الصفحة الأساسية > الأخبار > سامحينا، يا أمعاء العبيد/محمد فال ولد سيدي ميله

سامحينا، يا أمعاء العبيد/محمد فال ولد سيدي ميله

الثلاثاء 23 نيسان (أبريل) 2013  11:44

يقال في ثقافة احتقار الحمار ان "جلده للعذاب ولحمه للكلاب".. مقولة تنطبق جدا على ثقافة الإقطاع الجديد بخصوص الحمّالين: جلدهم لعصي وهراوات الشرطة، ولحمهم لدود مقابر أحياء الصفيح.. هكذا "نتصور" وهكذا هو الواقع.

مسكينة هي أمعاء الحمّالين، تبكي يوميا لحال أصحابها وهم يحملون على أكتافهم آلاف الخنشات المليئة بمواد يحتاجون، يوميا، لمجرد حفنة منها! ومع ذلك لا يحصلون إلا على روائحها وغبارها وأثقالها ونصف أوقية لا يعرفون هل يجعلونه في دهان لعضلاتهم المرتخية، أم يجعلونه في لقمة صغيرة يطفئون بها جوع أبناء يتكدسون كالقمامة والقــُـمّـل في عريش أقرب إلى الزنزانة النتنة منه إلى أي شيء آخر.

مسكينة هي أمعاء الحمالين! ترثي، خنسائيا، لحال أصحابها وهم يحملون على أكتافهم الأرز، ويعيشون على العلف!.. يحملون على أكتافهم الذرة، ويعيشون على الغثاء! يحملون اللبن ويشربون الماء الوسخ!

مسكينة هي أمعاء الحمالين، تنظر إلى أكتاف أصحابها، ثم تلتفت لتنظر إلى أكتاف الجنرالات، فترى على هذه خنشات الطحين وترى على تلك الأنجم والنياشين، فتتـثنى في حزن مريع متسائلة: متى سيَخِفُّ وزنُ حملي ويَخِفُّ وزن حملهم (من أجل مصلحة هذا البلد المريض)؟..

أمعاء الحمالين لا تعرف الشكلاطه والصلاطه والبطاطس والفول (رغم أنه سوداني). المفارقة العجيبة تكمن في أن أمعاء الحمالين لا تعرف العسل والمذق وحليب "الوردة"، لكن أكتافهم تعرف كل المأكولات والمشروبات!. والمفارقة المضحكة تكمن في أن أكتاف الحمالين تعرف جميع أنواع ألعاب الأطفال، لكن أطفالهم لم يلعبوا قط إلا بعظام الجيـّـفة المرمية في قمامات الأباطرة!.

الحمالون - لمن لا يعرفهم- عبيد عصريون، يعيشون بنصف أوقية، يستغلهم زبانية الإقطاعية الجديدة المتجددة، يبيتون في أعرشة متهاوية، غداؤهم الصبر الجميل، عشاؤهم الصبر الطويل، فطورهم الصبر المرير، ثيابهم الصبر الشفاف، فراشهم الصبر الدفين، دواؤهم الصبر الحزين. وعندما يقولون "آهٍ" نـُـلقمهم القنابلَ لتــُــسكت خريرَ وصرير وموّاء وزئير وخشخشة تلك الأمعاء "المتمردية".

معذرة، أيتها الأمعاء المسالمة "المتمردة" المبتسمة رغم أنف الجوع والعطش والمرض والتيه..

معذرة يا أمعاء العبيد، لقد أكلنا عضلاتِكم منذ الأزل، وشربنا عرقــَـــكم منذ الأزل، ولم نرحم آهاتكم ولو مرة واحدة.. سامحينا يا أمعاء العبيد؛ فلئن عشتِ خاوية، فلقد انتفخت بطونــُــنا من جهد أمهاتٍ هلكــْـنَ تحت شجر الشيح والقيصوم والطلح بحثا عن معزاة ضالة أو علكة يابسة.. سامحينا؛ فلئن غدَوْتِ نحيفة جافة، فلقد شربنا الشـوْبَ والشايَ بجهد آباءٍ ماتوا بين التلال وفي الوهاد بحثا عن عيس وشياهٍ وحبة خمخم.. سامحينا يا أمعاء العبيد؛ فقد جعتِ من أجل أن نشبع وظمئتِ من أجل أن نرتوي.. سامحينا، فأنت الإسهالُ من فرط الجوع ونحن التخمة من فرط الشـّـبَـع..

سامحينا يا أمعاء العبيد، فإن نصف أوقية لا يمثل اعتذارا عن ماضينا المتغطرس، لكنه جهالة أخرى نضيفها إلى قاموس الظلم في انتظار أن يولد من رحم المأساة وطن رؤوف بالأكتاف، رحيم بالأمعاء.

1 مشاركة

  • سامحينا، يا أمعاء العبيد/محمد فال ولد سيدي ميله 23 نيسان (أبريل) 2013 17:32, بقلم محمد حرمه ولد محفوظ

    98 % من امعاء الشعب الموريتانى لا تعرف السلاطة او الشكولاتة ..ولا يتوفر لاصحابها ابسط عمل حتى ولو كان حمل الجبال ..لتعيش وتبقى على قيد الحياة.. كفى ..تاجيجا لمشاعر المواطنين لا شعال نار الفتنة والاحقاد..لتصفية حسابات سياسية مشبوهة..برهن الماضى والحاضر على ان اصحابها لا يحملون فى قلوبهم ذرة من الايمان بالوطن ولا بحقوق شعبه فى الحرية والانعتاق.. فهم طابور خا مس تركه المستعمر خلفه لطمس هوية البلاد والقضاء على اهم عناصر القوة لدى الشعب الموريتانى ..الدين واللغة والانتماء..فالدموع التى يذرفونها اليوم على امعا ء الحمالين المحقين -كغيرهم-فى المطالبة بالانصاف ماهي الادموع التماسيح.

    الرد على هذه المشاركة

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016