ظل ولاية لعصابه عموما و مدينة كيفه خصوصا عصية على محاولات التطبيع بين أقطابها المتنافرة دوما، و ذلك بسبب طبيعة نسيجها الاجتماعي وعمقها التاريخي، ويتجدد المشهد السياسي بكل بتعقيداته مع كل مناسبة سياسة حيث يبدأ إخطبوط التحالفات السياسية يرسم لوحته مخلفا تعقيدات بعضها تقليدي وبعضها نابع من تحديات المرحلة.

ومع أنه ﻣﻦ المعلوم أن الانضمام إلى ﺗﺤﺎﻟﻒ، يقتضي غالبا أن ﺗﺨﺴﺮ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ أو اﻟﺤﺰب ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ واﻟﻘﺮارات اﻟﺘﻜﺘﻴﻜﻴﺔ . ورﺑﻤﺎ ﺗﺨﺴﺮ أﻳﻀﺎ" هوﻳﺎﺗﻬﺎ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ أو أﺳﻤﺎﺋﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة الانتخابات ، وهو ما يمكن أن ﻳﻔﻀﻲ إلى اﺧﺘﻼف أو ﺷﺠﺎر ﺑﻴﻦ أﻋﻀﺎء اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ، إلا أن الاتفاق على وجود تفاهم حول صيغة واضحة لصنع القرار، وحل النزاعات وفق أهداف محددة، وبإجراءات شفافة و واضحة، يبقى المقاربة الأكثر نجاعة في إدارة التحالفات السياسية أثناء فترات الحراك الانتخابي .

وإذا كانت الزيارة الأخيرة للمرشح ولد عبد العزيز لمدينة كيفه عاصمة ولاية لعصابه شكلت مناسبة لعودة " القطيع " بعد رحلة شتوية قارسة حيث تقاطر الأطر و الوجهاء من أبناء الولاية من كل حدب وصوب للتعبير عن ولائهم للمرشح الرئيس، و اغتنام الفرصة لتحقيق بعض تطلعاتهم، فإن البعض لم يتمكن فيما يبدو من السيطرة على غضبه واختار الوقت غير المناسب لينفجر غضبا أمام الرئيس لحظة الوداع محملا المنسق الجهوي لحملة ولد عبد العزيز الوزير السابق الشيخ سعد بوه كمرا مسؤولية الاختلافات الناتجة عن تنظيم لقاءات الرئيس، والتي غالبا ما تنجم عن تدخل لاعبين كبار من وراء الستار (جنرالات و وزراء ،مدير بروتوكول، ورجال الأعمال مقربون..)، وهو الامر الذي سيزيد ربما من صعوبة مهمة إدارة الحملة في تسيير هذا "القطيع" غير المتجانس لأن بعض عناصره قد تم تسمينها بشكل سريع وتجد صعوبة بالغة في البقاء داخل الحظيرة، وبعضه الآخرعجافا ،خاصة في ظل شح الموارد المالية الذي يتحدث عنه البعض.

و رغم أن بدايات التنسيق لهذه الحملة كانت ناجحا إلى حد ما حيث وفقت إدارتها في استقطاب بعض العناصر التي كانت تعتزل الحراك السياسي و أخرى معارضة ( جماعة ولد مرزوك ومنت سيديني و أهل الغوث) فإن عناصر أخرى قد تتسرب من هذا التحالف بعدما حرمت من لقاء الرئيس.

يبقي التحدي الأبرز أمام منسق حملة ولد عبد العزيز في كيفه هو إمكانية التأقلم مع عودة القطيع و السير به نحو تحقيق الغايات.

حفظ الله لعصابه وأهلها و كيفه و أحلافها.