الصفحة الأساسية > الأخبار > وثيقة سرية تحدد رؤية لحراطين لمستقبل موريتانيا "المتصالحة مع نفسها"

وثيقة سرية تحدد رؤية لحراطين لمستقبل موريتانيا "المتصالحة مع نفسها"

الأربعاء 24 نيسان (أبريل) 2013  05:09

قالت مصادر صحفية في العاصمة الموريتانية نواكشوط إن خمسة تشكيلات حرطانية تضم منظمات حقوقية وأحزابا سياسية؛ توصلت للتوقيع على ما سمته "وثيقة لحراطين". وحسب مصادر "المشاهد" فإن كلا من حزب التحالف الشعبي التقدمي، وحزب المستقبل، ومبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية (إيرا)، ومنظمة نجدة العبيد، وحركة الحر، قد وضعوا اللمسات الأخيرة لإخراج الوثيقة بصيغتها النهائية خلال الأيام القادمة. وهذا نص الوثيقة كما توصلت بها “المشاهد”: “الجمهــورية الإسلامية الموريتانية شرف – إخاء – عدالة إعـــــــــــــــــــــــــلان من أجل موريتانيا المستقبل الموحدة والمتصالحة مع نفسها بسم الله الرحمن الرحيم مسألة لحراطيـــن: الإقصاء المستمر على الرغم من مضي أكثر من نصف قرن على الاستقلال، لا تزال موريتانيا وهي الدولة المتعددة الأعراق والثقافات بامتياز، لا تزال تواجه تحد حقيقي متمثل في افتقارها إلى عقد اجتماعي جاد ومؤسس على قاعدة الانتماء المشترك لأمة موحدة. فواقع وتاريخ البلد يكرسان في جميع مراحلهما إقصاء سياسيا و اقتصاديا واجتماعيا ممنهجا لمكونة من السكان تزداد أهميتها باضطراد، وذالك على أساس أصولها الاجتماعية. فالحراطين (العبيد والعبيد السابقين وذريا تهم) لازالوا يواجهون أكثر من أية مكونة سوسيو- أثنية أخرى، الظلم اليومي وانسداد الأفاق وانعدام الفرص، هذا فضلا عن الممارسات الراسخة للدولة الموريتانية الحديثة والرامية إلى تحجيم دورهم و إبقائهم في الوضعية المهينة لمواطني الدرجة الثانية. عـلى المستوى الرمزي، يعد الانتماء للحراطين وصمة عار، تمثلت في أن بعض أوساط هذه الشريحة يجدون في أنفسهم حرجا كبيرا في الإقرار بأصولهم، ناهيك عن الاعتزاز أو حتى القبول بها. لذا فإن كسر الدائرة المفرغة لهذه المكابرة المخضبة بالاحتقار و النظرة الدونية، و التي أدت إلى واقع من الغبن الممنهـج، لن تتأتى إلا عبر إعادة تأسيس الجمهورية على قاعدة التقاســم الحقيقي للسلطة والثروة بين كافة أبناء البلد؛ وهو مطلب بات يفرض نفسه أكثر من أي وقت مضى، باعتباره السبيل الوحيد للخلاص من هذا الحيف المستديم والناتج عن تاريخ مرير، ممتد على مدى قرون ولكنه لازال شاخصا أمام أعيننا حتى اليوم. في واقع الحياة اليومية، نلتمس المظاهر الجلية لتهميش لحراطين بشكل بديهي و منتظم؛ و لا يقتصر الأمر على الحريات الفردية والاكتفاء الذاتي الجماعي فحسب، بل يتعداهما إلى القصور الحاصل في الولوج إلي ميادين التعليم والخدمات الاجتماعية الأساسية الأخرى، وبالأخص حين يتعلق الأمر بالثروات الوطنية والحضور داخل هرم السلطة السياسية. و تظل الحالة العامة لهذه الشريحة موسومة بالاستعباد ومخلفاته المتمثلة في التهميش والفقر المدقع، في ظل عدم الاهتمام واللامبالاة من لدن السلطات العمومية. فممارسة الاسترقاق لا تزال حقيقة ثابتة في موريتانيا ما بعد الاستعمار و حتى يومنا هذا، بالرغم من النفي الرسمي وشبه الرسمي للظاهرة. ولقد واصلت الأنظمة السياسية المتعاقبة في البلد تبنيها لمواقف ملتبسة، تخلط بين الإنكار والتحرج أحيانا والتهرب واللامبالاة أحايين أخري، قبل أن توافق الحكومة الموريتانية في سنة 2007 ، بشكل متخاذل وينقصه الصدق، على سن قانون يجرم الممارسات الإستــرقاقيـة. وعلى الرغم من النواقص الجمة لهذا النص القانوني، فيذكر له تجريم الظاهرة نظريا، دون أن يكون لذالك التجريم أثرا تطبيقيا فعليا على أرض الواقع. و لا أدل على عدم جدية الحكومة في تطبيق هذا القانون من كثرة الشجار و المشادات الكلامية التي حصلت بين اللجنة الوزارية المكلفة بشرحه و هيئات المجتمع المدني في كافة الجلسات