الصفحة الأساسية > الأخبار > رحل رجل المكرومات ../ بقلم : الأستاذ إسلمو أحمد سالم

رحل رجل المكرومات ../ بقلم : الأستاذ إسلمو أحمد سالم

الأحد 7 تموز (يوليو) 2019  23:50

أيام و ليال أخرسني فيها الأسى و الوجع و الضياع ، و وقع الحدث عن الكتابة ، و تملكني فيها الفقد و الحيرة و الهم و الألم و الأمل في إعادة تشكيل الأحداث .

رحل الأخ الغالي المصطفى ولد الشيخ و لم يعد ذلك الهدوء الحاني و الحديث الشجي الدافئ يتخلل المكان ، و غابت الإبتسامة الجميلة و الحياء و التواضع، و الرؤية الواضحة و اللغة العفيفة الجزلة ، و الكرم الطافح ، و الصدق و الأناة ، و حسن الاستماع و حلاوة المعاشرة ، و اللين من غير ضعف ، و اللغة المفحمة من غير تعصب و لا غضب .

عرفت المصطفى مذ أصبحت ضيفا على لعصابة ، و عرفت وجها طليقا و رجلا تنازعته كل الفضائل و كل الصفات الحميدة ، و ضببته ثقافته و مدنيته ، و صقلته مكارم الأخلاق و حسن الطباع .

أعلم أن الرجل ابن بئة تتوارث المكارم ، و سليل ينابيع سلسالة من الفضل ترافقت مع الأجيال ، و أعلم أنه تربى في حضن يفرض التميز سلوكا و تعلما و تفانيا في خدمة الناس ، لكنه مع ذلك نحت لنفسه طريقا ستبقى مغروسة في أذهان كل الذين عرفوه و الذين سمعوا عنه .

ستفتقدك الثكالى و الأرامل و الأيتام ، و يفتقدك أنين المرضى و آلام أصحاب الحاجات ، ستفتقدك الكلمات الجميلة المنسكبة لتسحر المسامع ، و الأحرف الذهبية التي ترصع اللغة و تمتع الأفهام .

واكبت أيام العزاء ، و الأيام التي تلتها ، و كشف الكم الهائل من الزوار ، و الأحاديث الكثيرة عن فضل الرجل و مواساته للناس عن مخزون آخر من سيرته المبهرة ، و كشفت الدموع المنهمرة من كل الناس ، و من كل الأجناس أننا أمام رجل عظيم فقده فقد أمه ، و رحيله فراغ في أمة.

الأحاديث و السيرة تسلينا أن الرجل قد رحل إلى الجنان ، فقد وجبت له لفضل و ذكره ، و مع ذلك نتألم لأجلنا و أجل من وقعت عليهم مفاجأة كالصواعق ، و آلمه كيف اختفى الرجل و كيف انه لن يعود .

قالت الصغيرة "أنٌه" إن أباها قد ذهب إلى الجنة ، لكن حيرتها و بريق عينيها لا يخفيان الإنتظار ، و هي لعمري حيرة تصيبنا بالألم في الأعماق ، و لا أخفيكم أنني ، مثل الصغيرة ، أستيقظ كل صباح على أمل أن يكون الأمر كله مجرد حلم مزعج سرعان ما ينقشع ليكون سراب ، لكنني في كل مرة أصدم أن ما أرنو إليه هو مجرد وهم يتبدد ، و أن المصطفى قد رحل ، و أن طريق العودة قد أوصد ، و أن ليس لنا إلا الدعاء .

لا يدرك الصغير "لمرابط" شيئا مما يدور حوله ، و سيتربى في أحضاء أمينة على مستقبله ، و سيكون فخورا ذات يوم بوالده و ما عرف به من فضل و حسن سيرة ، و لكننا في كل لحظة نتقاطع عليه النظرات ، لأن الأب كان يؤمل أن يراه شابا جلدا و قد تعلم و تربى على حسن الخلق و مواساة الناس .

رحل الأخ و الصديق فانهمرت الدموع و اختنقت العبرات ، و زاغت العيون و تاهت الكلمات ، و تأجلت عندنا كل المشاريع ، و تحول فجر لعصابة إلى ليل بهيم ، و تحولت ايامها إلى قطع من العتمة المضرجة بالآهات و الأنين ، و عزاؤنا فيه أنه قد وجبت له الجنة بما قدم لها من عمل شهد عليه الناس كل الناس . و إنا لله و إنا إليه راجعون ..

و لا حول و لا قوة إلا بالله .

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016