الصفحة الأساسية > الأخبار > سرقة الانتصارات

سرقة الانتصارات

الجمعة 18 كانون الثاني (يناير) 2013  05:34

بقلم محمد ولد ماسيرا

يبدو أن الولاء السياسي بدأ بالفعل يطغى على كلما سواه من الاعتبارات بالنسبة لبعض مرتادي الحوانيت السياسية ممن باتوا يعتمدون الغوغائية أسلوبا مفضلا للبحث عن أية مكاسب مهما كانت تافهة وآنية وغير أخلاقية. وفي عرف هؤلاء لم تعد حتى الاعتبارات الدينية –التي كثيرا ما تشدقوا بها- تستطيع ثنيهم عن التلفيق والتزوير ونشر الأباطيل وقول الزور والعمل به حين يكون من شأن ذلك أن يعود بأرباح على الأخطبوط المتعطش للانتصار على عقده وهواجسه وهزائمه!

من بين هؤلاء يبزغ نجم المدعو اعمر ولد حمود وهو يوزع الشتائم يمينا وشمالا على مركزية نقابية لأنها صححت خطأ ارتكبته مركزية أخرى يعتقد هو أنها خير مركزية أخرجت للناس! ويبلغ به الحقد درجة تجعله يدنس رمز المركزية المستهدفة وشعارها ويتلاعب بهما كما لو أن الأمر يتعلق بعدو لدود ينبغي بذل كل الطاقات الممكنة لتدميره والإمعان في الإساءة إليه!

ولو لم يكن ولد حمود مسؤولا في حزب سياسي يكافح في سبيل التعددية والديمقراطية، لمرت تصريحاته باعتبارها نوعا من الهذيان الوقح لا يستحق أدنى اهتمام، لكن صفته السياسية تدعو للتوقف ولو قليلا للوقوف على تهافت "خرجته غير الموفقة" والتساؤل حول مسوغات موقف مماثل من حزب يدرك طبيعة العلاقة بين المجالين السياسي والنقابي ويفترض فيه التحلي بأخلاقيات ينبغي أن تحكم التعاطي والتجاذب بين مختلف الفاعلين في المشهد الوطني.

يتهم ولد حمود الكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا CGTM بترويج الشائعات وبتزوير نتائج انتخابات مناديب شركة MCM، ويتهمها على وجه الخصوص بمخالفة القوانين لأنها "سربت نتائج الانتخابات" والتي هي من اختصاص المقاولة المشرفة على الاقتراع! والحقيقة المؤسفة أن هناك من قام فعلا بارتكاب كلما ذكره، غير أنه بالتأكيد لم يكن الكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا وإنما الجهة التي يدافع عنها ولد حمود والتي تدخل تصريحاته في إطار حملة الشائعات المغرضة التي تطلقها محاولة أن تجعل من الحبة قبة وأن تستغل التأخر في إعلان النتائج لتصفي حسابا مع من يفترض أنه حليف لها!

لماذا لا ينظر هذا المسؤول الاعلامي إلى موقع الكونفدرالية الوطنية للشغيلة الموريتانية ليكتشف من قام فعلا "بتمرير نتائج مغلوطة ومفبركة يدعي فيها زورا وبهتانا تساويه مع بقية المركزيات"، حين يقرأ خبرا تحت عنوان عريض: " CNT M تتصدر مناديب MCM"، يقول بالحرف الواحد: "أسفرت نتائج انتخابات مناديب عمال شركة نحاس موريتانيا MCM التي انتهت في وقت متأخر من مساء الأربعاء 9 يناير 2013 عن احتلال الكونفدرالية الوطنية للشغيلة الموريتانية المرتبة الأولى في المناديب إلى جانب مركزيتين نقابيتين أخريين وجاءت النتائج على النحو التالي :

- مندوبين للكونفدرالية الوطنية للشغيلة الموريتانية CNT M

- اثنين ل UTM

- اثنين لUGTM

- مندوبا واحدا ل CGTM".

من الذي سرب النتائج إذا؟ ومن الذي ادعى بأنه فاز فيها؟ ومن الذي احتفل بهذا "النصر المسروق" في غفلة من المقاولة المشرفة ومن بقية النقابات، حين هلل للنصر في نهاية الخبر المذكور قائلا: "وتعبر هذه النتائج عن تحول جذري في الخريطة النقابية بالشركة بعد موجة النصالات التي تصدرتها الكونقدرالية الوطنية للشغيلة الموريتانية وفقدت في سبيلها الشهيد محمد ولد المشظوفي رحمه الله تعالى، والتي أفضت كذلك إلى تسريح الزميل المندوب العمالي عثمان ولد أكريفيت بشكل قسري وغير قانوني .