التي ضمتهم معا. وبالموازاة مع هذا التطور المحتشم، ترسخت أشكالا جديدة من هدر الكرامة والاستعباد الحديث. لقد تزايدت مجموعات لحراطين المدمولين في جيوب الفقر المدقع: سكن غير لائق بداخل أعرشة بائسة، مركونة إلى جانب الأحياء الراقية بنواكشوط حيث يتكدسون على بعضهم البعض في حالة من الاكتظاظ و الاختلاط غير اللائقين. وعلى مستوى الحواضر الكبرى، يعيش معظم أفراد هذه الشريحة داخل “الكبات” )أحياء الصفيح( و الأحياء الفقيرة التي يشكلون جل سكانها. أما أولئك الباقون في الأرياف على مرمى حجر من أسيادهم القدامى، فيعيشون بالبادية في أماكن معزولة )آدوابه( تحت رحمة الفقر و البطالة والجهل ويقع جلهم ضحية لمغريات الانحراف عند قدومهم إلى المدن. وعلى الرغم من محورية الجدل المتصاعد حول هذه المسألة الحيوية بالنسبة لمستقبل موريتانيا والمكتسبات الرمزية للحركة الوطنية المناهضة للاسترقاق، فإن الظروف المعيشية لشريحة لحراطين ـ التي تواصل انحدارا غير مسبوق ـ تنذر بقرع أجراس نهاية النظام القائم ذو الجوهر الظالم والغير قابل للإصلاح، مما سيؤدي حتما إلى تفجير الأوضاع من الداخل في وقت ما. على المستوي الديمغرافي، يمثل لحراطين 45% من مجموع سكان البلد على أقل تقدير ومع ذلك لازالوا الفئة الأكثر تهميشا سياسيا واجتماعيا و ثقافيا. إن هذه المذلة الفريدة و الناتجة عن مصيبة الاسترقاق على مدى قرون، تستمد ماء حياتها من إرادة نظام مولود من رحم الظلم و يتخذ من اللامساواة سلاحه النافذ في صراعه من أجل البقاء. هذا الظلم المتوارث عن عادات و تقاليد اجتماعية بالية، يكرس التفاوت الاجتماعي و الطبقي على أساس الولادة والأصل، و ظل ساري المفعول في كنف الدولة الموريتانيه الحديثة بإرادة من الأنظمة السياسية المتتالية، التي أوجدت هيكلة لإدامة انعدام تكافؤ الفرص بإعادة إنتاج العقلية الهرمية للقبيلة و إحلالها محل المنطق الديمقراطي المفترض للدولة الحديثة. وهكذا، وعلى مدى عقود من الزمن، استخدم سلاح التجهيل والتهميش الاقتصادي على أوسع نطاق وبلا حدود ضد هذه الشريحة من المجتمع مما تسبب في خسائر وصلت إلي حد تحجيم دورها واقتصار جل أعمال أفرادها على الحرف المتدنية الأجـر في المدن و الأرياف. وفي الواقع المعاش، يجـري حـرمان أطفــال لحراطين بشكل لافت من الحصول على التعليم الـلائق؛ ويتم هدر الطفولة الصغرى في القيام بأعمال التسـول والتسكع في شوارع المدن الرئيسية وحتى القرى، مما يشكل دليلا دامغا على ظلم السلطات العمومية في أبشع تجلياته؛ ألا و هو انعدام العدالة في إتاحة فرص متكافئة لتعليم الأطفال في الوقت الذي يفرض الواقع خيارات عكسية تماما. فالغياب الملاحظ للحراطين من أسلاك التوظيف بالقطاعين العمومي وشبه العمومي، هو نتيجة للسياسات المعتمدة من طرف الدولة الموريتانية التي هي ريع خاص وحصري لعصابات الفساد المميزة من ناحية تكوينها الاجتماعي، والواقعة تحت تأثير الضغط الناتج عن سيل منهمر من الطلبات الملحة للتحالف القبلي – العسكري الممسك بتلابيب السلطة. لذا ستبوء كافة محاولات الإنعتاق بالفشل، مادام يغض الطرف عن التخريب المتعمد للتعليم العمومي ويسد الباب أمام أية فرصة للنجاح الاقتصادي الذي هو أساس الرقي الاجتماعي. فخلال الثلاثين سنة الماضية، و بفعل الرشوة و التحايل و نهب الأموال العمومية ومنح عقود و قروض المحاباة من طرف البنوك و المؤسسات العمومية، تشكلت ثروة وطنية خاصة وحصرية لصالح السادة القدامى دون غيرهم، عن طريق استغلال الوظيفة الإدارية والسياسية المضمونة الإفلات من العقاب. و في الوقت نفسه، تم إهمال و تجاهل مئات الآلاف من لحراطين داخل تجمعات )آدوابه و الكبات ( وتغييب الأجيال المتتالية من هذه الشريحة خارج الزمان، في غياهب الثقوب السوداء للتهميش والتجهيل. إن هذه الحالة ليست وليدة الصدفة ولكنها ثمرة للخيارات المقصودة و الواعية لقادة الأمس واليوم الذين يعجز