الصفحة الأساسية > الأخبار >   تداعيات كورونا/الحسن محمد الشيخ

  تداعيات كورونا/الحسن محمد الشيخ

السبت 8 آب (أغسطس) 2020  05:14

 لقد شكل الانتشار السريع لفيروس كورونا مع نهاية شهر دجمبر من العام 2019 في منطقة ووهان بجمهورية الصين الشعبية تحديا كبيرا  للمنظومة الصحية العالمية، و بدت الدول العظمى عاجزة و غير  قادرة على الاستجابة السريعة لتوفير المستلزمات الطبية الضرورية من كمامات و أسرة و أجهزة تنفس و اوكسجين بسبب تزايد الطلب عليها .

و ظهر أنها لم تكن مهيئة و لا جاهزة لمثل هذه الأوبئة الفتاكة، و أنها لم تستوعب الدروس المستخلصة من أوبئة سابقة عرفها العالم مؤخرا و إن كان  بشكل محدود ، وليس كوفيد 19 هذا إلا "فردا" من عائلة السارس الذي ضرب مع مطلع القرن في بلدان آسيوية عديدة .

اليوم وبعد مضي عدة أشهر على هذه الجائحة، لايزال العالم يرزح تحت وطأة الآثار الاقتصادية للجائحة وشبح الخوف من موجة ثانية، بل و لاتزال أغلب بلدان العالم مغلقة والحجر الصحي بها  ساريا دون اكتشاف دواء يقضي أو يحد من سرعة انتشار هذا الفيروس الذي روع العالم رغم ما تبذله  كبريات الشركات الدولية العاملة في مجال تصنيع الأدوية و التي أعلنت بعضها عن تجارب مخبرية متقدمة في سبيل الحصول على لقاح لفيروس كورونا .

صحيح أن الفيروس يصيب الجهاز التنفسي للإنسان و يؤدي أحيانا إلى الوفاة إلا أنه بتفشيه السريع في العالم و انهيار المنظومة الصحية بشكل مفاجئ غير متوقع جعل عدواه تصيب الاقتصاد العالمي بالشلل و الانكماش وفوبيا الانهيار .

  اتخذت بعض الدول مع بداية الجائحة قرارا بحظر دخول المسافرين من و إلى البلدان الاكثر تضررا ثم تبنت سياسة الإغلاق مع تفشي المرض مستفيدة من التجربة الصينية، إلا أن هذه السياسة كان لها الأثر السلبي الكبير على الحركة الاقتصادية العالمية فتوقفت مصانع و مطارات و موانئ، و تم تسريح مئات الآلاف من العمال و كسدت بضائع و تلفت سلع و انهار سعر الصرف و النفط .

 و أمام هذا السيل الجارف النازف للاقتصاد و أمام المطالب الملحة للشعوب بضرورة العيش و تحريك عجلة  الاقتصاد بالتخلي الجزئي أو الكلي عن سياسة الإغلاق كان على هذه الدول أن تعيد ترتيب الأولويات و تعمد مباشرة إلى سياسة التعايش مع كورونا و هو تعايش فرضته الظروف الاقتصادية في المقام الأول  .

لقد بدأت التجاذبات السياسية بالتنمر من الانسان الصيني و التهكم عليه وعلى نوعية مأكله، باعتبار الصين بؤرة التفشي الأولى، و لكن سرعانما صارت  أروقة المكاتب الدولية حبلى بتجاذبات اعمق تشي بحرب عالمية جديدة لم تتحدد طبيعتها .. تجاذبات بألسنة حداد بين صناع القرار في الصين و امريكا كانت أكبر مما تعاورته اقلام الكتاب و الاعلاميين .

 لقد اتهمت الصين الولابات المتحدة الامريكية بحرب بيولوجية ضدها، و قد تمكنت من محاصرة الفيروس في منطقة التفشي أوهان التي تم إغلاقها بشكل غير مسبوق في التاريخ لمدة شهرين .. و لكن فجأة انتشر  الفيروس كالنار في الهشيم في أوروبا و امريكا لتعلنها منظمة الصحة العالمية "جائحة عالمية" و مشيدة في الوقت ذاته بالتجربة الصينية في التعامل معها .     و هو  ما حدا بمديرها العام السيد تيدروس غيبروسوس أن ينصح بمقاربات شبيهة بتلك التي أنقذت الصين ، و هو عذر و موجة ركبها الرئيس الأمريكي  دونالد ترامب فقطع التمويل عن منظمة الصحة العالمية المعني الأول بمحاربة كوفيد19 و غيره من الأمراض متهما إياها بالانحياز للصين ؛ مما يفسر بجلاء أننا في معمعان حرب عالمية ثالثة ، سلاحها بيولوجي بامتياز .

لذا فإنه من الضروري أن تعيد بلادنا ترتيب أولوياتها انطلاقا من موقعها الجغرافي  (الجيوستراتيجي) و بما يتماشى مع متطلبات النظام العالمي الجديد ، فتركز على الاستثمار "الحقيقي" في التعليم و الصحة و في الزراعة و الصيد حتى تكون بلادنا قادرة على المنافسة في الوقت الذي توفر فيه أمنا غذائيا و نفسيا للمواطن .

الحسن ولد محمد الشيخ

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016