وتعتبر هذه أول مشاركة للكونفدرالية الوطنية للشغيلة الموريتانية في الاستحقاقات العمالية بشركة النحاس، كما أنها تعبر عن رضى العمال عن أداء الكونفدرالية في النضالات التي خاضها عمال المعادن في السنوات الأخيرة"؟؟؟؟؟

لا يهم ما إذا كان ولد حمود قرأ ذلك الخبر وسمحت له قراءته بالتعرف على "الجاني الحقيقي" قبل أن يتفوه باتهاماته، كما لا يهم إن كان لم يقرأه أصلا ولم يكن على علم بتفاصيل الموضوع، لأنه مكلف بمهمة ولأن ولاءه السياسي أهم لديه من الحقيقة مهما كانت ناصعة ودامغة بل ومهما كانت قادرة على نسف كلما تنسجه شبكات الغوغائية من أراجيف ومن مكر سيء! لكن ما الذي يمكن أن يكسبه حزب سياسي من وراء هذا التدخل السافر في الحياة النقابية؟ وبأي حق يهاجم مركزية نقابية من أجل سواد عيون مركزية نقابية أخرى؟ وما الذي فعلته الكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا لتستحق كل هذا العداء؟

يبدو أن مشكلة الكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا، تتمثل في أنها تحوز ثقة جماهير العمال وإلا فكيف نفهم كل هذا التهجم عليها لمجرد أنها قامت بتصحيح معلومات مغلوطة؟ فما فعلته هذه المركزية هو أنها بعد "تسريب النتائج المغلوطة" وجدت نفسها مضطرة إلى تنوير الرأي العام حتى لا يقع ضحية التضليل، فكان عليها أن تذكر الجميع بأن "الاعلان عن نتائج انتخابات مناديب العمال من اختصاص رب العمل طبقا لمقتضيات المادة12 من المقرر رقم 6.595 الصادر بتاريخ 4 سبتمبر 1953 و المعدل بالمقرر رقم 7.852 الصادر بتاريخ 9 أكتوبر 1955 و المعدل بالمقرر رقم 10.282 الصادر بتاريخ 2 يونيو 1965 المتعلق بمناديب العمال"، معتبرة أن "تأخير الاعلان عن نتائج الانتخابات يعود الي عدم المام بعض النقابين بمقتضيات المواد 10 و 11 من المقرر المشار اليه أنفا والتي تنص علي أن كل لائحة مترشحة تفوز وفق نظام النسبية بعدد من المقاعد بقدر عدد المرات التي تجمع فيها القاسم الانتخابي، أما المقاعد المتبقية فيتم توزيعها وفق طريقة أكبر المعدلات حيث تتم اضافة مقعد افتراضى إلى عدد المقاعد الحقيقية التى حصلت عليها كل قائمة ثم يستخرج المتوسط الانتخابى لكل قائمة، ويعطى المقعد الباقي لأكثر متوسط فيها. ثم يتم اعادة هذه العملية حتى يتم توزيع كافة المقاعد المتبقية".

وأكثر من ذلك كان عليها أن تواجه الحملة التي تستهدفها من خلال التذكير بأنها "ما تزال تحتل مرتبة الصدارة بين المنظمات النقابية العمالية الوطنية ليس فقط في منجم MCM بل وفي قطاع المعادن علي عموم التراب الوطني و قطاع الخدمات و الاتصالات السلكية و المصارف و البني التحتية و الصناعات و التأمينات الاجتماعية و النفط الطاقة و غيرها من قطاعات الأنشطة الاقتصادية". ذلك كلما قالته الكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا في موضوع يمكن أن تقول فيه أكثر.

فهل يسوغ ذلك كل هذا التطاول الفج من طرف مسؤول سياسي يفترض بقاؤه خارج التجاذبات النقابية؟ أم تراه التعصب السياسي قد جعل ضحاياه غير قادرين على التمييز بين الحقيقة والخيال وبين الحليف والعدو؟ أم هو الانسياق ضمن إطار الحملة الجهنمية التي تقودها السلطة وتوابعها لمعاقبة الكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا على قيادة النضال العمالي ورفضها الرضوخ للاملاءات والابتزاز؟

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016