جلهم عن إدراك معنى المشروع الوطني، أي المصلحة العليا للبلد؛ حيث لا يبدو أن لمعظمهم من طموح، سوى المحافظة على القاعدة الجامدة القاضية بإعادة إنتاج امتيازات ماض ولى زمانه إلى غير رجعة. هذه القاعدة التي اجتازت مرحلة الاستقلال و تعاظم شأنها أثناء فترة الحكم العسكري للبلاد. و كنتيجة لتراكم الاحتقانات، يطفو على السطح التمايز المتسارع للنسيج الاجتماعي لما كان يعرف سابقا ب”مجتمع البيظان”، والذي أصبح كيانين قائمين بذاتيهما. ويجد هذا التمايز مبرراته في سياق القنبلة الموقوتة المسماة الظلم والتي يعلمنا التاريخ إنها تنفجر دائما بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار. و بناء على معاينة هذا الواقع المزري و الغير مشرف للجميع ، يجب على النظام العسكري- الإقطاعي الذي يُفرِط في استخدام كافة الوسائل من اجل إدامة سيطرة لم تعد ممكنة، أن يعي اليوم قبل الغد، أن ضحاياه الصامتين و المحتسبين حتى الآن، لم يعد بإمكانهم تحمل أكثر مما كان، وسئموا الصبر ألا متناهي على آلام سببتها أنظمة غير مسؤولة، لا تقيم وزنا لشيء ولا تؤمن إلا بقانون الغاب. إن الهدف من هذه الوثيقة هو تقييم الوضع بعد مرور أكثر من نصف قرن على استقلال البلاد، كما تتجرأ على تقديم مقترحات بغية إصلاح ما أمكن في أقرب الآجال على قاعدة المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان و حقوق المواطن، من أجل المحافظة على السلم الاجتماعي عن طريق نشر العدالة. و لا يغيب عن وعي محرري هذه الوثيقة وجود أشكال أخرى من الظلم و الجور، تتعرض لها فئات و قطاعات واسعة من شعبنا كالفقراء، مهما كانت أصولهم، و الطبقات المسحوقة في المجتمع و بعض مكونات شريحة زنوج موريتانيا و النساء…إلخ. إننا على قناعة تامة بعدم إمكانية تصور حل شامل “لمعضلة لحراطين” إلا في إطار مجهود شامل على درب المساواة و الإنصاف المنطقي و وضع حد للإفلات من العقاب و للامتيازات القبلية التي لا تفيد إلا ثلة قليلة على حساب المصلحة الجمعية و حتى القبلية. الحالة العامة: من أغلال العبودية إلي أقفاص التهميش إن التقييم السابق واللاحق لوضعية لحراطين، يرسم لوحة قاتمة، بادية عليها علامات التلف بفعل الاستعباد والتهميش والظلم. وقد نخر السوس هذا الجسم الهزيل تحت وطأة القبضة الحديدية لنظام مترسخ في الرجعية، غير قابل للنقد الذاتي و بالتالي عصي على كافة أشكال المراجعات الداخلية. وبعيدا عن الخطابات الإيديولوجية أو المتحيزة، فإن نظرة سريعة إلي بعض الأرقام والمؤشرات، تعطينا مقياسا دقيقا وموضوعيا لهذه الحقيقة المحزنة: ت الآلاف إن لم تكن مئات الآلاف من لحراطين – التقديرات غير دقيقة فيعشرا غياب دراسات مستقلة نتيجة الرفض المستمر للحكومات المتعاقبة- يرزحون تحت نير العبودية المقيتة المفروضة عليهم بحكم الولادة، بحكم الحالة الاجتماعية وبحكم الظروف المعيشية مع ما يلازم ذلك من تبعية وارتهان و معاملات غير إنسانية و مهينة كالعمل ألقسري و غير مدفوع الأجر، الاغتصاب والاستغلال الجنسي، التفرق الأسري، الجهل و الفقر،البؤس الاجتماعي و الاقتصادي، التهميش وانسداد الآفاق…إلخ. أكثر من 80% من أصل 1.400.000 من الموريتانيين تحت خط الفقر ينتمون لشريحة لحراطين؛ أكثر من 85% من أصل 1.500.000 أمي في موريتانيا هم حراطين؛ ما يناهز 90% من المزارعين الصغار الذين لا يتوفرون على أرض نتيجة المنح التقليدي أو الاستغلال الإقطاعي و الإسترقاقي لها، هم من شريحة لحراطين؛ أقل من 10% من 30.000 هكتار الممنوحة قانونا والمستصلحة في ضفة النهر، تم منحها لصغار المزارعين المحليين والباقي استحوذ عليه العشرات من الموظفين والتجار ورجال الأعمال المنحدرين في اغلبهم من ولايات غيـر زراعية؛ تتراوح مساحة القطعة الأرضية الممنوحة للمزارع المحلي بين 0,25 و 50, هكتار بينما متوسط تلك الممنوحة للموظف أو رجل الأعمال هي 200 هكتار؛ القرضاقل من 10% من 2 