استقالة بطعم الإقالة.. أية خيارات أمام الرئيس؟

"بعد عدة أشهر" من تنسيق العمل الحكومي، أعلن الوزير الأول محمد ولد بلال مساء اليوم استقالة حكومته، مقدما تشكراته لكل من رئيس الجمهورية وزملائه الوزراء عبر تسجيل مقتضب جاء في أقل من نصف دقيقة.

استقالة ولد بلال إجراء روتيني يستخدمها الرؤساء كتعبير عن نوع من حفظ ماء الوجه لمعاونين يعينونهم من دون سبب وجيه ثم يقيلونهم أيضا من دون سبب، باعتبار أن الأمر يتعلق بملكية خصوصية يمنحها الرئيس متى شاء لمن يشاء ويحجبها كلما بدا له أنه بحاجة إلى اسم جديد يحمل عنه أوزار تضييع حقوق المواطنين ليتم تسمينه لبعض الوقت قبل التضحية به ككبش فداء حين تسوء الأوضاع.

حصلت الاستقالة بالفعل كإجراء روتيني لكنها هذه المرة تمت بطريقة أقرب إلى الإقالة، بالنظر إلى توقيتها بعد بضعة أيام فقط من انتقادات جارحة للإدارة ومن دعوة مبهمة من رئيس الجمهورية لاستقالة من يشعرون بعجزهم عن إصلاح الاختلالات الملاحظة في أداء قطاعاتهم، ليتضح اليوم بأنه ربما كان يقصد الوزير الأول وبعضا من وزرائه ممن يحبسون أنفاسهم الآن في انتظار قرار القصر.

مهما يكن فإن استقالة حكومة ولد بلال تضع الرئيس أمام خيارات محدودة في ظرفية إقليمية ودولية بالغة القساوة والخطورة وفي ظرفية داخلية تتميز بارتفاع جنوني للأسعار وبحاجة مجموعات عريضة من السكان للدعم الغذائي وبنقص حاد في المراعي، كما تتميز بقرب استحقاقات انتخابية هامة وما يسبقها عادة من ضغوط ومطالب للطبقة السياسية.

ما يحتاجه الرئيس الآن هو وزير أول نظيف ومقنع ولديه تجربة كبيرة في المجالات السياسية والإدارية، بعد أن جرب التكنوقراط واطلع على محدودية آفاقهم وتواضع قدراتهم. وزير أول يحظى بسمعة وبقبول لدى الرأي العام وقادر على قيادة دفة إصلاح جذري يقطع مع التردد والجمود، وعلى التحضير لانتخابات مصيرية بالنسبة للنظام ولرئيسه.

ولعلها فرصة الرئيس الأخيرة لمحاولة تدارك الأخطاء السابقة في النصف الأول من المأمورية، تلك الأخطاء التي لا تتعلق بالحكومة وحدها وإنما بمجمل الهرم السلطوي الذي بات بحاجة إلى يد جراح ماهر تطهره من الرداءة المنتشرة بشكل مرضي داخل صفوفه، وخصوصا من ألئك الذين يعتاشون على الاستعراض وزرع الخلافات وعلى الاختلاس والغش والنميمة.

» آخر التعليقات

» قناة كيفة انفو

» الظوال

» أسعار الحيوان

الإبل

البقر

الغنم

» منبر كيفة

» أعلام