الصفحة الأساسية > الأخبار > مساهمة في الجدل الدائر حول تغيير العطلة

مساهمة في الجدل الدائر حول تغيير العطلة

الثلاثاء 16 أيلول (سبتمبر) 2014  06:46

بقلم :محمد المختار ولد بلاتي باحث فى القانون والعلوم السياسية بتونس

تعيش بلادنا هذه الايام جدلا واسعا على خلفية قرار الحكومة القاضي بالعمل يوم الجمعة. ولعمري فان قرارا كهذا لا يتطلب تبريرا من طرف الحكومة ولا تعليقا من طرف الكتاب والراي العام ،فهو قرارسيادي اتخذته حكومة دولة مسلمة لمصلحة اقتصادها وتقدم شعبها ومواكبة ايام العمل في الدول التي تقود الاقتصاد العالمي.

فبلدنا يعيش حالة خطيرة من البؤس جعلته فى ذيل دول العالم من حيث الفقر والتخلف ، ففي تقرير صادر اخيرا عن منتدى الاقتصاد العالمي ،احتلت بلادنا المرتبة 141 لمؤشرالتنافسية لسنة 2014 ،من أصل 148دولة ،و بخصوص الأمية فحدث ولاحرج ،ففى تقرير صادرعام 2004 عن المركز الموريتاني لتحليل السياسات التابع لوزارة الشؤون الاقتصادية ، تراجعت نسبة الامية عام 2000 من 67 إلى نسبة47 بالمائة. كما يجب ألا ننسى أحياء الصفيح التي تحيط بعاصمتنا والتي تمثل امتهانا لكرامة الانسان،ناهيك عن المستنقعات والبرك التي تجتاح العاصمة نتيجة غياب صرف صحي ،هذا علاوة على مشاكل التعليم والصحة وضعف البنى الاساسية ،أو ليس حري بنا أن نسعي لتغييرهذا الوضع ؟ نحن حقيقة فى وضعية صعبة جدا تحتم علينا أن نعمل على مدار الاسبوع وعلى مدار الشهر وعلى مدار السنة ،وبدون كلل وبدون راحة، وبكل جد وبكل عزم ، لعلنا نقترب من اللحاق بركب الامم المحترمة التي حققت كرامة الانسان، أولعلنا نحقق انجازا ملموسا لشعبنا وأمتنا ،قرار الحكومة الأخير بإلغاء عطلة الجمعة يصب في هذا الاتجاه ،وكما أشرت ،كان من الأولى ألا يثير قرار كهذا جدلا، فلعمري إنه لقرار يدعمه الكتاب وتؤكده السنة ،ويقول به أئمة الهدى ويطابق قوانين البلد: . القران الكريم لا يمنع العمل يوم الجمعة: أولم يقل ربنا سبحانه وتعالي في سورة الجمعة << يأيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلوة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون فإذا قضيت الصلوة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون.>> فهذه الاية الكريمة لم تترك مجالا للراحة يوم الجمعة لا قبل الصلاة ولا بعدها فتحريم البيع - ويساويه اي عمل منتج- و قت النداء للجمعة ،يعني أن البيع كان جارعلى قدم وساق ،وتم تحريمه عرضا عند النداء الاخير وصعود الامام المنبر، وكما بينت الاية الكريمة ،فإنه بانقضاء الصلاة على المؤمنين الانتشار في الارض ابتغاء العمل وتحصيل الرزق ،فلا راحة قبل صلاة الجمعة ولا راحة بعدها ،فلربما يكون العمل يوم الجمعة له بركة خاصة الله يعلمها ،فقد ذكر ابن كثير عند تفسير هذه الاية عن بعض السلف أن من باع واشترى يوم الجمعة بعد الصلاة بارك الله له سبعين مرة. السنة المطهرة تقر العمل يوم الجمعة: ورد في موطإ الامام مالك أن عثمان بن عفان رضي الله عنه دخل المسجد يوم الجمعة وأمير المومنين عمر يخطب على المنبر،فقال عمر مخاطبا عثمان أية ساعة هذه، فقال عثمان يا أمير المومنين انقلبت من السوق فسمعت النداء فما زدت على أن توضأت ، فقال عمر والوضوء أيضا ... قال الباجي صاحب كتاب المنتقى في شرح هذا الحديث < وقول عثمان يا أمير المومنين انقلبت من السوق فسمعت النداء إظهارا منه لعذره المباح له الاشتغال به ،لأنه قد يقيم لعقد بيع أو شغل إلى وقت النداء ،وفيه أن البيع ليس ممنوعا ذلك اليوم إلى حين وقت النداء ،والأصل فيه قوله تعالى :<< يأيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلوة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع >> وهو يدل على الاشتغال به إلى ذلك الوقت وإلا لم يصح تركه> أئمة الهدى يكرهون ترك العمل يوم الجمعة: روى الفقيه اشهب فى العتبية عن مالك بن انس أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يكرهون ترك العمل يوم الجمعة على نحو تعظيم اليهود للسبت و النصارى للأحد. ونقل عن الفقيه اصبغ من المالكية قوله ،من ترك العمل يوم الجمعة استراحة فلا بأس به ومن تركه استنانا فلا خير فيه ،ولهذا قال خليل بن اسحاق المالكي في مكروهات الجمعة < وكره ترك طهر فيها و العمل يومها> فهذه الاقوال تفند شرعية اتخاذ يوم الجمعة عيدا شرعيا ،أما أن نتخذه راحة عادية كأي يوم أولانتخذه كذلك ،فهذا كله جائز ،والمدار على ما يحقق المصلحة . ثم إن هذا القرار من الناحية القانونية هو قرار إداري تنظيمي يدخل تماما ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية المكفولة له بموجب الدستور خاصة المادة 32 التي تعطيه ممارسة السلطة التنظيمية ، فمادامت المادة 57 من ا لدستور المحددة لمجال القانون لم تسند للبرلمان صراحة سلطة تحديد العطل ،فذلك يعني ان هذه السلطة تعود تلقائيا لرئيس الجمهورية طبقا للمادة59 من الدستور التي تقضي بأن المواد الخارجة عن مجال القانون تدخل فى مجال التنظيم. وحتى لو اعتبرنا ان نظام العطل ،يدخل ضمن الضمانات الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين ، وهي من اختصاص البرلمان ،فلامانع قانونا من أن تتدخل السلطة التنظيمية في مجال القانون طالما لم يرفض البرلمان لدى المجلس الدستوري هذا التدخل ،انطلاقا من مبدإ الفصل بين مجال القانون ومجال التنظيم ،ولقد أشار فقهاء القانون الدستوري إلى كثرة تدخل السلطة التنظيمية في مجال القانون خاصة في فرنسا والدولة التي تحذو حذوها،ويعود ذ لك أحيانا إلى امتلاك الحكومة لوسائل وخبرات لايمتلكها البرلمان. بالنسبة لي كان الاولي أن تنصب كتابات الكتاب وانتقادات المنتقدين علي المخالفات أوبالاحري الجرائم الشرعية والاخلاقية الصريحة التي بدت تغزو مجتمعنا منذ عقود فماذا قلنا عن ظاهرة تزوير الادوية وماذا عن الثراء بلاسبب ، وانتشار المخدرات وبيع الخمور،وماذا تحوي الشقق المفروشة والسيارات المظللة ، (...)... لم أسمع أي تعليق ولا أي تنديد بمثل هؤلاء ،إلاماقاله أحد الرؤساء السابقين لهذا البلد من أن موريتانيا بدلا من مليون شاعر تحولت الى بلد مليون سارق ، فلم تكد قدما هذا الرئيس تطأ ارض دولة الا وتلقى شكاوى تتهم موريتانيا بتهريب أموال بنك أو شركة منحته ثقتها . إنها وضعية مقلقة حقا ومزرية جدا لكن لا أحد يعلق . فاذا كنا لا نعلق على كل هذه المساوئ ،فلم التعليق وإثارة الجدل وإرباك الدولة حول قرار عادي اتخذ لمصلحة اقتصادنا مادام لايخالف ديننا . يبدو أن الجدل حول هذه القضية لايحمل غيرة على الدين ولا اهتماما بالمصلحة العامة بقدر ما يحمل أبعادا أخرى منها السياسي ومنها الفضولي ، ولا نستبعد الفهم السقيم للشرع الاسلامي الحنيف والتنطع واتباع الهوى ومنازعة الامر اهله . يجب أن نبتعد عن كل ذلك ونتجه للعمل.

اضف تعقيبا

الأخبار قضايا تحاليل تقارير آراء حرة اصدارات مقابلات أعلام هواتف تهمك منبر كيفة أخبار الجاليات الظوال أسعار الحيوان صور من لعصابه قسم شؤون الموقع والوكالة تراث دروس كاريكاتير نساء لعصابه قناة كيفة انفو سوق كيفة
صفحة نموذجية | | خريطة الموقع | متابعة نشاط الموقع RSS 2.0
جميع الحقوق محفوظة لـ " وكالة كيفة للأنباء" - يحظر نشر أو توزيع أو طبع أي مادة دون إذن مسبق من الوكالة ©2014-2016