إلي 3 مليار أوقية من القروض الممنوحة سنويا من طرف الزراعي لتمويل الحملة الزراعية هي الحصة المخصصة لآلاف المزارعين المحليين )أغلبيتهم من لحراطين( مقابل أكثر من 90% للعشرات من رجال أعمال الميدان الزراعي)المفترضين في غالبيتهم( و المنحدرين في معظمهم من أوساط ومناطق لا علاقة لها بأي ممارسة أو تقليد زراعي؛ أقل من 0,1% من الفيلات و المنازل الفاخرة بالأحياء الراقية في نواكشوط، يمتلكها حراطين؛ أقل من عشرة حراطين حملة الشهادات من أصل 200، استفادوا من البرنامج الخاص لدمج حملة الشهادات على مستوى سهل”أمبورييه” بروصو؛ أكثر من 90% من الحمالين وخدم المنازل والعمال اليدويين الممتهنين لأعمال شاقة و متدنية الأجر، هم من شريحة لحراطين؛ أكثر من 80 % من التلاميذ المنحدرين من هذه الشريحة لا يكملون السلك الابتدائي وأقل من 5% منهم يكملون التعليم الثانوي؛ أقل من 5% من طلبة التعليم العالي هم من شريحة لحراطين و أقلية قليلة من هذه النسبة تتلقى منح أو مخصصات للدراسة؛ اقل من 2% من طلبة المدارس الوطنية الكبرى) المدرسة الوطنية للإدارة – مدرسة المعادن- كلية الطب- المدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة( ينتمون لشريحة لحراطين و الحال نفسه بالنسبة للمدارس العليا الأجنبية؛ اقل من 1% من الفاعلين الاقتصاديين )نساء و رجال الأعمال الكبار( ينحدرون من هذه الشريحة؛ اقل من 2% من الموظفين السامين في القطاعين العمومي وشبه العمومي ينتمون لشريحة لحراطين؛ على مستوى غرفتي البرلمان لا يوجد سوى عشرة برلمانيين حراطين من أصل 151 منتخب على مستوى هاتين الغرفتين؛ أقل من 15 عمدة من مجموع 216 وأقل من %12 من المستشارين البلديين على المستوى الوطني؛ متوسط وزيران في الحكومات الموريتانية المتعاقبة خلال اخر30 سنة والتي كانت تضم 40 وزيرا أو ما يعادله؛ 20 وزيرا من أصل 600 وزير منذ 1957و حتى 2012؛ فقيه واحد معتمد مقابل المئات من الفقهاء المعتمدين؛ عشرات الأئمة من لحراطين مقابل الآلاف من الأئمة المعترف بهم والمعتمدين رسميا؛ 2 أمينان عامان لوزارات أو مؤسسات مشابهة مقابل40؛ 1 والي من أصل 13؛ 1إلي 2 حاكم من أصل 54؛ 1 إلي 2 رئيس بعثة دبلوماسية من أصل 35؛ 3 إلي 4 مدراء عامين لمؤسسات أو شركات عمومية من أصل 130؛ 2 رئيستان لمجلس إدارة لمؤسسات عمومية من أصل 130؛ اقل من 20 طبيبا من أصل 600؛ اقل من 20 أستاذ جامعي من أصل 300؛ 5 قضاة من أصل ما يزيد على 200؛ اقل من 20 مهندسا من أصل يزيد على 200؛ 10 إداريين مدنيين من أصل يزيد على 200؛ اقل من 30 ضابط سامي من أصل يزيد على 500؛ لا يوجد أي ضابط برتبة جنرال ينتمي لهذه الشريحة من أصل 12 جنــرالا. تجسد هذه اللوحة بما فيه الكفاية حالة الإقصاء و المعاناة من مختلف أشكال النبذ الاجتماعي والتمييز الإداري المتجسدة في التهميش الاقتصادي والسياسي، زيادة على العقبات التي عادة ما توضع أمام ترقية الكوادر القليلة، المدنية والعسكرية، المنتمين لهذه الشريحة. وإذا كان من المفهوم أن يخضع الولوج إلي الأسلاك العليا للدولة (أطباء، مهندسين، قضاة، إداريين… إلخ.) لمعايير أكاديمية، فإنه يصعب القبول بالإجحاف الحاصل فـي الوظائف ذات الطابع السياسي أو حتى الإداري والتي يهمش فيها لحراطين بصفة أنكى واشد. وللتأكيد على ذلك، لنأخذ عينة من 130 مدير أو رئيس مؤسسة عمومية أو شبه عمومية وستجدون أن جلهم ليست لهم من كفاءات أو أحقية بتلك المناصب سوى تفاهمات قبلية أو انتماؤهم لعصابات مافيوية، تحتكر مقدرات البلد على حساب المصلحة العليا للوطن والعدالة والوئام والوحدة الوطنية. ومن المفارقات أن هذه الشريحة ممثلة بما يناهز الــ10 برلمانييـن من أصل 150 في نفس الوقت الذي يردد فيه الخطاب الرسمي على مسامعنا أن البرلمان هو تمثيل صادق للشعب ؛ في حين أن شريحة لحراطين تمثل أغلبية ـ إما مطلقة أو نسبية ـ في كافة الدوائر الانتخابية (المقاطعات) التي