الصفحة الأساسية > الأخبار > التعاطف الأفريقي مع فلسطين يقلق إسرائيل: "الحقّ" على روسيا!

التعاطف الأفريقي مع فلسطين يقلق إسرائيل: "الحقّ" على روسيا!

الثلاثاء 24 تشرين الأول (أكتوبر) 2023  05:17

كشفت تقارير تزامَن صدورها مع العدوان الراهن على قطاع غزة، عن تكثيف المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، رونين ليفي، الفاعل البارز في ما يُعرف بـ«اتفاقات إبراهيم»، والذي ارتقى إلى منصبه مطلع العام الجاري من أروقة جهاز الأمن الداخلي «الشين بيت»، الأنشطة الديبلوماسية الإسرائيلية في أفريقيا، ولا سيما في غرب القارة.

حيث يتبنّى وجهة نظر تفيد بأن ثمّة فرصة "إسرائيلية" سانحة لتغيير عدد من الأنظمة في دول الساحل والغابون (في وسط أفريقيا)، إلى جانب تعزيز حضور الكيان العبري في عدد من الدول الأخرى من مثل تشاد والكاميرون وأوغندا ورواندا.

ولعلّ ما يصاحب العدوان الحالي من تعاطف شعبي أفريقي كاسح مع القضية الفلسطينية، ومواقف ديبلوماسية مناهضة لإسرائيل (أو غير داعمة لها) لم تألفها الأخيرة منذ حرب تشرين 1973، أثّر على الأداء الإسرائيلي في أفريقيا، والذي تنظر تل أبيب إلى "تحسينه" بوصفه ضرورة لاستعادة نفوذها المفقود، وذلك عبر الصيغة التقليدية المتمثّلة في تنسيق جهودها مع "القوى الاستعمارية" السابقة في القارة، ولا سيما فرنسا وبريطانيا وألمانيا، في ملفّات عدّة، بدءاً من التنسيق الصيني - الروسي في أفريقيا، مروراً بتمدّد نفوذ موسكو في غرب القارة، وصولاً إلى ما تعتبره إسرائيل حرباً إعلامية «موجّهة» ضدّ مصالحها ومجمل وجودها في أفريقيا.

تجديد الاستراتيجية الإسرائيلية في أفريقيا؟

تولّى ليفي (48 عاماً) منصبه في الخارجية عقب استقالة سلفه آلون أوشبيز، منتصف كانون الثاني الماضي، في ما مثّل علامة فارقة في سياسات إسرائيل الأفريقية. إذ كان الرجل عضواً بارزاً في "مجلس الأمن القومي"، ومعنيّاً بشؤون العالم العربي (يتقن العربية تماماً) وأفريقيا، وهو انخرط في عمليات ظلّ مختلفة مرتبطة بسياسات إسرائيل في العديد من الدول الأفريقية، واكتسب خبرات كبيرة من عمله طوال عقدَين في "الشين بيت" (والذي تركّز بشكل كبير على "حماس" وعمليات الجهاز السرية في قطاع غزة)، واختاره رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، مبعوثاً خاصاً له إلى العديد من دول أفريقيا (والشرق الأوسط، ولا سيما مصر)، فيما وصفه وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين بـ"الشخص الأكثر خبرة وإبداعاً في ما يتعلّق بتقوية صلات (إسرائيل) الدولية".

وبالفعل، كان "ليفي" نشطاً للغاية، حتى قبل تقلّده منصبه الحالي، حيث أدّى دوراً مهماً في عودة علاقات دولة الاحتلال مع تشاد (افتتحت سفارة لها في إسرائيل في شباط 2023)، التي شهد نفوذ "الموساد" فيها نموّاً غير مسبوق. كما حضر "تأثيرُ ليفي" في الاجتماع الشهير بين وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، ونظيرها الإسرائيلي، في روما (آب الماضي)، في ما وصفه هو نفسه وقتها بأنه "ثمرة ما لا يقلّ عن عقد من العلاقات الديبلوماسية السرية مع الموساد".

كذلك، نشط الرجل في مجال تكنولوجيا المعلومات وتسخيرها لمصلحة إسرائيل وسياساتها الإقليمية تحديداً، وكان حاضراً بقوة في ما عُرف بمجموعة «I2U2» التي ضمّت الولايات المتحدة والهند وإسرائيل والإمارات، وأشرف شخصياً على إطلاق موقعها الإلكتروني (نهاية الشهر الماضي) الذي يستهدف تمكين الشركات الخاصة من تقديم مقترحات أعمالها للحصول على الدعم من المنتدى المشار له. على أن مراقبين غربيين يتوقّعون أن يؤدي الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني الحالي إلى تعليق مساعي إسرائيل في أفريقيا العام الحالي، "إن لم يكن قد أنهاها بالفعل". وفي هذا الإطار، تَبرز التظاهرات الشعبية الحاشدة التي شهدها المغرب دعماً للقضية الفلسطينية، والتي رُفعت فيها مطالب غير مسبوقة في قوتها بوقف التطبيع مع إسرائيل، فيما تصاعد دعم الدول الأفريقية للمقاومة الفلسطينية على نحو غير مألوف أيضاً.

