملآن البيادر ، و عصافير الحرث تنتشي طربا من أجل الفتات .

لقد كثرت زقزقتها في كل مكان .. فوق السقوف و تحت السطوح و بين دفتي كتاب.

زقزقة شعب علمته ليالي الحرمان أن يقتات على الصراخ ، و تشرب نخبته الشهد نخب التملق و النفاق.

شعب يتباهى ساسته بطرا بالرياء ، يتبرع سادته لغير ملهوف ، و لا يتورع جلاده عن دوس الكرامة في وضح النهار ، و نشر خطاب الكراهية في المساء.

شعب عاسر المخاض ستين عاما، فما أنجب إلا وطنا يمزقه الفساد و تشوهه خطابات جاهلية منتنة .

لذا أنا أبادر كي أكون موجودا .

الحسن محمد الشيخ

1 مشاركة

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016