يمثلها النواب والشيوخ. ومن مظاهر الظلم الصارخ كذلك حالة الحكومة التي أقصت ممثلي هذه الشريحة حتى شهر دجمبر 1984؛ ومنذ ذلك الحين حددت الأنظمة المتعاقبة نسبة 2 إلى 3 مناصب حكومية لهذه الشريحة من أصــل 40 وزير أو وظيفة نظيرة له. فالفوارق صارخة… والحالة هذه، فان موريتانيا باتت الدولة الوحيدة في العالم التي اخترعت التمييز السلبي المعتمد على تحديد نسبة ثابتة وموغلة في ظلم للفئات المحرومة، بينما يفترض في هذه الحالة أن تتبع منطقا مغايرا تماما يعتمد على التمييز الإيجابي. ومع ذلك فإن الحالة الأكثر تكريسا لإقصاء لحراطين هي حالة المزارعين الصغار الذين لا يمتلكون أرضا والخاضعين لاستغلال الإقطاع والاستعباد المعتمد على تزوير قانون الإصلاح الزراعي لسنة 1983 من طرف السلطات الإدارية والقضاة باسم التضامن الطبقي _ وفي بعض الأحيان التضامن العرقي _ الملفوف في عباءة الشرعية الجمهورية أحيانا، أو تحت غطاء الفتاوي الدينية أحيانا أخرى . ومن أكثر الأمور مدعاة لعدم الاطمئنان، فشل التعليم العمومي الذي كان يعول عليه في السابق كرافعة أساسية لترقية الأفراد وتذويب الفوارق الاجتماعية وصولا إلى المساواة الحقيقية. يجمع الكل اليوم على أن المدرسة العمومية لم يعد بإمكانها التغيير في عمق الروابط الاجتماعية ولا تكوين مواطنين مثقفين صالحين للاندماج في موريتانيا جديدة عادلة وموحدة. ونتج عن هذا الفشل المدوي مدرسة بمعيارين: مدرسة خصوصية للطبقات الوسطى والعليا و مدرسة عمومية لأبناء الطبقات المحرومة والشعبية التي يشكل لحراطين غالبيتها العظمى. و هكذا أصبحت المدرسة تؤدي رسالة معاكسة تماما لرسالتها النبيلة و الأصلية أي بدل أن تكون وسيلة للترقية الاجتماعية و إزالة الفوارق، أمست وسيلة لإعادة إنتاج الواقع الاجتماعي الظالم و تكرس الفوارق الطبقية القائمة. إن حالة الاسترقاق المستديمة وفشل النظام التربوي الذي نتج عنه فشل تعليمي مريع لأبناء هــذه الشريحة ومعاناة ساكنة الريف من مزارعين ورعاة وعمال يدويين، و الإقصاء السياسي والاقتصادي والتهميش الممنهج للطليعة الناشئة؛ كل هذه العوامل مجتمعة جعلت من الضرورات المستعجلة استنهاض الهمم وصولا إلى وثبة وطنية كبرى، مدعومة بإجماع وطني واسع، اجتماعيا وسياسيا من اجل إعادة تأسيس الجمهورية وبناء مشروع الصرح الوحدوي المشترك، خدمة لأهداف التقدم والتنمية الاجتماعية. لقد آن الأوان لإجراء حوار وطني شامل حول مسألة لحراطين من أجل التشخيص الدقيق والمتكامل لأشكال الاستعباد كمؤسسة وكحالة معاشة وكممارسة؛ وبعد ذلك جرد إشكال التهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي للحراطين في كافة دوائر الحياة الوطنية؛ وفي النهاية اقتراح استراتيجيات لمقاومة هذا الإقصاء ووضع السياسات والوسائل العملية الملائمة والناجعة من اجل وضع حد لتهميشهم المستمر. 2. مقترحات من أجل إعادة تأسيس الجمهورية: من التهميش المبرمج إلى المساواة الحقيقية إن التشخيص الأنف الذكر يقودنا إلى صياغة مقترحات وتوصيات في مختلف المجالات من اجل تصحيح التوازنات المختلة ورفع الظلم وتذويب الفوارق. يمكن أن تشكل المقترحات التالية أساسا لإستراتيجية المناصرة والعمل من اجل وضع سياسات عمومية وبرامج محو و إزالة العبودية وآثارها وترقية شريحة لحراطين. وبالمناسبة يجب تنظيم حوار شامل في القريب العاجل، تشرك فيه كافة وسائل الإعلام والخبراء والشخصيات المرجعية الوطنية، والعلماء والفقهاء، من اجل إثراء المقترحات التالية وبثها في كافة أوساط المجتمع. وبعد إثرائها واعتمادها ستشكل نتائج ومقترحات هذا الحوار قاعدة لخطة عمل حكومي هادفة إلى مقاومة كافة أشكال التمييز وعدم المساواة من اجل الوصول لاحقا إلى المساواة الحقيقية بين كافة المواطنين ومكونات المجتمع وخاصة شريحة لحراطين التي تشهد تخلفا لافتا عن ركب باقي فئات المجتمع. إن مقاربة التمييز الايجابي التي نادت