إعادة تسويق النفوذ: البوابة الروسية

في وقت برز فيه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وبلاده ضمن قائمة أهمّ "الرابحين" من الحرب الحالية في غزة، بفضل تأثيرها السلبي على الدعم الغربي لأوكرانيا، على الأقلّ في المدى المنظور، فإن روسيا ونفوذها في أفريقيا باتا في مرمى النيران الإسرائيلية مباشرة، بحسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" (21 تشرين الأول)، يرصد ما اعتبرته حرباً إعلامية أدارتها روسيا ضدّ فرنسا في منطقة الساحل، وكيف ساهمت هذه الحرب بشكل مباشر - وفق الرواية الغربية السائدة - في إسقاط حكومات في تلك المنطقة. كما يرصد التقرير دور روسيا "الإعلامي" في إسقاط نظام الرئيس البوركيني (السابق)، روخ كابوري، على وجه التحديد، عبر تدشين مواقع إخبارية وقنوات «يوتيوب» ومجموعات على «فايسبوك» تنشر الدعاية الروسية، وتشجيع المؤثّرين المحلّيين على استخدام تطبيقَي «واتسآب» و«تيليغرام» لتنظيم تظاهرات مؤيدة للروس ومدح بوتين، وهي ظواهر قامت شركة الاستخبارات والمراقبة الإسرائيلية «بيرسيبتو» بتنبيه كابوري إلى «مخاطرها» التي تجاوزت "خطر الإسلاميين ومعارضي الرئيس مجتمعين".

ولربّما يمكن وضع المناطحة الإسرائيلية - الروسية في إقليم الساحل (الراهنة والمتوقّع تصعيدها في المستقبل القريب)، في إطار مقاربة روسيا الجديدة للقضايا الشرق أوسطية والأفريقية، ولا سيما بعد حضور بوتين «المنتدى الدولي الثالث لمبادرة الحزام والطريق» (18 - 19 الجاري)، إلى جانب قادة الكثير من الدول الأفريقية والجنوب شرق آسيوية، بمناسبة مرور عشرة أعوام على تدشين المبادرة، وما سبق القمة بساعات من طرح موسكو مشروع قرار أمام مجلس الأمن بشأن الأزمة في فلسطين ينصّ على "إدانة جميع أشكال العنف والأعمال العدائية ضدّ المدنيين وجميع أعمال الإرهاب (في إشارة ضمنية إلى إرهاب جيش الاحتلال الإسرائيلي)"، وتصويت الصين مع بلدَين أفريقيَّين هما الغابون وموزمبيق لمصلحة القرار. وإذ تحظى المتغيّرات «الجنوب عالمية» التي تتصدّرها الصين وروسيا، بقبول واسع النطاق في أفريقيا، في الوقت نفسه الذي تثير فيه مخاوف القوى الغربية وإسرائيل، بما لا يستثني الحرب الدائرة في فلسطين حالياً (لما للأخيرة من سياقات متمايزة)، فإن إسرائيل لن تجد بدّاً، على رغم تهافت سردية وقوع الانقلابات في الساحل بفضل "الحرب الإعلامية الروسية" (حصراً)، والتي تنكر الأسباب الجذرية لهذه الاضطرابات والتحوّلات السياسية المباغتة، من مواصلة التنبيه إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي في إحداث التغيير السياسي، ومن ثمّ حثّ الحكومات الأفريقية على انتهاج سياسات تضييق تسهم في خفض العداء المتنامي ضدّها وضدّ عدد من الدول الغربية.

خلاصة

يُتوقع أن تُقوّم إسرائيل، على خلفية تداعيات الحرب الحالية وتعاظم الرفض الشعبي لسياساتها، أجندتها في أفريقيا وفي إقليم الساحل تحديداً، عبر مطالبة تشاد، باعتبارها آخر المعاقل الحصينة لفرنسا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي في الإقليم، بتقليص "نفوذ إيران وحزب الله في الساحل، كمدخل رئيس لضمان الاستقرار ومنع تصدير الإرهاب"، بحسب تصريحات سابقة لوزير الحرب الإسرائيلي، يواف غالانت، على أن يُضاف إلى بنود تلك الأجندة «تصنيف حماس جماعة إرهابية وتنميط المقاومة الفلسطينية بشكل عام ضمن هذا التصنيف". كما لا يُتوقّع أن يغيّر رونين ليفي من استراتيجيته المعهودة، والمتمثّلة في تعميق أساليب التجسّس والتقصّي وربّما افتعال المشكلات الأمنية داخل الدول الأفريقية، وتقديم إسرائيل نفسها ضماناً استخبارياً لأمن العديد من أنظمة الحكم. كما يبدو أن أنشطة الخارجية الإسرائيلية، التي تشمل تنسيق العمل مع شركاء أوروبيين وإقليميين، إمّا بشكل حكومي أو عبر واجهات أعمال مختلفة، ستضع نصب عينيها ضرورة الدفع نحو انتكاسة في الدعم الأفريقي للقضية الفلسطينية، ضمن حزمة من السياسات التقليدية المتمثّلة في «محاربة كلّ من الإرهاب والتضليل الإعلامي المموّل روسياً وسياسات الصين في القارة»، وعبر سلوك متوقّع متمثّل في نقل تجارب وسياسات ليفي في «الشين بيت» إلى عدد من الحكومات الأفريقية. في المقابل، يُتوقّع أن يحقّق الزخم الذي خرج من رحم الأزمة في فلسطين، تعزيزاً مطّرداً للوعي الأفريقي بحقيقة المواقف الغربية (والإسرائيلية). وبين المسارين، تأتي قدرة الشعب الفلسطيني على المقاومة وهزم العدوان الصهيوني لتشكّل عنصراً مهماً في تحقيق هذا الهدف الأخير.

rimafric

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016