الصفحة الأساسية > الأخبار > لحراطين والبيظان: فرصة نادرة لتفادي ما لا تحمد عقباه

لحراطين والبيظان: فرصة نادرة لتفادي ما لا تحمد عقباه

الثلاثاء 22 نيسان (أبريل) 2014  01:16

محمد سالم ولد الشيخ

تقوم مجموعة معتبرة من لحراطين ، من سياسييهم و مثقفيهم و أطرهم و مناضليهم منذ سنة بدراسة وضعية البلد و تصور الكيفية التي يمكن لجميع مكوناته التعايش السلمي فيه ، دون إقصاء أو ظلم و مع النظر الفعلي والفعال لوضعية هذه الشريحة التي تعيشها أو يعيشها الكثير من أبنائها و التي لم يعد السكوت عنها مقبولا ، لا من طرف الدولة و لا من طرف المجتمع و الفاعلين فيه ، بل أصبحت وضعية حرجة تمس النسيج المكون للمجتمع وتماسكه و انسجامه ، و تهدد بالانزلاق إلى نتائج لا تحمد عقباها ..

هذه المجموعة هي من تشرف على الحراك المدني لهذه الشريحة و صياغة ميثاق الحقوق السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية للحراطين ضمن موريتانيا الموحدة ، وفي سبيل رسم مسارها و إستراتيجيتها للحد من الحيف و الظلم الذي تعانيه هذه المكونة و الذي زاد من تجذره (إصرار الدولة الموريتانية الحديثة في المضي قدما فـي ممارساتها الراسخة والرامية كلها إلى إبقاء جماهير لحراطين تحت وطأة الفقر و الجهل والتهميش و حرمانها من المشاركة الفاعلة في الحياة الوطنية ) حسب بيان المجلس الوطني لمتابعة و توجيه و تفعيل ميثاق لحراطين .. هذه المقاربة التي ترجع المسؤولية الأساسية إلى الدولة التي لم تقم بالجهد الصحيح و لم تقم بالمشاريع البناءة لدمج لحراطين و الأرقاء السابقين ، بل لم تقف وقفة حازمة أمام حالات العبودية التي ما زالت تمارس أمام مرأى و مسمع الجميع ، و ما زالت القوانين الرادعة تطبق بخجل و عدم فعالية ، بل تحابي و تتجاهل الكثير من الجرائم خصوصا إذا طبقت من جهات قريبة من النظام أو داعمة له .

هذا الحراك يفرض على جميع الشعب الموريتاني و خصوصا مكونة البيظان عدة أمور لم يعد من الممكن التهاون بها أو السكوت عنها و إن لم يتداركوها في هذه الفترة و مع هذا التيار المعتدل الوطني و الخبير بتاريخ البلد و مجتمعة _ إن لم يتم تداركها فسيفقد المجتمع و الدولة فرصة ثمينة لراب الصدع و إشاعة الوئام و العدالة و المساواة ، و تحقيق الخطوة الأولى لتكوين و بناء دولة الحق و القانون التي هي الشرط الأساسي لنتعايش جنبا إلى جنب و نشيد صرح دولة تجمعنا و لا تفرقنا نتساوى فيها أمام الفرص و لا يغمط أحدنا حق أخيه ، و من جملة المسائل الضرورية لقيام هذه العدالة هي عدة نقاط منها ما قد قيم به فيجب دعمه و دفعه قدما و منها ما لم يقم به فيجب على الدولة إعطائه الأهمية و الأولية و انجازه في أقرب وقت ممكن ، من هذه النقاط:

1- وقف جميع حالات العبودية و معاقبة مرتكبيها و الضرب بيد من حديد على من يمارسها أو يحاول ممارستها سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة ، و فضح ممارسيها و المتسترين عليها ، لأنها وباء و مرض عضال و لا يوافق الشرع و لا الأخلاق الفاضلة و لا تقره الفطرة السليمة و صاحبه جاهل و عديم خلق و يمثل خطرا على المجتمع و على نسيجه يجب بتره و التخلص منه .

2- إصلاح عقاري يمكن الأرقاء السابقين من امتلاك الأرض التي طالما عمروا و كدحوا من أجل استصلاحها و فلاحتها ، و التي طالما أخذ غلتها أناس لا علاقة لهم بها حتى لا يعرفون مكانها ، و يجب تذليل العقبات التي تحول دون هذا الإصلاح العقاري مهما كانت و خصوصا سيطرة المتنفذين ملاك الأرض و العبيد السابقين و المتمترسين بولائهم للسلطة و اندفاعهم في دعمها و جمع الأصوات الانتخابية لها ن ما يحول دون مس مصالحهم التي ربما هددت مصالح الوطن و المواطنين .