بها عدة أصوات وطنية، يجب أن تعتمد دون تأخير. المقترحات العملية هي كالتالي: 1. مباشرة تشاور وطني واسع و في أقرب الآجال، من اجل البحث عن أنجع السبل لوضع عقد اجتماعي حقيقي ومؤسس على قاعدة الانتماء المشترك لأمة موحدة؛ 2. القيام بإصلاح زراعي حقيقي وعلى نطاق واسع، منفذ حسب المبادئ المعروفة: إعادة التوزيع العادل والفردي للأرض حسب مبدأ الأرض لمن أحياها مع التأمين القانوني للملكية و تحصينها ببنود خاصة وتحديث وسائل الإنتاج وزيادة الاستثمار المنتج مع وضع آليات ضامنة لتسويق و مردودية المنتجات الزراعية…إلخ 3. التطبيق الفعلي للقانون المجرم للعبودية والممارسات المصاحبة له عن طريق مراجعة وتفعيل بعض الإجراءات بإنشاء هيئة عمومية مكلفة بهذا الملف وبكافة السياسات العمومية الهادفة إلى تحقيق المساواة الفعلية؛ 4. إنشاء صندوق لتمويل كافة الأعمال المتعلقة بهذا المشروع ونشر تقرير سنوي عن حالة تطبيق هذا القانون مع تنظيم نقاش علني حول محتويات هذا التقرير ونشره في كافة وسائل الاعلام. إن هذا العمل الثلاثي الأبعاد يستهدف الكشف عن حقيقة الاستعباد وتحديد إطار عمل للقضاء عليه وعلى مخلفاته، واعتماد سياسة قمعية صارمة وتصعيد أعمال مناهضة الإفلات من العقاب عن طريق إجراءات تحقيق ومقاضاة سليمة وتوقيف ومعاقبة المخالفين؛ 5. القيام بتحقيق كمي ونوعي، تحت سلطة الدولة وبمشاركة المنظمات المختصة من اجل تقدير حقيقة ظاهرة العبودية ومخلفاتها وتجلياتها؛ 6. الشروع في تنظيم حوار عقائدي كبير تشارك فيه كافة مدارس الفكر الإسلامي حول الخطاب الديني المتعلق بالعبودية، ومراقبة نشر كتب الإجتهاد حول الرق، وكذلك بعض برامج وسائل الاعلام العمومي (إذاعة القرءان الكريم مثلا)والتي تصب في اتجاه إدامة الممارسات العبودية وعدم المساواة بين بني البشر. كما يجب بحث دور بعض العلماء والفقهاء بصفتهم هيئة التشريع للأنظمة السياسية و الاجتماعية الظالمة و الذين تتعارض بعض أطروحاتهم مع تعاليم ديننا الحنيف فيما يخص قيم المساواة والإنسانية والمؤاخاة؛ 7. تأكيد الدور الريادي لافراد شريحة لحراطين المؤهلين في المجالات الدينية والثقافية وتشجيع بروز ائمة وفقهاء ومفكرين وصحفيين وشعراء وكتاب من أجل تغيير الصورة النمطية، وإظهار مساهمة هذه الشريحة في إنتاج ونشر القيم الدينية والثقافية؛ 8. تأكيد مبدأ المساواة بين الشرائح والمواطنين بصفة واضحة ومحددة في الخطابات وفي الإعلانات السياسة العامة للحكومة وللمعارضة، وفي خطط التنمية المختلفة وفي أولويات منظمات المجتمع المدني والشركاء الأجانب. سيقترح مشروع ميثاق من اجل المساواة الحقيقية وضد الإقصاء والتمييز في القريب العاجل لكافة الأحزاب السياسية من أجل إثرائه واعتماده. 9. إنشاء مناطق مختارة للتعليم في المناطق الأكثر فقرا (آدوابة) مع كافة الامتيازات المرتبطة بهذه الحالة من جودة التعليم، من تأطير ومتابعة تربوية، من بنى تحتية ووسائل مالية مناسبة، من تقييم وتحفيز للمدرسين وللتلاميذ ولذويهم، ومن إنشاء للكفالات المدرسية وإعطاء الأولوية لهؤلاء التلاميذ في الحصول على منح في مجالات التعليم المهني والعالي؛ إلى غير ذلك من الحوافز ووسائل التشجيع الأخرى…إلخ 10. الشروع بدراسة جدوائية تمديد نظام التأمين الاجتماعي ليتحول شيئا فشيئا إلى نظام تأمين صحي شامل يأخذ في الحسبان الحالة الراهنة للبلد والمتميزة بوجود أكثر من 80% من الموريتانيين بدون تأمين اجتماعي. وترتفع هذه النسبة لتشمل 100% من الفقراء وعمال القطاع غير المصنف الذين لا يتوفر جلهم على الوسائل المادية لتغطية نفقاته الصحية؛ 11. مراجعة قواعد تقسيم السلطة من أجل إعطاء لحراطين نصيبا من الوظائف العمومية لا يقل عن 40% (بصفة علنية أو بدونها) على مستوى المؤسسات الدستورية والحكومة والإدارة والمؤسسات العمومية والمناصب السامية في الدولة (ديوان الرئيس والوزراء، الادارة المركزية والاقليمية، البعثات الديبلوماسية، مشاريع التنمية، المؤسسات الهامة في الدولة.. إلخ)؛ 12. وضع قاعدة تمنع شغل المنصبين التنفيذيين الأعلى في الدولة (الرئيس والوزير الأول) من طرف شخصيتين من نفس الإثنية من اجل تشجيع تقاسم السلطة. 13. دراسة صيغ مختلفة من أجل وضع تشريع مؤسس على التمييز الإيجابي في بعض الميادين (الولوج إلى المؤسسات ومنح التعليم، التمويل العمومي والاستثمار، والولوج إلى الوظائف العمومية والمأموريات الانتخابية..إلخ). وذلك على ضوء التجارب الناجحة في الدول التي واجهت تحديات مماثلة (الولايات المتحدة الأمريكية، جنوب إفريقيا، الهند والبرازيل، ابريطانيا العظمى..إلخ). 14. وضع سياسات مدعومة بمكانيزمات مؤسسية وقانونية ومالية، من أجل تحقيق الأهداف المتعلقة بالمساواة الحقيقية في كافة الميادين وتأمين متابعة عن طريق آليات تقييم ومؤشرات عددية تحت إشراف البرلمان ومنظمات المجتمع المدني. 15. تشجيع بروز طبقة جديرة من الفاعلين الاقتصاديين والصناعيين المنحدرين من هذه الشريحة وذلك عن طريق تسهيل إنشاء مؤسسات مصرفية ومالية وتصريحات للصيد وقروض وتمويلات لإنشاء شركات ومصانع في المجالات الواعدة من أجل الحد من التهميش المستمر في مجالات الاقتصاد والأعمال حيث يغيب لحراطين مما يشكل أقوى الثوابت الدالة على غبنهم . 16. تشجيع ولوج لحراطين إلى المأموريات الانتخابية وإلى المناصب الإدارية العليا في الدولة ووضع حد للتمييز الفاضح المتمثل في تلك القمسة الضيزى التي يعتمد بموجبها نسبة ما بين 1% إلى 2% من وظائف و مقدرات البلد كنصيب ثابت لما يزيد على 45% من العدد الإجمالي للسكان. 17. الحث و التشجيع الدائم على الضرورة الملحة لحضور نائب برلماني من شريحة لحراطين على الأقل ضمن كافة الدوائر الانتخابية التي تتوفر على تمثيل برلماني من نائبين فما فوق وذلك كنتيجة منطقية للأغلبية المطلقة أو النسبية لهذه الشريحة في كافة مقاطعات البلد. 18. إعادة تأسيس سياسات محاربة البطالة والفقر باستهداف أكثر فاعلية لمناطق الفقر والفقر المدقع وتطبيق آليات إختيارية لصالح لحراطين مع إسناد مهمة محاربة الفقر إلى الهيئة العمومية المشار إليها في النقطة رقم 4 19. وضع برنامج خاص و استعجالي لصالح مئات الآلاف من الشباب غير المتمدرسين وبدون شهادات والذين هم ضحايا انهيار المدرسة العمومية وفقر ذويهم. وتشكل مجالات الزراعة والصيد والمعادن والخدمات، احتياطيات كبيرة للعمل يمكن تنميتها بالإضافة إلى استحداث خدمة جديدة مدنية وعسكرية من أجل إنشاء عشرات الألوف من فرص العمل. 20. وضع أدوات تحفيزية (تخفيضات ضريبية، تخفيف الأعباء الإجتماعية، تخفيف الضرائب على الربحات، الحصول على التمويلات المصرفية الميسرة مع أسعار فائدة منخفضة..إلخ) من اجل زيادة حجم الإستثمار الخاص وتوجيهه نحو المناطق الأكثر فقرا وتشجيع خلق الثروات وفرص العمل. 21. وضع خطة للتكوين المهني لصالح أصحاب المهن الصغرى وعمال القطاع غير المصنف مع فتح باب التمويل العمومي والخاص أمامهم من أجل هيكلة أفضل لنشاطاتهم وتحسين إنتاجهم وزيادة مداخلهم. 22. إعادة النظر في حالة الشركات الوسيطة (مكتب تشغيل اليد العاملة في الميناء BEMOP) من اجل وضع حد لممارساتها المشينة والمشابهة للإسترقاق الحديث المتمثل في إقتطاع 60% من رواتب العمال ظلما وعدوانا وبدون أي سبب وجيه. لذا يجب منع هذه الاقتطاعات أو ووضع سقف لها لا يتجاوز 10% كما هو الحال بالنسبة للمقاييس الدولية أو إسناد تسيير هؤلاء العمال إلى مركزيات النقابات المهنية؛ 23. وضع تصور لبرنامج كبير لإعادة إحياء الثروة الحيوانية ومباشرة تنفيذه لصالح صغار المزارعين والمنمين الفقراء لمنحهم قطيع من الحيوانات يتألف من (15) رأس على الأقل من مختلف الأنواع (بقر، غنم، إبل) حسب مناطق التنمية وخيارات المستفيدين من أجل الوصول لتنمية حيوانية منتجة تزيد الدخل وتقلل الفقر. 