3- مشاريع حيوية و تمويلات خاصة بهذه المكونة و خصوصا في مناطق مثلث الفقر و آدوابة و ليست كالمشاريع التي درجت الدولة على القيام بها و التي من عقدين لم تغير حالة هذه المنطقة و التي تعد خزانا انتخابيا مهما طالما استخدمته السلطة في أوقات الضيق الانتخابي ، و كما يعرف الجميع فمن أعطيته حريته و لم تعطه استقلالا اقتصاديا عن سيده السابق فلا يمكن له أن يمارس هذه الحرية و خصوصا إذا كان قد كبر في السن و فاته قطار الدراسة ، فهؤلاء يجب على الدولة أن تمول لهم مشاريع مدرة للدخل تمكنهم من إغناء أنفسهم و المساهمة في التنمية البشرية على مستوى الوطن كله .

4- التمييز الإيجابي : و هو حل يجب أن تشرف عليه الدولة و برضاء من جميع المكونات الأخرى فعدد الضباط من لحراطين و السفراء و الأساتذة و المهندسين و الأطباء لا يتناسب مع كثافتهم البشرية ، و لذلك يجب تخصيص دفعات خاصة بهم في هذه الكليات و الجامعات أو يمثلون 90% من الناجحين فيها ، و يجب أن تدعم الدولة هذا و تشرف عليه و أن تعطى لهم الأسبقية في المنح الدراسة و في الفرص حتى يقطعون شوطا مهما في سبيل أخذ فرصتهم التي طالما حرموا منها _ عن قصد أو عن غيره _ و التمييز الإيجابي معروف على مستوى العالم للشرائح و المكونات التي لم تأخذ حظها الكافي .. هذا إضافة إلى تحريم أعمال السخرة التي يقوم بها أبناء هؤلاء و تحول بينهم و الدراسة لإجبارهم على التمدرس و مواصلة الدراسة .

5- حملة وطنية يقوم بها العلماء و المثقفون و الوجهاء و الوزراء و الرئيس هدفها محاربة وباء العبودية و مخلفاته و جميع العادات السيئة المرتبطة به ، كما تعلي من شان المواطنة و المساواة و العدالة ، و توجه الدولة إلى إقامة مهرجانات و ندوات و مواسم كلها مخصصة لمكافحة هذه الظاهرة و الحض على شجب جميع انواع التمييز و التفرقة و العنصرية و تقوية اللحمة الوطنية و منعه النسيج الوطني بين جميع المكونات .

هذه الخطوات و خطوات أخرى قد يذكرها البعض هي الكفيلة بتجنيب البلد ما يهدده من تفرقة و عدم انسجام و عدم تآخي قد يهدد لحمته و يهدد مستقبله ، و هذه المقاربة هي ما تعمل عليها اللجان المشرفة على صياغة الميثاق الخاص بلحراطين ، و لكن صراحة لا يمكن أن ينجحوا في هذا الجهد ما لم يدعمهم المثقفون و العلماء و الأطر من البيظان لأن القضية قضية وطن ما يهدد شريحة يهدد الأخرى بالضرورة ، و لأنه لا يمكن أن تعيش مكونة دون المكونات الأخرى و لا تنمية لإحداهن دون الأخرى ، و لذلك فميثاق لحراطين يعني البيظان بالدرجة الأولى ولا يمكن نجاح هذه المجموعة دون أن ندعمها و نشد على أزرها بدعم خطابها و الخروج معها في المسيرة التي تنوي تنظيمها ، حتى نتجاوز جميعا خطاب الكراهية الذي يؤججه البعض لأغراضه السياسية و مصالحه الضيقة ، و لم يحقق القيمون عليه أي شيء لهذه الطبقات الفقيرة سوى حملات التحرير الكرنفالية التي يقومون بها لبعض العبيد و يسوقونها للخارج أكثر من المعنيين بها ، بل إنهم يهتمون بالسياسة أكثر من الحقوق المدنية ، و يريدون إقامة دعاية سياسية ، ستزيد الهوة بين مكونات الوطن ، متناسين أن من يريد قيادة وطن يقود الجميع و من يريد البناء لا يهدم .

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016