24. ترقية سياسات السكن الإجتماعي من أجل تأمين سكن لائق مجهز بالماء والكهرباء للفقراء وإعطائهم فرصة للتملك. 25. دعم منظمات المجتمع المدني المنخرطة في النضال من أجل المساواة الحقيقية ودعم إنشاء معاهد الدراسات الإستراتيجية و الإستشرافية وكذلك المراصد الموجهة لمهمة الدراسات والنشر المتعلقة “بمسألة لحراطين”. 26. تسهيل الظهور الإعلامي لكافة مدارس الفكر، لرجال السياسة والمثقفين ومناضلي القضية من اجل قطيعة حقيقية مع الفكر الأحادي الرجعي والنافي للظاهرة؛ ويمنع منذ عقود أي نقاش جاد لمعرفة حقيقة الرق والتهميش، والذي يريد التعتيم على النظام الاجتماعي الظالم رغم إضراره على الوحدة و الوئام الوطنيين. 27. تخليد يوم التصويت على القانون المجرم للممارسات الاسترقاقية بصفته يوما رسميا للتذكر، تسترجع فيه الأمة ذكريات الماضي وتكرم عبره ضحايا ومناهضي الرق بإنتاج ثقافي متنوع يمجد قيم المساواة و العدالة ومناهضة كافة أشكال التمييز و التضامن و التآخي. وبهذه المناسبة، يستحسن تنظيم حفلات تتخللها خطابات رسمية كما يجب تنظيم نقاشات في وسائل الإعلام، في المدارس والجامعات، و تكريم و توشيح مناضلي هذه القضية النبيلة. 28. استحداث سلطة عليا مستقلة، ومضمنة في الدستور، مكلفة بترقية المساواة الحقيقية ومحاربة كافة أشكال التمييز والتهميش، كما ستكون لها صلاحيات التحقيق والتوقيف وحق التمثيل القضائي لكافة ضحايا التمييز و الاستعباد. ويمكن لهذه السلطة العليا أن تسخر الحكومة أو أية سلطة عمومية حول أية خروقات تلاحظها،قد تمس بمبادئ المساواة أو المعاملة المتساوية لكافة المواطنين فيما يتعلق بالولوج إلى الوظائف العمومية والمأموريات الانتخابية والتمويلات ووسائل الاعلام العمومي…إلخ. يجب على هذه السلطة أن تحرر تقريرا سنويا يرفع إلى رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية وكذلك زعيم المعارضة الديمقراطية. و ينشر نفس التقرير في وسائل الإعلام العمومي و تتم مناقشته على مستوى غرفتي البرلمان. وانطلاقا من هذا التشخيص والحقائق المبينة أعلاه، يأتي هذا الإعلان الذي هو نداء من اجل إعادة تأسيس مشروع سياسي وطني جديد قوامه الإنعتاق الحقيقي لكافة المهمشين مهما كانت أصولهم وعلى رأسهم فئة لحراطين، والقضاء التام على كافة أشكال الظلم والغبن والسيطرة التي يتعرض لها كافة المحرومين في بلادنا. وبالأخص يهدف هذا الإعلان إلى ترجمة وعي جديد لفئة لحراطين وتثمين مكتسبات النضالات السابقة التي تم خوضها منذ تأسيس حركة الحر في مارس 1978، كما يهدف إلى استخلاص العبر من التجارب السابقة وتقديم مشروع نضالي جديد. إن الحركة المدنية الكبرى المتوخاة من خلال هذا الإعلان تندرج في إطار القطيعة الكاملة مع النظام القديم المتميز بالإستعباد و الإقطاع وكذلك فضح استراتجيات التهميش البائدة من اجل خلق الظروف المواتية لثورة اجتماعية وسياسية تحتضنها تعبئة وطنية قوية تتسم بالسلمية والديمقراطية وتشمل كافة القوى السياسية والاجتماعية المنحدرة من كافة المكونات الاجتماعية وتتسامى علي كافة الانتماءات المتحيزة سواء كانت ثقافية أو سياسية أو أثنية أو عنصرية. تشكل هذه الوثيقة نداء من أجل التأقلم مع الوضع الجديد ومع متطلبات المرحلة من أجل تحقيق انفراج بين مراكز القوى من ناحية، والقاعدة العريضة للمجتمع من ناحية أخرى، و ذالك بغية اجتناب التأثيرات المؤذية للشعور المتصاعد بالاحتقان داخل البلد، والذي لا يمكن لأي كان سبر أغواره. إن كافة القوى الوطنية (موالاة ومعارضة) ونشطا المجتمع المدني وقادة الرأي وكل المواطنين المخلصين، مدعوون لإبداء الرأي حول محتوى هذه الوثيقة. وفــي النهاية، ليس لهذه المقاربة من هدف، سوى إشاعة العدالة الاجتماعية وتجسيد المساواة بين المواطنين وتحقيق الوحدة الوطنية على أسس سليمة وراسخة، ناجعة ومستديمة”. والسلام.

الوطن

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016